العدد 56 - حتى باب الدار | ||||||||||||||
صيغ مثل الجهات «المعنية» أو الجهات «المختصة» أو الجهات «ذات العلاقة» أو «ذات الصلة»، هي مفاهيم إبداعية في مجال ممارسة ما يعرف في الأردن بـ«النقد البناء»، وتعد أمثلة جيدة على عدم شخصنة المسائل قيد النقاش، وهي أي «عدم الشخصنة» ممارسة مرغوبة علنياً عند الأردنيين، رغم أنهم من الناحية الفعلية لا يشفي غليلهم سوى ذكر الأشخاص وربط أية ملاحظة بشخص معين. فقد يتم اتهام الجهات المعنية ومطالبة الجهات المختصة، وقد يتم لومها والسؤال عن سبب غيابها، وقد تقول بوضوح إنها مقصرة وإنك تحملها كل المسؤولية في أي شأن تريد، ولكن ليس بالضرورة، في أي حال من الحالات، العثور على أي من هذه الجهات المعنية او المختصة أو ذات العلاقة والصلة. وعندما تُسمع واحدة من تلك العبارات فإن أحداً لا يعتبر نفسه مقصوداً بها، بل إن أي جهة لا تعتبر نفسها مشمولة بالكلام عن الجهات المعنية أو المختصة أو ذات الصلة والعلاقة، وقد تستمع كل الجهات إلى شتى صنوف الملاحظات والانتقادات من دون أن تغضب او تحتج أو تدافع عن نفسها، بل قد يشارك منتسبوها في توجيه مثل تلك الانتقادات والملاحظات. تنطوي مثل تلك العبارات على معانٍ غير مباشرة مرغوبة على الصعيد الشعبي مثل «حيشا السامعين» أو «تِكْرم من هالطاري»، مما يجعل من يستمع إليها يشعر بقدر من الرضى، لأنه يعتقد أنه مستثنى من المتضمنات السلبية في تلك العبارات. إنها صيغ تقود إلى توزيع أكثر عدالة للاحتجاج، عن طريق جعل قدر كبير من هذا الاحتجاج موجهاً إلى العموم، فتتحقق رغبة المحتج وفي الوقت نفسه لا يكون لهذا الاحتجاج أثر مزعج على من يوجه ضدهم. |
|
|||||||||||||