العدد 9 - استهلاكي | ||||||||||||||
تشهد أسواق التدفئة والمحروقات دربكة لجهة التسعير، العرض والطلب مع تهافت المواطنين على تخزين المحروقات والبحث عن بدائل للتدفئة أقل كلفة على محافظهم المتآكلة. مع اقتراب تعويم أسعار المحروقات، يحاول سكان عمّان وسائر المحافظات التكيّف مع واقع جديد فرضته عليهم الحكومات المتعاقبة. فالقفزات الأخيرة في أسعار السولار والكاز رفعت صبغة «الخيار الأمثل» عن المدافئ التي تعمل على هذه المشتقات، إذ لجأ العديد إلى الحطب، وجفت الزيتون، والكهرباء. لجوء الأسر إلى الغاز بعد أربعة ارتفاعات في أسعار الكاز والسولار خلال السنتين الفائتتين يتجه الآن إلى التراجع لصالح أجهزة التدفئة الكهربائية مع قرب مضاعفة سعر قارورة الغاز المنزلي. تجار المدافئ الكهربائية والمكيفات يؤكدون أن مبيعاتهم قفزت 50بالمئة خلال الأشهر الماضية في موسم يفترض أن تتراجع فيه مبيعات مثل هذه السلع. على أن متخصصين في قطاع الطاقة يحذرون من أن ارتفاعاً مرتقباً على فاتورة الكهرباء سيضاعف كلفة التدفئة بالكهرباء 5 مرّات على الأقل، لا سيما أن الحكومة أعلنت في خطاب الثقة أنها بصدد رفع تعرفة الكهرباء على شرائح الاستهلاك العليا. الكثير من العائلات الأردنية شهدت تغيراً ملحوظاً في عاداتها الاستهلاكية. فمثلاً أم فارس، من سكان جبل الزهور، التي كانت تعتمد على “صوبات الكاز” اشترت أربع مدافئ غاز في شتاء العام الماضي عندما لاحظت أن كلفتها أقل من كلفة “صوبات الغاز”. على أن هذه السيدة الأربعينية عدلت عن استخدام هذه المدافئ واستبدلتها بمدفأتين على الكهرباء. أم فارس تقول الآن إن إعلان الحكومة عن قرب رفع أسعار الكهرباء تركها في حيرة حول أنجع خيارات تدفئة منزلها الذي لا تتجاوز مساحته 140 متراً. رئيس جمعية حماية المستهلك محمد عبيدات ينصح الأسر باستخدام الحطب والجفت للتدفئة مع محاولة “الاقتصاد ما أمكن.” عبيدات يقول إنه اتجه في منزله إلى استخدام حطب وجفت الزيتون الذي “جمعه من مزرعته الشتاء الماضي وجففه في الصيف.” ولكن عبيدات يشن حملة قاسية على المستهلكين الأردنيين الذين يسرفون، بحسب قوله ولا يرشدون إنفاقهم على التدفئة. ويقول:”المشكلة أن المواطنين يحبون الاستعراض والتبذير ولا يفكرون في الترشيد.” ولكن أسعار حطب التدفئة ارتفعت هي أيضاً مع ازدياد الطلب. ففي حين كان يباع الطن منها بـما لا يتجاوز الـ 50 ديناراً قبل نحو 5 أعوام، تجاوز سعرها في السوق الـ250 ديناراً مؤخراً كما ارتفع معها سعر جفت الزيتون الذي كان يباع بـ30 ديناراً قبل نحو عامين إلى 80 ديناراً هذا الشتاء. المحلل الاقتصادي حسام عايش قدّر أن عبء الطاقة على العائلة الأردنية الواحدة يقارب في المتوسط، الـ1500 دينار سنوياً ضمن أسعار مشتقات البترول الحالية. عايش يرشح هذا الرقم للارتفاع إلى 2500 دينار سنوياً إذا ما تم تحرير سوق المشتقات النفطية بالكامل. ويقول:”هذا يعني أن المواطن الأردني سينفق ما يتجاوز الـ80بالمئة من دخله على التدفئة ووقود الطبخ مما يعني عبئاً جديداً على المواطن المحمل بالأعباء.” عايش يحث الحكومة على الرفع التدريجي لدعمها عن المحروقات، ويؤكد أن كلفة رفع رواتب الموظفين وشبكة الأمان الاجتماعي التي تقدر بـ500 مليون دينار سنوياً يمكن أن تستخدم لرفد دعم متواصل لأسعار المشتقات النفطية. وما بين حديث الحكومات المتعاقبة عن الوقود النووي والزيت الصخري، يجد المواطن الذي لم يعتد الاهتمام بهذه التفاصيل نفسه مجبراً على متابعة أية أخبار قد يكون فيها ما يدفئه من برد قارص، وضربات موجعة على قوته وقوت عائلته. |
|
|||||||||||||