العدد 55 - أردني | ||||||||||||||
منصور المعلا رغم قول ستة نواب أن مشاركتهم بمؤتمر يعقد الخميس (18 كانون الأول/ديسمبر 2009) في البرلمان الأوروبي في باريس، بدعوة من لجنة «أصدقاء إيران حرة»، تأتي لاستنكار انتقال الحراسة على موقع اللاجئين الإيرانيين في العراق من القوات الأميركية إلى القوات العراقية في مدينة أشرف العراقية، إلا أن أوساطاً نيابية وصفت الخطوة بأنها «دعائية»، وجزء من سياسة خلط الأوراق في المنطقة. التفاعل النيابي غير المسبوق مع «مجاهدي خلق»، وهي منظمة مثيرة للجدل رغم أن دولا عديدة رفعت عنها صفة «الإرهابية»، يأتي بحسب سياسيين، «لتوجيه رسالة سياسية إلى إيران بأن للأردن كما إيران ورقة ضغط، في مواجهة تغلغل إيراني في الإقليم من خلال تحالفها مع سوريا وحزب الله وحماس»، فيما يرى نائب فضّل عدم نشر اسمه، أن المشاركة «تأتي من قبيل الاستجمام النيابي، وليس لها أي مدلول سياسي، حيث يتمتع النواب بتذاكر سفر مجانية، والإقامة في فنادق فخمة». الصمت الرسمي عن مشاركة النواب في المؤتمرات التي تعقدها «خلق»، يأتي لممارسة سياسة الضغط من مؤسسة برلمانية تعبّر عن موقف شعبي من الدور الإيراني في المنطقة، الذي يثير الكثير من الحساسية الدينية والسياسية. هذه المشاركة هي الثالثة لنواب أردنيين في المؤتمر الذي يستمر ليومين، وتتحدث فيه رئيس منظمة مجاهدي خلق مريم رجوي المعارضة للنظام الإيراني والمقيمة في العاصمة الفرنسية. وقد تقلص عدد النواب المشاركين إلى ستّة بعد أن أبدى ثلاثون نائبا رغبتهم في المشاركة، ثم عاد كثير منهم وأعلنوا عزوفهم عن المشاركة بدعوى انشغالهم بمواعيد أخرى. نواب عزوا تراجع عدد كبير من النواب عن المشاركة في المؤتمر لأسباب عدة، أبرزها «خشية إثارة حساسية إيران التي سبق أن احتجّت رسميا على مشاركة 12 نائبا شاركوا في مؤتمر دعت إليه منظمة مجاهدي خلق في فرنسا». فيما رأى نواب آخرون أن تقليص المشاركة يعود لأسباب «فنية»، ولـ»تضارب موعد المؤتمر مع التزمات نيابية أخرى، وعدم رغبة البرلمان الأردني بأن تكون مشاركة الوفد بهذا الحجم»، بخاصة أن طهران سوف تتذرع بأن الدعوة وُجهت للنواب عبر القنوات البرلمانية المتعارف عليها لا بالصفة الشخصية للنواب». إلا أن العزوف عن المشاركة لم يمنع ما يقرب من 40 نائبا من تأييد بيان سيتم تسليمه للمؤتمرين، وسيتقدم به النواب محمد الحاج وناريمان الروسان ولطفي الديرباني وعلي الضلاعين ونصر الحمايدة وعبدالله الغرايبة. البيان يستنكر خطوة انتقال الحراسة الأميركية للقوات العراقية، والدعوة لحماية اللاجئين الإيرانيين في مدينة أشرف العراقية. البيان الذي تم إعداده وأصبح بحوزة النواب الستة، يرى، وباسم الشعب الأردني، أن القوات متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة الأميركية «مسؤولة عن حماية حياة سكان مخيم (أشرف)» الذي يضم حوالي 3500 لاجئ سياسي إيراني منهم ألف امرأة، من الأخطار المحدقة بحياتهم التي تتمثل بنقل مسؤولية حماية مدينة أشرف من أميركا وطرد سكانها، وكذلك بعض المواقف التي عبّرت عنها بعض السلطات العراقية من تهديد سكان (أشرف) بإحالتهم إلى المحاكم وتعريضهم للطرد، بل وحتى تنفيذ القصاص والقتل بحقهم». المشاركتان النيابيتان السابقتان أثارتا رفضاً فورياً من إيران، نتج عنهما استدعاء السفير الأردني في إيران، بيد أن الحكومة تعاملت مع الاستدعاء الثاني بنهج مختلف عن الاحتجاج السابق. في المرة الأولى، إثر انعقاد مؤتمر في مطلع تموز/يوليو الفائت بمشاركة نواب أردنيين، وبعد أن تم استدعاء السفير الأردني من طهران، قامت الخارجية باستدعاء مماثل للقائم بالأعمال الإيرانية في عمّان والتأكيد له أن الوفد المشارك غير رسمي، وإنما هو وفد شعبي. عُقب المؤتمر الثاني الذي عُقد بباريس أيضا في الثامن من أيلول/سبتمبر الفائت، تعاملت الخارجية مع الأمر بصورة مختلفة. فبعد يوم من الاستدعاء الثاني للسفير الأردني، خرج الناطق الإعلامي باسم الوزارة نصار الحباشنة، معلناً رفض الأردن استدعاء الحكومة الإيرانية للسفير الأردني في طهران، مؤكدا أن الأردن يتعامل مع السلطات الشرعية والدول، ولا يتعامل مع منظمات وأحزاب. وأشار إلى أن مشاركة النواب تعبّر عن موقف شخصي لهم، ولا تعكس أي موقف للحكومة الأردنية. رد الناطق الإعلامي لوزارة الخارجية، جاء وفق ما قالت وكالة «بترا»، ردا على سؤال لمندوبها، ما يعني أن الرد كان مكتوباً، ومدروساً، ولم يأتِ ضمن سياق مؤتمر صحفي أو لقاء إعلامي. تعاملَ الأردن بحزم مع الاستدعاء الإيراني للسفير، وفق ما جاء في تصريح الحباشنة الذي شدد على «رفض الأردن للاحتجاج الإيراني، بخاصة أن الأردن سبق وأوضح للمسؤولين الإيرانيين في مناسبات عدة أنه ليست له أية اتصالات مع حركة مجاهدي خلق»، مذكّراً أن وزير الخارجية كان بيّن بوضوح هذا الموقف لنظيره الإيراني، لدى لقائهما على هامش اجتماعات مؤتمر عدم الانحياز الذي عُقد في طهران في بحر العام الجاري. يُذكر أن مشاركة الوفد البرلماني في المرة الأولى كان أوسع وأشمل، فرئيسه كان النائب الأول لرئيس مجلس النواب ممدوح العبادي، وضم إلى العبادي سبعة نواب حاليين هم: ناريمان الروسان، محمد أبو هديب، فخري إسكندر، عبد الله الغرايبة، مفلح الرحيمي، أحمد دندن العتوم، وإبراهيم العموش، إضافة لنواب سابقين. الزيارة الأولى تخللتها كلمة للنائب العبادي وأخرى للروسان، ظهر في فحواهما مدى التعاطف مع الحركة وزعمائها وتحديدا مريم رجوي، واستحضرت الروسان مكنونات اللغة العربية، لتعبّر لرجوي عن مدى إعجابها بها، وتأييدها لأفكارها وشجاعتها، وأهمية وجود حركتها. مجلس النواب نأى بنفسه عن الزيارتين، فرئيسه عبد الهادي المجالي أكد أن زيارة نواب لباريس لحضور مؤتمر لـ»مجاهدي خلق» ذات «طابع شخصي»، وليس للمجلس علاقة بها من قريب أو بعيد. زيارتان نيابيتان واحتجاجان إيرانيان، وثالثة تتم اليوم الخميس، ومجلس النواب يعلن أن لا دور له في الزيارات الثلاث، والخارجية توضح أنها سئمت التأكيد للجانب الإيراني أن الموقف الأردني تجاه منظمة «مجاهدي خلق» لم يتغير منذ العام 1988.. كل ذاك لم يوقف سيل الأسئلة التي تثيرها تلك الزيارات، حول مدى توافقها مع المصالح الوطنية، والتأكيد الرسمي على عدم التعامل مع أحزاب أو هيئات وإنما مع دول، ومدى موافقة الحكومة بشكل ضمني على ما يجري، بخاصة أن الأردن انتقد بشكل دائم التدخل الإيراني المتواصل في الشؤون اللبنانية والعراقية والفلسطينية. |
|
|||||||||||||