العدد 55 - أردني
 

دلال سلامة

«مجزرة عيد الأضحى».. هذه هي العبارة التي وُصفت بها إجازة عيد الأضحى الذي شهدت المملكة خلاله 800 حادث سير، أسفر عن 24 قتيلا، و200 إصابة، كان أكثرها دموية الحادث الذي وقع على طريق العقبة تالابيه، وذهب بحياة أربعة فتيان، لا يتجاوز عمر أكبرهم السابعة عشرة.

الأردن يحتل المركز الثاني عربيا من حيث حوادث السير. وفق حصيلة رسمية، تسببت حوادث السير خلال العقد الأخير بقتل 7084 شخصاً، وإصابة أكثر من 175 ألف جريح. وشهد العام 2006 نحو 98 ألف حادث، نجم عنه 899 وفاة، و18 ألف جريح. وفي العام 2007 وقع 110 ألف حادث سير، نجم عنها 992 وفاة.

رغم أن شعورا بالتفاؤل ساد مؤخرا، بعد أن سجلت الإدارات المرورية انخفاضا مقداره 30 في المئة في نسبة حوادث السير خلال الشهور العشرة الأولى من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام الفائت. وهو إنجاز تحقق نتيجة تضافر جهود عدة، رسمية وأهلية، كان من بينها مبادرة مؤسسة حكمت للسلامة المرورية، وهي مؤسسة أنشأتها عائلة الطالب حكمت قدورة الذي قضى في حادث سير مطلع العام الجاري.

إلا أن الأرقام المأساوية التي سجلتها الأيام الماضية عادت لتبدد هذا التفاؤل، وتطرح مجددا الكثير من الأسئلة حول معضلة حوادث السير في الأردن، والتي تستنزف سنويا ما نسبته 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفق إحصائية للمعهد المروري الأردني - مديرية الأمن العام.

الناطق الإعلامي لمديرية الأمن العام، الرائد محمد الخطيب، يرى أن ما حدث مؤخرا لا يشكل انتكاسة، ويشير إلى أن "الأمن العام" قامت بجهود كبيرة استعدادا للعيد، فنشرت عددا كبيرا من دورياتها، وكثفت مراقبة الرادارات، لكنه يلفت النظر إلى خصوصية فترة العيد كإجازة.

"ما حدث سببه أن حركة المرور تخفّ في العيد، وأن الشوارع تكاد تخلو من المركبات، ما يشجع بعضهم على خرق قوانين السير، من تجاوز للسرعة للمقررة، أو عدم الالتزام بقواعد التجاوز السليم، وسوى ذلك من تجاوزات".

رئيس الجمعية الأردنية للوقاية من حوادث الطرق، محمد الدباس، يرى أن تصميم المرافق المتعلقة بالسلامة المرورية يؤدي دورا كبيرا في نسبة الحوادث، فالشوارع، بخاصة داخل حدود البلديات، تصمَّم لتلبية احتياجات آنية، ولا تأخذ التغيرات المستقبلية في الحسبان.

هذا ما يؤكده وزير الأشغال العامة والإسكان، المهندس سهل المجالي، في تصريح صحفي، ذكر فيه أن " الأردن ليس فيه طرق سريعة، وأن تصميم الطرق في أغلبية المناطق تم على أساس سرعة 80 كم في الساعة».

الدباس يشير إلى ثغرة في القانون، يرى أنها أدت دورا رئيسيا في ازدياد حوادث السير. يقول: «حتى العام 2006 لم يكن لدى أي بلدية في المملكة مخطط تنظيمي شامل، يضع تصورا لخصائص الأراضي داخل حدود البلدية ولما سيقام عليها، مع مراعاة النمو السكاني المحتمل، وهذا يعني أن كل ما أقيم من إنشاءات، كان بصورة عشوائية».

ثم قامت وزارة الأشغال العامة، وفي ما دعاه الدباس «صحوة»، بإلزام البلديات بوضع مخططات تنظيمية.

ثغرات القانون يؤكدها يسار خصاونة، الذي فقدَ ثلاثة من أبنائه في حادث السير المروع الذي وقع على طريق إربد عمان، في كانون الثاني من العام الجاري، نتيجة اصطدام حافلة تقل 50 راكبا بصهريج، ما أدى إلى وفاة 22 شخصا.

خصاونة يعتقد أن قانون السير الحالي مليء بالثغرات، وهو أحد الأسباب التي تعزز ظاهرة حوادث السير. يقول: «في حالات كثيرة لا يوجد تناسب بين الفعل والعقوبة، فالمادة 28 مثلا تنص على أنه يعاقَب بالحبس من أسبوع إلى شهر، أو بغرامة من 150 ديناراً إلى 200 دينار، من يقود مركبة دون فرامل، فهل هذه عقوبة تتناسب مع فعل خطير مثل هذا؟».

خصاونة الذي يقول إن القانون زاخر بأمثلة مشابهة، طلب من 34 نائبا في المجلس دعمه في موقفه من القانون، لكنه فوجئ بأن القانون أُقِرّ على وجه السرعة في جلسة استثنائية، دون أن يحظى بمناقشة حقيقية.

معضلة حوادث المرور إلى الواجهة مجدداً
 
14-Dec-2008
 
العدد 55