العدد 55 - كتاب
 

تنامي العجز في تجارة الأردن الخارجية أو في ميزانها لم يتوقف في أي سنة سابقة، ولكنه تزايد في خط بياني متصاعد منذ 2003، انعكاساً لتنامي واتساع التشوهات والاختلالات في تركيبة مكونات التجارة الخارجية، في المستوردات، كما في جانب الصادرات والمعاد تصديره.

فقيمة العجز في تجارة الأردن الخارجية تصاعد بقفزات عريضة من 1887 مليون دينار في 2003 إلى 3046، 4393، 4497، 5553 مليون دينار خلال السنوات من 2004 إلى 2007، على التوالي، كنتيجة طبيعية متوقعة للارتفاعات القياسية في أرقام أحجام المستوردات من 4072 في 2003 إلى 9594 مليون دينار في 2007، وبما يتجاوز كثيراً مستويات زيادة قيمة الصادرات الكلية صادرات + معاد تصديره، وحيث تتحدد قيمة العجز بالفرق السالب بين رقمي المستوردات والصادرات السلعية الكلية وتتضح مخاطر العجز ونموه بداية مع ملاحظة تواصل ارتفاع نسبته إلى رقم إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، إلى 50 في المئة مرشحة للزيادة.

وازداد وتعمق الاختلال في الميزان التجاري أكثر خلال الأشهر التسعة الأولى من 2008 مع نمو أكبر في المستوردات بالقيمة والنسبة، ووصولها إلى 9338 مليون دينار بما يزيد كثيراً عن الزيادة في الصادرات الكلية بالقيمة والنسبة وبمبلغ 4156 مليون دينار، ليصل العجز في تسعة أشهر من 2008 إلى 5182 مليون دينار مقابل عجز بقيمة 3872 مليون في الفترة نفسها من 2007، وبزيادة 1310 مليون دينار بنسبة ارتفاع 34 في المئة.

الجدير بالذكر أن النمو الكبير في قيمة المستوردات ليس ناجماً فقط عن تصاعد سعر النفط الخام المستورد وفاتورته فقط، بل إن ثلثي الزيادة في المستوردات نجمت عن تضخم في أرقام مستوردات أخرى، ومنها زيادات كبيرة في مستوردات الأجهزة الخلوية والمعلوماتية، ومستوردات السيارات وقطعها، ومستوردات الخيوط النسيجية، ومستوردات كمالية أخرى.

وكما في سنوات سابقة تركزت الزيادة في الصادرات في منتجات صناعة الأدوية المتطورة، وفي منتجات الصناعة الاستخراجية الفوسفات - البوتاس، وبسبب ارتفاع أسعارها بأكثر من زيادة كميات تصديرها، وأيضاً في صادرات الألبسة في المناطق المؤهلة QIZ ذات القيمة المضافة المتدنية، التي أخذت في السنتين الأخيرتين اتجاهاً تنازلياً واضحاً لتنخفض نسبتها إلى الصادرات الكلية من 27 في المئة إلى 18 في المئة هذا العام.

وفيما تتسارع عمليات الاستيراد من أقطار المجموعة الأوروبية بأكثر من التصدير إليها، وبعجز كبير متصاعد لصالحها، فإن صادرات الأردن تتجه إلى الزيادة مع أقطار آسيوية، مثل الهند، ومع دول منظمة التجارة الحرة العربية وفي الاتجاهين.

القفزات الواسعة المتسارعة في أرقام العجز في تجارة الأردن الخارجية وصلت درجة بالغة الخطورة، بحيث لم يعد في مقدور صادرات الأردن غير المتطورة - إيرادات السياحة، وحوالات المغتربين - خدمات أردنية خارجية، من تغطية العجز التجاري في ميزان المدفوعات، لتكون المحصلة الأكثر سوءاً في بروز عجوزات كبيرة ومتزايدة في الحساب الجاري الختامي، ومن رصيد فائض في 2003 بقيمة 882 دينار، وآخر بقيمة 63 في 2004 إلى عجوزات بقيمة 1560، 1133، 1991 في السنوات 2005، و2006، 2007، على التوالي، وعجز أكبر بقيمة 1203 مليون دينار خلال النصف الأول من 2008.

الاختلالات البنيوية في تجارة الأردن الخارجية والعجوزات الكبيرة تتطلب سرعة تبني توجيهات وتطبيقات حكومية وأهلية جذرية لوقفها وتصويبها، وتلافي تداعياتها الصعبة على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الأردنية كافة.

أحمد النمري: تطورات سالبة في تجارة الأردن الخارجية
 
14-Dec-2008
 
العدد 55