العدد 55 - اعلامي
 

قبع «وزير الإعلام» ناصر جودة وحيدا في الزاوية الجديدة التي استحدثتها يومية «الغد» بعنوان «مسؤولون ضد الشفافية» تقوم من خلالها بنشر أسماء مسؤولين يرفضون الرد على استفسارات الصحفيين، لأكثر من 20 يوما قبل أن تقوم الصحيفة برفع اسمه من القائمة الاثنين الماضي.

الصحيفة رفعت اسم جودة عن قائمتها بعد أن أبلغها مصدر رسمي رفيع المستوى أن «وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال ناصر جودة لا يملك تفاصيل بشأن تفكيك شبكة إرهابية، لأن هذا الأمر لو تمّ فإن الإعلان عنه من اختصاص الأجهزة الأمنية، وليس وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال».

صحفي فضّل عدم نشر اسمه، تساءل عن السبب الذي منع جودة من التصريح لـ«الغد» بعدم امتلاكه معلومات، بدلاً من أن يقوم «مصدر رسمي رفيع المستوى» بتوضيح ذلك. ورأى الصحفي في هذا الإجراء تهميشاً لـ«وزير الإعلام»، وغياباً لدوره، أو «أفول» هذا الدور الذي ينبغي أن يضطلع به.

تؤكد الصحيفة أنها اكتفت بالتفسير ولا توجد أية ضغوطات أدت لرفع اسم جودة من القائمة باستثناء التفسير الذي قدم لها.

الصحيفة قدمت لزاويتها المستحدثة بالقول «يواجه الحق في الحصول على المعلومات، بصفته أحد أبرز وأهم أركان حرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان المنصوص عليها في الدستور الأردني، قيودا خانقة تحد منه وتكبله في ظل مفاهيم قانونية واسعة وفضفاضة يتذرع بها بعض مسؤولي الحكومة لحجب أي معلومة عن المواطن والصحفي الذي لا يمكن له أن يطلّ على الرأي العام ما لم يكن متسلحا بالمعلومة الصحيحة والأرقام الدقيقة والإحصائيات الموثقة».

نشرت «الغد» أسماء مسؤولين رفضوا الرد على بعض الأسئلة الصحفية الموجهة لهم او تهربوا من الإجابة ، وكان من بينها وزير المالية حمد الكساسبة، مدير بورصة عمان جليل طريف، ومدير عام مصفاة البترول عمر الرفاعي، إضافة إلى وزير الإعلام ناصر جودة، بيد أن كلاً من الكساسبة وطريف والرفاعي اتصلوا بالصحيفة ووعدوا بالتعاون مع الصحفيين من الصحف كافة، فقامت إدارة التحرير برفع أسمائهم من القائمة، وبقى جودة وحيدا في الزاوية اليومية، إلى أن أكد مصدر رسمي للصحيفة أن جودة لا يمتلك معلومات حول السؤال الموجه له.

أرفقت إدارة تحرير الصحيفة السبب الذي دعاها لوضع اسم جوده في القائمة، فقالت «رغم محاولات «الغد» المستمرة منذ مساء يوم 25 /11/ 2008 للوقوف على تفاصيل خبر نشر في صحيفة كويتية حول تفكيك الأردن شبكة تجسس تعود لتنظيم القاعدة بهدف التعرض لمنشآت سياحية وفنادق في الأردن، وبرغم الاتصالات المستمرة مع العديد من المصادر الحكومية من بينها الناطق الرسمي باسم الحكومة ناصر جودة، إلا أنه حتى الآن لم تكن هناك إجابة حكومية على هذه القضية». 

يقول مدير التحرير التنفيذي في «الغد» نور الدين الخمايسة في معرض حديثه عن الزاوية إن «حرية الرأي والتعبير المنصوص عليها في المادة 15 من الدستور الأردني لا تقوم إلا بتوافر الأركان المكونة لها، وأبرزها حق الحصول على المعلومات الذي سُنّ مؤخرا قانون يضمنه ويحميه حمل رقم 47 لسنة 2007. وبصيرورة هذا القانون نافذا، فقد أضحى من حق المواطن الحصول على المعلومات التي يطلبها من المؤسسات الرسمية، وعلى المسؤول تسهيل توفير المعلومة له من غير تلكؤ أو تهرّب أو تسويف أو غمغمة».

ويرى الخمايسة أن دور المسؤول ينحصر في تطبيق النص القانوني وتوفير المعلومة للأردني، وللصحفي من باب أولى، وهو ما نص عليه قانون المطبوعات والنشر رقم 27 لسنة 2007 الذي تقول المادة الثامنة منه «للصحفي الحق في الحصول على المعلومات، وعلى جميع الجهات الرسمية والمؤسسات العامة تسهيل مهمته (...)».

ويعتقد أن حق الحصول على المعلومة متأرجح التطبيق، ويخضع لمزاجيات المسؤول، لذلك قرر مجلس تحرير «الغد» الخروج من دائرة التعميمات، ونشر أسماء المسؤولين الذين لا يقومون بأدوارهم، وبالتالي يخالفون القانون، ويتصادمون مع رغبة القيادة السياسية العليا في بلدنا التي ما انفكت تصون حرية التعبير وتحميها، كما شاءت لحرية الصحافة، منذ زمن بعيد، أن يكون سقفها السماء.

الزاوية الجديدة لقيت استحسانا من قبل مدافعين عن حرية الرأي والتفكير، إذ اصدر مركز حرية وحماية الصحفيين بيانا رحب فيه بالموقف والزاوية التي استحدثتها يومية «الغد» تحت عنوان «مسؤولون ضد الشفافية». ووصف الخطوة بأنها «ضرورية وهامة لاختبار صدقية الكلام عن حق الوصول للمعلومات والضغط على المسؤولين من خلال الرأي العام، للتحرك، بشكل حقيقي، لدعم حق الإعلام في الوصول للمعلومات وإتباع سياسات إفصاح».

وقال رئيس المركز نضال منصور «آن الأوان لوضع الكلام عن حق الصحافة في الوصول للمعلومات موضع الاختبار». مشيراً إلى أن معاناة الصحفيين ورحلتهم للوصول للمعلومات لا تنتهي، وامتناع المسؤولين عن تزويدهم بالمعلومات يزيد من معاناتهم وصعوبة عملهم، ولا أحد يعرف ماذا يحدث معهم .. وماذا يواجهون .. ولا أحد يعفي الصحفي من المسؤولية إذا لم يتمكن من نشر المعلومات».

بعد رفع أسماء مسؤولين آخرين: “وزير الإعلام” وحيداً في زاوية “مسؤولون ضد الشفافية” لـ 20 يوماً
 
14-Dec-2008
 
العدد 55