العدد 54 - أردني | ||||||||||||||
محمد علاونة المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالفقر والبطالة، بقيت على حالها دون حراك في حكومة نادر الذهبي على مدى عام من تشكيلها، مع ثبات في مؤشرات الأولى، وتراجع طفيف في مؤشرات الثانية. الحكومة تعهدت فور تكليف الذهبي بتشكيلها، برصد 500 مليون دينار في مشروع الموازنة العامة للدولة لشبكة الأمان الاجتماعي، (ارتفعت بعد ذلك إلى أكثر من 800 مليون دينار)، لغايات زيادة الرواتب والتعويض النقدي وتحسين ظروف المعيشة لذوي الدخول المتدنية والفقراء، إلا أن معدلات الفقر بقيت على حالها. موجة الغلاء العالمية والتي كانت بدايتها في كانون الثاني/يناير 2008، ورافقها ارتفاع في أسعار السلع في الأردن، بشكل ملحوظ، بسبب الزيادة في أسعار النفط، طاولت شريحة كبرى ممن يعيشون فوق مستوى الفقر بقليل، وهو ما أكده البنك الدولي في تقريره الأخير الذي أكد أن من يعش فوق خط الفقر مباشرة معرّض في صورة خاصة للآثار السلبية لارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، فضلاً عن أثر تغير المناخ. وبما يتعلق بالبطالة، حاولت حكومة الذهبي إيلاء مسألة التدريب والتأهيل وتوظيف مخرجات التعليم في اتجاه التخصصات المطلوبة أهمية خاصة، من خلال دعم الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب لدفع المتعطلين إلى الانخراط في سوق العمل بعد تأهيلهم وتدريبهم وتسليحهم بالمهارات المهنية المطلوبة، وبخاصة في قطاع الإنشاءات، الذي يعد من أكثر القطاعات المولِّدة لفرص العمل. بيد أن الحكومة لم تستطع أن توقف قطار البطالة الذي بقي يحوم حول 13 في المئة، خلال الأعوام 2006 و 2007 و 2008، مع تراجع بنسبة 2 في المئة للربع الثالث للعام 2008، وبقي عدد العاملين الأردنيين في قطاع الإنشاءات هذا 66 الف مواطن من أصل 153 ألف شخص يعملون به. وتنوي الشركة التي تأسست في تموز / يوليو 2008 تدريب 30 ألف مستخدم للعمل في قطاع الإنشاءات خلال الأربع سنوات المقبلة، مع إلزام وزارة العمل بتحويل 13 مركز تدريب مهنيا إلى مراكز تدريب متخصصة لمهن الإنشاءات فقط، وربطها إدارياً وفنياً بالشركة الوطنية للتشغيل والتدريب. أعداد المتعطلين عن العمل في ازدياد رغم كل الجهود المبذولة من قبل حكومة الذهبي، في الوقت الذي تختلف فيه وجهات النظر حول الأسباب والحلول. يرى خبراء بأن فرص العمل شحيحة، وأن هنالك تناقضا ما بين مخرجات التعليم والفرص المتاحة، إضافة إلى عدم الإقبال على الوظائف المهنية، مع وجود فجوة بين المسؤولين في الوزارات والعاملين في الميدان، وهو ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي تيسير الصمادي الذي اعتبر أن مسألتي الفقر والبطالة شكلتا تحديا كبيرا لحكومة الذهبي، لذا فإن معالجتهما مرهونة بوجود برامج طويلة المدى خاضعة للمراجعة ومعرفة مواطن القوى والضعف فيهما. ولم يستثن الصمادي القطاع الخاص والجامعات من مسؤولية بقاء معدلات البطالة فوق المعدلات الطبيعية، معتبرا أنها شريكة مع الحكومة، وأن عليها مسؤولية نشر الوعي وتوفير المعلومات للطلبة حول التخصصات المطلوبة في سوق العمل. وقال إن بناء مشاريع مستدامة تدفع باتجاه الاعتماد على الذات بالنسبة للفئات المستهدفة، وهو أمر غفلت عنه الحكومة، في ظل وجود صراع على الصلاحيات بين المؤسسات المعنية بتلك الملفات. أما زيادة الرواتب والأجور التي قامت بها الحكومة، فاعتبر أنها تخدم فئات محددة وتعالج جزئيا مشكلة تدني القوة الشرائية لشريحة من العاملين. برامج التدريب التي عملت الحكومة على دعمها تلعب دورا مهما في المساهمة بخلق فرص عمل، بحسب الصمادي، لكن ذلك يحتاج تعاونا أكبر مع القطاع الخاص، وبخاصة فيما يتعلق بالبرامج ذاتها ومطابقتها للمهن المطلوبة، مع وجود أهمية لمدى جدية المستفيدين وعدم اعتبار تلك البرامج مجرد محطات أهدافها الاستفادة المؤقتة من العوائد المالية. وقد لفت رئيس نقابة الألبسة والمحيكات محمود حجاوي إلى أن الحكومة واجهت غياب الوعي بمسألة العمل بشكل عام، ما زاد من شريحة الراغبين بالوظائف الحكومية والابتعاد عن المهن. وفي رده على ما إذا كانت الأجور في قطاع المحيكات مازالت دون المستوى المطلوب، أجاب أن قوانين العمل التي نفذتها الحكومة واضحة، مع وجود حد أدنى للأجور بمستوى 150 دينارا وهو يناسب كثيرا من المتعطلين. وأكد الحجاوي أن النقابة طلبت أخيرا من وزارة العمل توفير عمالة يفتقر إليها قطاع المحيكات، حيث إن هنالك أكثر من 30 ألف فرصة عمل متوافرة حاليا في القطاع يقابلها 30 ألفا من العاملين، وبين هؤلاء 5 آلاف فقط من الأردنيين مقابل 25 ألفا من العمالة الوافدة. وتعتبر البطالة من العوائق المهمة في مسيرة الاقتصاد، كون المجتمع الأردني مجتمعا فتيا، إذ إن أكثر من ثلث عدد السكان هم دون 15 سنة، بينما تشكل نسبة من تتجاوز أعمارهم الخمسة عشر عاما نحو 63 في المئة، ينقسمون إلى 40 في المئة نشيطين اقتصاديا و 60 في المئة غير نشيطين. |
|
|||||||||||||