العدد 54 - أردني
 

السّجل- خاص

حين جاءت حكومة نادر الذهبي قبل عام، صادفت أمامها قضايا فساد مُرحّلة من الحكومة السابقة، لكن تلك لم تكن قضايا الفساد الوحيدة التي كُشف عنها النقاب في عهد الحكومة الحالية، فهناك قضايا كشف عنها النقاب، وأخرى لم تكشف بعد، بحسب ما قاله نائب قريب من التيار اليساري طلب عدم ذكر اسمه لـ«السّجل»، والذي أكد أن "ملف الفساد ما زال في حاجة إلى جهود إضافية لحله".

ولا يعتقد النائب أن الحكومة وضعت مكافحة الفساد كأولوية، أو أنها قررت العمل على مواجهته خلال أدائها في العام الأول، لكنه في الوقت ذاته أكد أن ذلك لا يعني بأن الحكومة مارست هذا الفساد.

الحكومة أغلقت ملف الكازينو الذي ورثته عن حكومة معروف البخيت، التي كانت قد منحت ترخيص إقامة كازينو في منطقة البحر الميت لأحد المستثمرين، ولكنها التزمت الصمت فيما يتعلق بوجود غرامات تدفعها الحكومة للمستثمر في حال لم تلتزم الحكومة بتنفيذ شروط الصفقة.

وفي إطار حل هذه القضية جاءت خطوة منح شركة استثمارية بريطانية يملكها عراقي كردي الأصل وقعها مع وزير السياحة في حكومة معروف البخيت، نحو 1200 دونم من أراضي البحر الميت لإقامة مشروع سياحي، وقطعة أرض أخرى في منطقة شفا بدران لبناء مشروع إسكاني.

لم يكن قد مضى سوى بضعة شهور على تشكيل حكومة الذهبي حين ثارت قضية بيع أراضي الدولة والمنشآت الرسمية، ومنها: المدينة الطبية، والقيادة العسكرية، والمدينة الرياضية.

وأمام سيل عارم من التقولات التي اختلط فيها ما هو صحيح بما هو مختلق، وغياب واضح عن ما يجري على أرض الواقع اكتفت الحكومة في البداية بدعوة أربعة من الصحفيين في أحد المطاعم الفاخرة للحديث في الموضوع، الى أن تم تشكيل لجنة عليا برئاسة رئيس الوزراء لإدارة تلك العملية الاستثمارية، في محاولة لوضع الأمور في نصابها، وهو ما وضع حدا للقضية بمجملها.

إلى ذلك، تمكنت الحكومة من معالجة جزء مما عرف بقضية «المتاجرة بالبورصات الأجنبية»، وهو الاسم الذي أطلق على عملية المتاجرة بالأسهم في البورصات الأجنبية من قبل شركات تأسست خصيصا لهذه الغاية.

وجاءت معالجة القضية جزئيا متأخرة، كون المؤشرات الأولية بوجود أزمة سداد لدى أصحاب المكاتب كان واضحا قبل أعوام، ومع غياب إطار قانوني يحكم العملية، مع وجود قضايا مشابهة سابقة تم معالجتها دون أطر قانونية.

وتفجرت القضية بعد وقوع أعداد كبيرة من صغار المستثمرين ضحايا لهذه الشركات التي هرب بعض أصحابها فيما قبض على بعضهم الآخر، وأغلقت بعض الشركات أبوابها وبدأ بعضها الآخر في تصويب أوضاعه لتتواءم مع القانون الجديد الذي أصدرته الحكومة لتنظيم عمل هذه الشركات التي كانت تعمل من دون أي تنظيم.

وفي هذا الملف أيضا، يمكن إدراج عطاء لتطوير مدينة العقبة الصناعية الذي أحيل على مكتب هندسي تعود ملكيته إلى زوجة رئيس سلطة إقليم العقبة حسني ابوغيدا.

إلا أن أبو غيدا لم يقر بوجود مخالفة قانونية أمام لجنة التحقيق النيابية التي تم تشكيلها لهذه الغاية، مؤكدا أنه لم يرتكب مخالفة في موضوع العطاء، حيث أن العطاء قد أحيل من جانب شركة أميركية مكلفة بالتطوير، وليس من جانب منطقة العقبة الخاصة التي يرأسها أبو غيدا. وأبلغ رئيس اللجنة النائب منير صوبر الصحفيين أن اللجنة إذا ارتأت إنها بحاجة إلى الاستماع إلى أبو غيدا مرة أخرى ستقوم بذلك، رافضا تحديد سقف زمني لإصدار القرار النهائي حول القضية. ولم يستبعد إمكانية الاستفادة من قانونيين من خارج مجلس النواب في عملية التحقيق.

وإن لم تكن القضية تصنف في خانة الفساد، فإن قرار الحكومة بإلغاء العطاء لقي صدى طيبا في الأوساط السياسية والاقتصادية، لأنه يدخل حتما في خانة تضارب المصالح، حيث إن تقرير منظمة الشفافية الدولية السنوي للعام 2008 أكد أن قدرة الحكومة الحالية على التصدي للفساد أفضل مما كان عليه الأمر في السابق.

وبحسب مؤشرات المنظمة الدولية في مكافحة الفساد حازت الحكومة على نسبة 1.5 نقطة من 10 نقاط متجاوزة ست دول، بحسب تقريرها الذي صدر خلال العام الأول للحكومة، مقارنة بالفترة السابقة، فقد أظهر الاستطلاع السنوي الذي تجريه المنظمة، ويشمل 180 دولة، تقدم الأردن للمرتبة 47 بدلا من 53 لعام 2007.

لكن المعيار الذي تعتمده المنظمة في تقييمها للدول كان نقطة خلاف، فيما إذا كانت النتيجة أو المؤشر الذي يقيس يعتمد معطيات معينة أو يتجاهل أخرى.

فمثلا الأردن سجل واحدة من النتائج المتدنية في المؤشر العام 2007 بإحرازه 4.7 نقطة والمرتبة الدولية رقم 53، ما أثار ردود فعل سلبية على تلك النتيجة، مع وجود إجراءات اتبعها الأردن مثل تأسيس هيئة مكافحة الفساد كان يجب أن تظهر تقدماً في مجال مكافحة الفساد لا تراجعاً فيه.

بينما الأردن سجل تقدما للعام 2008 لمعطيات سلبية وقعت في العام 2007 مثل مقياس حرية الرأي والتعبير الذي سجل تراجعاً العام 2007.

المعلومات الصادرة عن هيئة مكافحة الفساد في الأردن، تبين أن الهيئة نظرت في 465 قضية فساد خلال الشهور العشرة الماضية، وهي الفترة التي أعقبت تولي الحكومة مهامها بشهر.

وأحالت الهيئة بعض هذه القضايا إلى دائرة المدعي العام، وتم حفظ البعض الآخر، وتتابع وتحقق في ما تبقى منها. وقد نظرت دائرة الادعاء العام في الهيئة نحو 91 قضية، أحالت منها للجهات القضائية والجهات الأخرى نحو 82 قضية، فيما يجري التحقيق في القضايا المتبقية.

وتنوعت قضايا الفساد المضبوطة، فقد شملت القائمة جرائم استثمار الوظيفة والاختلاس والرشوة وسرقة المال العام، والإهمال بواجبات الوظيفة، وإساءة استعمال السلطة والاحتيال واستخدام أختام مقلدة وقضايا شركات بورصة وغيرها من قضايا الفساد.

حكومة الذهبي والفساد: قضايا جديدة وأخرى موروثة
 
04-Dec-2008
 
العدد 54