العدد 54 - استهلاكي | ||||||||||||||
يتطلع التاجر أبو سالم إلى الأيام القليلة قبل عيد الأضحى ،لتشهد مبيعاته من الألبسة تحسناً يعوض خسارة باقي العام، الذي أصاب فيه مبيعاته «وهن شديد» انخفضت معه إلى أكثر من 50 بالمئة. يقول التاجر الستيني الذي افتتح محله في جبل الحسين منذ أكثر من 15 عاما، أن الازدحام الذي تشهده شوارع السوق، لا يدل بالضرورة على مبيعات جيدة، إذ إن «الناس تتفرج لتتسلى ولا تشتري». يضيف:«أكثر المحلات التي تبيع هي محلات بيع ملابس الأطفال، حيث يصر الأهالي على إسعاد أطفالهم بملابس جديدة للعيد، بينما الكبار قليلا ما يشترون شيئا لأنفسهم». حركة أسواق الملابس التي وصفها أحد البائعين في مكة مول بالاعتيادية ،أصبحت سمة سائدة بعد ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، ومعها سائر المواد الأخرى لتقرر الأسر إعطاء أولوية الإنفاق إلى المواد الأساسية ،التي شهدت أسعارها أيضاً ارتفاعاً لم يلحقه انخفاض موازٍ للانخفاض الذي تشهده أسعارها عالميا. وأكد مستورد الأرز التايلندي مصطفى الصعيدي ،أن المستوردين قاموا بتخفيض أسعارهم بنسبة تتجاوز تلك التي هبطت فيها أسعار الأرز التايلندي عالمياً ، وذلك بغية «إعطاء دفعة» للسوق الذي يشهد كساداً واضحاً. لكن الصعيدي يؤكد أن قليلا من المحلات استجابت لهذه التخفيضات: «المحلات الكبرى فقط تبيع المواد بأسعارها العالمية وربما اقل، وهذا واضح من العروض الترويجية التي نقرؤها في الصحف». يفسر الصعيدي عدم انخفاض الأسعار بأن تجار الجملة والتجزئة، ما زالوا يصرفون مواد اشتروها عندما كانت الأسعار مرتفعة. ارتفعت أسعار الأرز التايلندي العالمية بأكثر من 45 بالمئة حيث بلغ سعر الطن المتري العام الماضي 356 دولارا ،فيما تتذبذب أسعاره حول 550 دولارا حاليا، بانخفاض 20 في المئة عن منتصف العام الجاري. وقال نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، إن التجار يعانون من انخفاض حاد في المبيعات، رغم أنهم استجابوا إلى دعوات حكومية بزيادة التخزين، خوفا من «مجاعة عالمية» سببها الخوف على المخزون الغذائي العالمي، الذي شهد انخفاضا حادا ،في الأشهر ما بين نيسان/ابريل وتموز/يوليو من هذا العام. لكن خبراء اقتصاد ومعنيين، أشاروا إلى ضرورة أن تنخفض الأسعار تبعا لقواعد السوق التي تنص على «الربح والخسارة»، حيث أن السوق الحرة لا تتحرك باتجاه واحد. الخبير الاقتصادي حسام عايش، أكد على ضرورة أن يتمتع التجار الأردنيون بثقافة التجارة في السوق المفتوحة ،وأن يراعوا المستهلك الذي يتمتع بوعي كافٍ للاستجابة بمرونة لهذه القاعدة. ويتفق الخبير الاقتصادي يوسف منصور مع عايش، ويذهب إلى تشخيص «علل السوق» بثلاث: هي الاحتكارات ،الكارتلات وإصرار حكومي على إبقاء السوق في حيرة. يقول منصور إن عدم وجود تنافس حقيقي في السوق، وهيئة رسمية لمراقبة السوق ومنع الاحتكار، أديا إلى تحكم قلة قليلة في السوق نتجت عنه حالة ما يعرف «بالأسعار اللاصقة التي لا تنخفض» أو sticky prices downward وهي حالة ينتج معها عدم انخفاض الأسعار، رغم أن مبرر ارتفاعها كصعود أسعار البترول مثلا، لم يعد قائماً. يدعو منصور الحكومة لتوخي المزيد من الشفافية في إعلان التخفيضات، وإلغاء الضرائب والرسوم ،وذلك لتمكين السوق من الاستجابة لهذه الخطوات الإنقاذية. وكانت الحكومة أعفت 13 مادة أساسية، منها السكر والشاي، من الضرائب والرسوم، لكن استجابة السوق لهذه الخطوة الحكومية كانت بطيئة، إذ أصر التجار أنهم دفعوا الضريبة على المواد المخزنة لديهم. وقال منصور: «أتمنى على الحكومة لو قامت بالتالي: أن تقول مثلا إنها ستقوم بهذا التخفيض خلال ثلاثة أشهر، وهذا معناه إعطاء فرصة للتجار للانتهاء من مخزونهم وشراء كميات جديدة تستجيب فيها الأسعار للواقع الجديد». |
|
|||||||||||||