العدد 9 - اقليمي | ||||||||||||||
عندما حطّت طائرة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون على أرض مطار غزة الدولي استقبله الفلسطينيون بفرحة آملين في أيام أفضل، لكن بعد تسع سنوات تأتي زيارة الرئيس جورج بوش وسط خيبة أمل كبيرة مع عزلة قطاع غزة عن العالم. فقد تحول مطار غزة الدولي في رفح، جنوب قطاع غزة، الذي شكل رمزاً سيادياً للفلسطينيين الى أنقاض ودمار بفعل هجمات إسرائيل التي طالت مبانيه ومدرجاته وبرج المراقبة الرئيسي. فيما تحوّل قطاع غزة الى سجن كبير بعد أن أطبقت إسرائيل حصارها عليه، وأغلقت معابره كلياً ليصبح معزولاً عن العالم عقب سيطرة حركة حماس على القطاع في حزيران الماضي. كان الانطباع العام لدى الفلسطينيين أن زيارة كلينتون ستعطي دفعاً لإقامة الدولة المنشودة. ويستذكر أبو طارق أبو دية، وهو صاحب محل للهدايا في غزة الأيام «الحلوة» التي سبقت زيارة كلينتون، ويقول «كانت السعادة والفرحة تغمرنا لزيارة رئيس أهم دولة في العالم التي اعتبرناها دليلاً على أهميتنا». وشكلت زيارة كلينتون وقتئذ فرصة ذهبية لأبي دية وأقرانه حيث باع الآلاف من قطع الهدايا للزوار الأجانب الذين تدفقوا على غزة ولا سيما أعلام وصور الرئيسين عرفات وكلينتون إضافة الى مجسمات صغيرة لقبة الصخرة في القدس وكنيسة المهد. وامتلأت مدن قطاع غزة والشوارع الرئيسية آنذاك بصور كبيرة للرئيسين الراحل عرفات وكلينتون، وزيّنت المدن ومخيمات اللاجئين بعشرات الآلاف من الأعلام الفلسطينية والأميركية استقبالاً لكلينتون، لكن الأعلام الأميركية لا تظهر في غزة حالياً إلا حين يتم إحراقها في التظاهرات. ويقول أبو دية وهو يضع يده على خده بحسرة وقد خلا محله من المشترين «لا شيء يميز زيارة بوش (..) لا شيء لدينا نحضره، الوضع الاقتصادي مدمر والفقر منتشر والإغلاق يخنقنا والمشاكل تحصارنا». وتقول سمية زين الدين، وهي مدرسة تسكن حي تل الهوى غرب مدينة غزة الذي شهد أعنف الاشتباكات المسلحة بين حركتي فتح وحماس في حزيران «لا طعم ولا لون لزيارة بوش. كل شيء خراب (..) الاقتصاد منهار والأمن مفقود. إنها مثل زياراته للعراق». وتشير هذه المرأة وهي أم لأربعة أطفال الى «اختلاف كبير» بين زيارة الرئيسين الأميركيين وتتابع «كلينتون كان يريد حل القضية وإقامة دولة لنا، لكن الإسرائيليين وضعوا عقبات أمامه والرئيس أبو عمار رفض التنازل عن حقوقنا في القدس واللاجئين، أما بوش فهو يريد دعم إسرائيل». وتضيف «كنا في نعيم واليوم نحن في ما يشبه الجحيم بسبب الحصار. لا أمل في الدولة إذا لم تتوحد حماس وفتح . يكفي قتل وبؤس (..) وضعنا كله كان أحسن لكن ما زلنا نحلم بدولة وبانتعاش اقتصادي». وترى حماس أن زيارة بوش تجميلية ويقول إسماعيل رضوان، القيادي في الحركة، إن زيارة بوش «محاولة لدعم العدو الصهيوني (..) والضغط على الطرف الفلسطيني الأضعف. انها زيارة تجميلية لبوش وادارته الفاشلة التي عانت الهزائم في العراق ولبنان وأفغانستان». وحذر رضوان من أن هدف الزيارة تأزيم الوضع الداخلي الفلسطيني وتكريس الانقسام لمصلحة العدو . لكنه يقر أن الوضع في الأراضي الفلسطينية كان أفضل عند زيارة كلينتون. وأشار الى أن إدارة بوش اعلنت الحرب على حماس والشعب الفلسطيني ونتوقع مزيداً من الضغط على قطاع غزة.. وتابع «المطلوب من أبو مازن رفض المال السياسي والابتزاز وتغليب المصلحة الوطنية العليا». وبحسب إحصائيات فلسطينية، فإن نسبة الفقر ازدادت في قطاع غزة بنسبة 60 بالمئة عن العام المنصرم بسبب الحصار الإسرائيلي وعزل غزة. وتبدو غزة المعزولة عن العالم منهكة في ظل الحصار والإغلاق الذي ازداد بعد سيطرة حماس. ولا يخفي أحمد سعدي (25 عاماً) الموظف في السلطة الفلسطينية نيته ترك القطاع مؤقتاً خوفاً من تدهور الأوضاع أكثر. ويقول هذا الشاب «هناك اختلافات كبيرة بين زيارة بوش وكلينتون.البنية التحتية مدمرة، عملية المفاوضات والسلام كانت أفضل بكثير والعلاقات بيننا وبين الإسرائيليين باتت متوترة جداً ومتشنجة ولا ثقة (..) هذا فضلاً عن الانقسام الداخلي». ولم تتوقف إسرائيل عن هجماتها وتوغلاتها في قطاع غزة. ويعتقد جهاد حمد، المحاضر في جامعة الأزهر في غزة، أن الأحوال التي تزامنت مع زيارة كلينتون «لن تتكرر» ويقول «الحالة الفلسطينية ضعيفة بسبب الانقسام وسيطرة حماس على غزة والموقف الأميركي المتعاطف 100بالمئة مع إسرائيل الذي لا يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني ويتعامل بسياسة اللعب على استراتيجية الوقت.كما أن الموقف العربي منقسم على ذاته وضعيف هذا كله لا يخدم الفلسطينيين». وأضاف حمد كلينتون احترم الفلسطينيين وزار المجلس التشريعي في غزة إنها رمزية عالية ورفع العلمان الفلسطيني والأميركي للمرة الأولى على كل الأراضي الفلسطينية (..) أما بوش فيضع شروطاً ولا يريد زيارة ضريح أبو عمار ولا التعامل إلا مع جزء من الفلسطينيين». أ.ف.ب. |
|
|||||||||||||