بين أفضل التشبيهات التي أطلقت على زيارة بوش لتل ابيب ورام الله ، ما ذكرته سهى زين الدين المعلمة في مدرسة حي الهوى غرب غزة، حين وصفت هذا الحدث بأنه أشبه بزيارة لبوش الى ..العراق .

هذا التشبيه العفوي والذي جاء في سياق الرد على أسئلة لمراسل وكالة الأنباء الفرنسية، يؤشر على أن زعيم الدولة العظمى يأتي وكأنما ليتفقد قواته ..الاسرائيلية، لا ليقيم السلام المفترى عليه الذي يتمرأى كشبح لا ملامح له .

قبيل الزيارة بأسابيع كان وزير الدفاع باراك قد قصد واشنطن، وهناك نجح في انتزاع مزيد من الدعم غير المحدود للجيش الاسرائيلي وهو جيش احتلال . وهاكم بعض الأرقام .

ـ قدمت واشنطن اواخر العام الماضي 155 مليون دولار كدعم لاسرائيل “في مواجهة ايران “وكأن الحروب الإيرانية الإسرائيلية التي لم تقم من قبل أبداً في أي وقت، سوف سوف تتجدد في أي وقت ! .

ـ المبلغ السابق متواضع إن لم يكن رمزياً .وذلك في ضوء رزمة المساعدات المالية والتسليحية . وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس تعهد بتزويد اسرائيل بـ 25 طائرة من طراز إف 35 بعد إدخال الإحداثيات اللازمة لتطويرها .يشمل الدعم تطوير بطاريات حيتس بعيدة المدى .

الى ذلك قررت واشنطن رفع الدعم الإضافي والمسمى “مساعدات أمنية” الى 600 مليون دولار بدلاً من مائة مليون دولار. وهذا الرقم الجديد يضاف الى المساعدة السنوية التقليدية التي تقدر بـ 4،2 مليار دولار .

هذا الدعم غير المحدود من أموال دافعي الضرائب ، يقدم لدولة هي خامس دولة مصدرة للسلاح في العالم. وتبلغ بقيمة صادراتها ما معدله 4،4 مليار دولار.اما ميزانيتها العسكرية فقد ارتفعت للعام الجاري 2008 بما قيمته 12 مليار دولار لتبلغ 76 مليار دولار .

هذه الأرقام توحي بأنها تتعلق بدولة كبرى. ومع ذلك فإن الحاكمين في واشنطن ومن سبقوهم من حكام ، يعتبرون هذه الدولة مهددة بصواريخ القسام .وحتى بحجارة أطفال المدارس وبنقمة الأمهات الثكلى .وسوف يتلو بوش في زيارته لتل أبيب المزيد من التعهدات، بالمزيد من الدعم لهذه الدولة المحتلة لأراضي الغير وسوف يقرن تعهداته بالفعل .والدعم يذهب أساسا ل”جيش الدفاع” الذي أخذ مسؤولون أميركيون عليه سوء أدائه في حرب تموز قبل عامين ضد لبنان وحزب الله .تماماً كما انتقد عسكريون أميركيون سابقون اداء جيشهم في العراق .

بوش بهذا يجيء لتفقد القلعة العسكرية ويتفقد قواته ..الاسرائيلية فيها، حسب التشبيه اللماح للمعلمة الفلسطينية، التي اختبرت هي وأبناء القطاع مدى نجاعة الأسلحة الاسرائيلية المطورة أميركياً، التي استخدمت ضد البشر والشجر والحجر ،على مدى أربعين عاما على الأقل .

مقابل هذا الكرم السخي وبغير حساب للدولة المحتلة، فلسوف يحظى الفلسطينيون بوعود سخية بإقامة دولتهم، وسبق للرئيس بوش أن حدد نهاية العام 2005 كموعد لإنشاء الدولة العتيدة حسب رؤية شهيرة له معروفة برؤية الدولتين، غير أنه لم يجد عناء ولا حرجاً في التنصل “السلس” من ذلك الالتزام. ويكاد المرء يتخيل كيف سيتحدث في أواخر العام الجاري قائلا إنه” بذل كل جهده لتحقيق هذا الحلم، لكن الصعوبات كانت أكبر منه “.الى جانب مساعدات اقتصادية تم إقرارها في مؤتمر باريس لتحسين أحوال الرازحين تحت الاحتلال، وليس لتخليصهم منه .

الخشية أن يلقى الزائر استقبالا حاراً لا يستحقه في رام الله مع الهتاف بـ ..حياة المفاوضات ، بدلاً من خطاب تحرري مفتقد يتضمن التمسك باتباع كل السبل المشروعة، لانتزاع الحرية والاستقلال وإنهاء الاحتلال البغيض المرعي أميركياً .