العدد 54 - حريات | ||||||||||||||
بعد نحو عام من قيام الجمعية العامة في الأمم المتحدة، في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2007، باعتماد القرار رقم 62/149، الذي يدعو إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام على مستوى العالم، إذ وافقت عليه وقتها 104 دول، وصوَّتت ضده 54 دولة من بينها الأردن، فيما امتنعت 29 دولة عن التصويت عليه، فإن التصويت الثاني على القرار في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008، حمل انخفاض عدد الدول المصوّتة ضده إلى 48 دولة، وارتفاع عدد الدول التي صوتت لصالحه إلى 105 دول. الأردن، اختار في المرة الثانية، الامتناع عن التصويت، جنباً إلى جنب مع الدول العربية التالية: المغرب، البحرين، لبنان، الإمارات، وعُمان، فيما صوتت الجزائر لصالح القرار. وتعليقاً على تطور الموقف الأردني تجاه القرار، اعتبر "التحالف الأردني لمناهضة عقوبة الإعدام"، الذي يضم عدداً من الناشطين والسياسيين ومراكز الدراسات، ويتخذ من "مركز عمّان لدراسات حقوق الإنسان" مركزاً له، أن الأردن يسير باتجاه التدرّج في التعامل مع هذه العقوبة الاستئصالية،سواء من حيث التشريع أو الممارسة العملية، وإن كان موقف الأردن الحالي لا يشكل بعد الطموح المرجو. وفي بيان له بخصوص المستجدات في الموقف الرسمي تجاه عقوبة الإعدام، رصد التحالف عدداً من الإجراءات التي استدل منها على تقدم الأردن باتجاه إلغاء العقوبة، ومن ذلك إضافة إلى تصويته الجديد في الأمم المتحدة: - عدم تنفيذ أية حالة إعدام تعسفي أو إعدام خارج نطاق القانون. - عدم تنفيذ أية حالة إعدام بما يتعلق بالجرائم السياسية. - عدم تنفيذ عقوبة إعدام ضد الأحداث. - إلغاء عقوبة الإعدام عن بعض الجرائم بموجب القوانين: 41 لسنة 2006، 45 لسنة 2006، 43 لسنة 2006. - إصدار العديد من حالات العفو الخاص، التي استبدلت بموجبها عقوبة الإعدام بعقوبات أخرى. - انخفاض حالات الممارسة العملية لتنفيذ عقوبة الإعدام في السنوات الأخيرة. - إرجاء تنفيذ الإعدام لأطول فترة ممكنة، من أجل إتاحة الفرصة للفرقاء للمصالحة واسقاط الحق الشخصي. في السياق نفسه، اعتبر التحالف أن هذه التوجهات الرسمية تمثل "دفعة قوية" لجهوده المناهضة لعقوبة الإعدام، مؤكداً أن جهوده تلك لاقت من الحكومة الأردنية كل تجاوب، إذ كان ناشد رئيس الوزراء بتغيير موقف الأردن من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أسبوعين من التصويت، وأقام عدداً من الفعاليات تتعلق برفض عقوبة الإعدام. يُشار إلى أن قرار الأمم المتحدة حول عقوبة الإعدام، ليس ملزماً من الناحية القانونية، إلا أن له وزناً أخلاقياً وسياسياً كبيراً. وفي وقت سابق، اعتبرت منظمة العفو الدولية القرار بمثابة "تذكير للدول الأعضاء بالتزاماتها بالعمل من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، كما أنه يمثل أداة مهمة لتشجيع الدول التي ما زالت تطبق عقوبة الإعدام على مراجعة استخدام هذه العقوبة". هناك 64 دولة في العالم، تنص تشريعاتها وقوانينها المحلية على جواز استخدام عقوبة الإعدام، كما أن هناك 11 دولة تلجأ إلى العقوبة في حالات استثنائية، فيما هناك 32 دولة لديها العقوبة في تشريعاتها، لكنها لا تنفذها. ومن الناحية العملية فقد ألغت 133 دولة، تنتمي إلى مختلف أقاليم العالم، عقوبة الإعدام إما بالنص على ذلك في قوانينها، أو بتعليق ممارستها. وخلال العام 2006، لم تُنفذ أحكامٌ بالإعدام سوى في 25 دولة، تم 91 في المئة منها في ست دول، هي: الصين، إيران، العراق، باكستان، السودان، والولايات المتحدة الأميركية. وقد شهد العام نفسه انخفاضاً في تطبيق تلك العقوبة مقارنة بالعام الذي سبقه، بنحو 25 بالمئة، إذ انخفض العدد من 2148 حالة إعدام في العام 2005، إلى 1591 حالة، بحسب أرقام منظمة العفو الدولية. يذكر أن إيطاليا هي التي كانت تقدمت بمشروع القرار حول إلغاء عقوبة الإعدام في العام الماضي، وذلك باسم الاتحاد الأوروبي، على اعتبار أن "عقوبة الإعدام تمثل إهانة لكرامة الإنسان"، فيما عمدت دول أخرى لتقديم ملاحظاتها واقتراحاتها بالتعديل على مسودة المشروع. وكانت دول الاتحاد الأوروبي رفضت 14 تعديلاً قدمتها الدول المعارضة لمشروعها،من بينها تعديل يقترح إدراج فقرة تطالب بحماية الطفل قبل ولادته.وقد تقدمت مصر وعدد من الدول الإسلامية باقتراحات للتعديل، لم تلق التأييد. وفي وقت سابق من العام الجاري، طالب التحالف الأردني لمناهضة عقوبة الإعدام، بوضع ضوابط وشروط على التحقيق الجنائي الخاص بالقضايا، التي قد تصدر فيها أحكام بالإعدام، ووضع بدائل لعقوبة الإعدام لغير الجرائم التي تتعلق بأمن الدولة وسلامتها، فضلاً عن التمسك بإلغاء عقوبة الإعدام كخيار استراتيجي، وليس على المدى القصير، مقترحاً أن يُراعى في المرحلة الحالية السابقة لإلغاء الإعدام ما يلي: ضمان إجراء محاكمات عادلة، أن تمر المحاكمات بمراحلها القضائية (الدرجة الأولى والثانية)، دعم استقلال القضاء، وإلغاء المحاكم الاستثنائية. كما دعا التحالف إلى تفعيل دور علماء الاجتماع وعلم النفس لمعالجة ظاهرة الإجرام، من خلال خلق وتطوير المجتمعات الديمقراطية. أما المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، فإنها تعارض عقوبة الإعدام في جميع الحالات بلا استثناء. وتعتبر منظمة العفو الدولية في أدبياتها أن عقوبة الإعدام تمثل الحرمان النهائي من حقوق الإنسان، وأنها "قتل إنسان على يدي الدولة عن سابق قصد وبدم بارد باسم العدالة"، فضلاً عن كونها انتهاكاً للحق في الحياة، المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. |
|
|||||||||||||