العدد 54 - حتى باب الدار | ||||||||||||||
أحاول في ما يلي تفكيك واحد من المفاهيم، التي تتخلل العديد من مناحي الحياة في المجتمع الأردني وهو «الجَّّقَمْ». فـ«الجََّقَم» في الكلام الدارج هو إمالة الفم الاختيارية او الإجبارية، ونقول «جَقَمَ فَمَه» أي أماله، ويقال رجل «أجقم» وامرأة «جقما» وقد حُذِفَت الهمزة للتخفيف كما يقع عادة في العامية الأردنية، وفي المثل الشعبي قيل: «ثُم اجقم وخاشوقة»، في إشارة الى الوضيع الذي يبالغ في مطالبه، و«الثّم» هنا هو الفم أما «الخاشوقة» فهي الملعقة. لكن هناك اشتقاقاً لغوياً آخر من هذه الكلمة، يختلف قليلاً من الناحية اللفظية لكنه يختلف كثيرا من ناحية المعنى، حيث أنه يتجاوز الأبعاد الجسدية أي حالة الفم سواء كان بخاشوقة أو بلا خاشوقة. فعندما نَصِف رجلاً بأنه «جِقِم» (بكسر الجيم والقاف) يكون معنى ذلك أنه عنيد يجادل في البديهيات ولا يستوعبها، وتجمع «جُقُم» (بضم الجيم والقاف) أو «جِقْمين»، ومع أن الوصف يتعلق بالذكور غالباً، لكن قد يحدث أن نصادف سيدة «جِقْمِهْ». كما ترون فإن هذه المعاني لا علاقة لها بوضعية أفواه من تطلق عليهم. لكن ينبغي التفريق بين أن يكون الشخص عنيداً تجاه خصومة وأعدائه، وبين أن يكون «جِقْماً»، فالشخص «الجِّقِم» لا يكون كذلك إلا إذا كان على درجة من الجهل، مع الحرص على عدم التعلم، فلا يجوز أن نصف مسؤولاً بأنه «جِقِم» فقط لأننا نراه يحيد عن الصواب، ذلك لأنه في العادة يكون مدركاً لما يقوم به من تمويه، كما أن الرئيس الأميركي بوش لا يعد «جقماً» وهو يتخذ مواقفه المعادية للعرب، مع أنه قد يكون في حياته الشخصية «جقماً». على هذا فإن «الجَقَم» الوارد في المصطلح الأردني أقرب الى معاني «التناحة»، مع فرق بسيط يكمن في ميل الشخص «الجِِّقِم الى النقاش بينما يميل «التّنِح» الى الصمت. ملاحظة: استعنت كالعادة في مثل هذه المسائل، بقاموس اللهجات والأوابد الأردنية للعلامة العزيزي رحمه الله. |
|
|||||||||||||