العدد 54 - حتى باب الدار
 

هذه دعوة لإعادة النظر بالمثل الدارج القائل: «مثل حوار الطرشان».

ففي الواقع لا توجد هناك مشكلة في حوار الطرشان مع بعضهم البعض، فالطرشان توصلوا الى أساليب خاصة للتفاهم بشكل جيد، وأحياناً حتى بعيداً عن لغة الصم. وبشكل عام لا يحتج الأطرش لأن زميلاً له مثله لا يفهم ما يقول، والأطرش كغير الأطرش مستعد لشرح ما يريد حتى يستوعب الطرف المقابل.

إذا تـوخينا المزيد مـن الدقة، علينا القول إن الطرشان عندما يتحاورون، فـإن امكانية نشوء مشكلة تفاهم ما بينهم ،تـعادل تماماً إمكانية نشوء مشكلة تفاهم بـين غير الطرشان.

المشكلة تكون فقط عندما يتحدث غير الأطرش مع أطرش، وبالطبع نحن لا نستطيع لوم الأطرش على ذلك، واللوم كله يقع على غير الأطرش، ببساطة لأن الأطرش ليس مسؤولاً عن كون محاوره غير الأطرش لا يستطيع توصيل ما يريده.

يتحاور الطرشان ما بينهم بكل سلاسة وتفاهم، ولا ينـزعج أحدهم من الآخر ولا يشعر أنه لا «يستمع» إليه، ببساطة لأن الاستماع شأن يخص غير الطرشان فقط، بينما لا يحتاج الطرشان الى الاستماع او السمع.

"مثل حوار الطرشان".. عبارة صاغها القادرون على السمع ليصفوا بها شؤونهم، لكنهم أحالوها الى غيرهم وبطريقة جبانة، فهم لم يكونوا ليكثروا من ترديدها لولا أنهم يعرفون أن المذكورين فيها، أي الطرشان لن يسمعوها.

وماذا عن حوار “غير الطرشان”؟
 
04-Dec-2008
 
العدد 54