العدد 9 - بورتريه | ||||||||||||||
وزير أسبق طاعن في الأكاديمية، غاطس بالملفات والدراسات. مع أنه من أصحاب الياقات البيضاء لكنه ثائر على ربطة العنق. طفولته أمضاها متنقلاً رفقة والده القاضي بين ضفتي النهر المقدس.. من مسقط رأسه الصريح إلى خاصرة البلقاء مادبا فعمان، مروراً بجبل عجلون والكرك والخليل والقدس. من حارات هذه المدن انتقل كامل العجلوني إلى أرقى الجامعات الغربية لينال أرفع الشهادات ويحصد جوائز علمية. ساهمت تجربة التنقل في طفولته، في صقل شخصيته، وتوسيع مداركه ورسخت إيمانه بالتعددية والوحدوية. تلكم حياة «لا يعقبها الندم» للعين ووزير الصحة الأسبق المنهمك في مساعدة الناس على مقارعة المرض. يجمع بين الطب، الفلسفة والسياسة. لكنه يعتبر نفسه عالماً بالدرجة الأولى، لا سياسيا محترفا، وإنما مطلع ومنشغل بالشأن العام. إصراره على عدم ارتداء «ربطة العنق» يتيح مجالاً فسيحاً لغلبة العالم المتأمل على صفاته الأخرى. دارس مهتم بشؤون متعددة يرى كثيرون أن ليس لها علاقة بتخصصه. ويرى انها في صلبه، له 144 بحثاً علمياً منشوراً، والعديد من المؤلفات. لا يقبل الواسطة، ولا الكسل أو الخمول، ويكافيء المبدع بحماس، وهي خصال خلقت له أعداء كثيرون. يحمل رأياً قد يكون قاسياً حيال الأحزاب. فهو يرفض الحزبية استناداً إلى حادثتين شكلتا وعيه السياسي: الأولى: مشاركته في المظاهرات ضد حلف بغداد (في منتصف القرن الماضي) وموجة فرار السياسيين وبعض العسكر إلى دمشق، إذ أضحوا أبطالاً في نظر الأحزاب السياسية آنذاك، رغم أن منهم من ناوئتهم تلك الأحزاب في السابق. على حد قوله. والثانية: هزيمة 1967، وما تبعها من انعكاسات ومظاهرات ليس احتجاجاً على ضياع فلسطين وسيناء، وإنما للمناداة بعودة جمال عبد الناصر إلى الحكم. يومها اقتنع الطبيب/ المفكر بالميل الشعبي الخاطئ لعبادة الفرد وغياب المؤسسية. العجلوني المولود عام 1943 أنهى دراسته الجامعية في ألمانيا، وتدرّج بعيد عودته إلى الوطن في العديد من الوظائف ذات الاختصاص بمهنته، وصولا إلى حقيبة الصحة في حكومة أحمد عبيدات عام 1984، وهي تجربة لم يكررها، وظل لسنوات يعتذر عن الحقيبة الوزارية في حكومات لاحقة. يصفّه مقرب منه في سنوات الصبا بأنه كان واعياً وذكياً وجاداً، من ايجابياته ديمقراطيته. أما أبرز سلبياته، فعناده إذ يصعب أيضاً إقناعه بالرجوع عن فكرة اقتنع بها أو مبدأ يلتزم به. لذلك يتهمه بعض معارفه بالديكتاتورية، فيما يصف نفسه بأنه ديمقراطي النقاش. ويبرر ذلك بأن الكثيرين لا يفرقون بين حرية الحوار وأخذ القرار «فمن حقك أن تناقش، ولكن ذلك لا يعني أن يؤخذ برأيك.. وليست هناك ديمقراطية مطلقة». يصر، ربما لكل ما تقدم، على أن يلقب بلقب البروفيسور المرادف للأستاذ الدكتور. حاز العديد من الجوائز العلمية، منها: جائزة المنحة التعليمية الألمانية لخدمات التبادل التجاري للأعوام 64، 65، 66، 67. جائزة عبد الحميد شومان للعلماء العرب الشبان 1983، وسام الاستقلال من الدرجة الأولى، وسام التربية والتعليم من الدرجة الممتازة. جائزة مؤسسة سيغلر الأميركية لبحوث السكري 2001، جائزة الدولة التقديرية في حقل العلوم البحتة والتطبيقية 2002، جائزة الجامعة الأردنية لأفضل باحث في الحقل الطبي 2006، جائزة دولة الكويت لمكافحة السرطان والأمراض القلبية والوعائية والسكري 2006، جائزة حصاد التميز من الدرجة الأولى2007، وسام الحسين للعطاء المميز من الدرجة الأولى2007 وأخيراً جائزة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للباحث المتميز لعام 2007. ممارس للرياضة بانتظام ويعتمد حمية صحية بعد أن داهمته قبل سنوات جلطة مباغتة. دقيق ولا وقت للفراغ في حياته فهو منهمك دائماً في إعداد بحث جديد أو إنهاء كتاب وأخرها كتابه المثير للجدل «الجنس في اليهودية المسيحية والإسلام-المرأة والرجل وعلاقتهما». لديه أربعة أبناء، أكبرهم صخر، أمين عام الديوان الملكي وحاز مؤخراً لقب معالي. من صبره وجلده ومثابرته تأسيسه المركز الوطني للسكري والغدد الصم وأمراض الوراثة عام 1994، بتشجيع من الملك الراحل الحسين والأمير الحسن، بعد أن أثبتت الأبحاث حجم المشكلة الكبيرة التي يعاني منها الأردنيون (35 بالمئة). مذ ذاك، تفاقمت المشكلة ما دعاه لتذكير السياسيين بحجم تكلفة علاج السكري ومضاعفاته التي تصل إلى 624 مليون دينار سنوياً. على الرغم من أن بعض اقرانه يصفونه بـ«المتفتح والمتحرر»، وهو ما يدل عليه سلوكه اليومي، إلا أن الاغتراب المتزايد في القيم والأخلاق يقلقه، مقارنة بأيام كان النهر شريان التواصل بين الناس. حين كان يتنقل بين مدن الأردن وفلسطين في سنوات الطفولة والصبا كانت القيم والأخلاق متقاربة، أما اليوم فثّمّة خلط وتفاوت في القيـم حــتى بـيـن سكان بناية سكنية واحدة. |
|
|||||||||||||