العدد 9 - بورتريه | ||||||||||||||
أردني بهوى فلسطيني، وشعبي حد التخفف من الصرامة التي يتلبسها غير قليل من أقرانه السياسيين. وساخر إلى الحد الذي تحلو للكثيرين مجالسته، رغم أن وراء تلك السخرية ما وراءها. ينادونه "ابو صالح" إلا انه يفضل كنية "ابو لونا" ابنته التي يعتبرها احب الناس الى قلبه والمتزوجة من مكرم القيسي سفير الاردن في فيينا. هو النائب د. ممدوح العبادي، صديق وسط البلد بمقاهيها ومطاعمها الشعبية العتيقة، فهو “لم يبدل جلده طبقيا بعدما أصبح من أصحاب السعادة والمعالي”، كما يقول صديق له. ابن رأس العين، والأول بين خمسة ذكور وست أخوات، الذي ولد على أطراف عمان لأبوين أمّيين، وذلك عندما كان جده جالياً من (يرقا) على خلفية حادثة قتل، لا يخفي طموحه بأن يصبح رئيسا للوزراء. يبرر طموحه بالقول “الذي يعمل بالعمل العام و لا يطمح إلى منصب في السلطة التنفيذية يكون عبثياً”. ظل قريباً من فتح على مدار سنوات طويلة، وشغل منصب رئيس اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة، وهو الموقع الذي أهله لان يكون ناشطاً سياسياً على مستوى رفيع، حيث امتلك خلال هذه التجربة منظوراً تقدمياً في جدل العلاقة الاردنية الفلسطينية، ربما لم يمتلكها سياسي اردني غيره. “زفّته” الأولى كانت في “الكتاتيب”، عندما ختم القرآن قراءة. تلك كانت البداية فقط لأعراس طويلة على مدار سنوات عمره، كان العبادي خلالها “عريسا” بأكثر من ثوب. طبيب العيون الذي درس في تركيا وبريطانيا يفتخر بأنه مشى عمان “حافيا من أولها إلى آخرها”. دراسته في تركيا شكلت له أول درجات السلم في العمل العام حين شغل هناك منصب سكرتير رابطة الطلاب العرب باسطنبول. غير أن افتتاح عيادته الخاصة في مدينة الزرقاء في العام 1975، أمدّته بزخم شعبي كبير، وهو المعروف عنه بأنه “يداوي الفقراء مجانا”، بحسب معارفه. محاور بارع، يدافع عن قناعاته بشجاعة. علا صوته كثيرا عندما كان نقيبا للأطباء (1987 – 1991) في فترة الأحكام العرفية. ولكن صوته المرتفع ذلك لم يشفع له في النجاح بالانتخابات النيابية في العام 1989 التي اختار فيها الترشح في مدينة الزرقاء معقل الإسلاميين. الديناميكية التي كشف عنها “أبو صالح” خلال عمله النقابي جعلت رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري يضمه إلى حكومته وزيرا للصحة (1991 – 1993)، ليستمر في وزارته تلك في عهد الشريف زيد بن شاكر، فحاز لقب “معالي” عن جدارة. الألقاب لم تتوقف، فما أن أنهى عمله في “الصحة” حتى عين أميناً للعمان، ولكن طريقة الخروج من هذا المنصب الذي أقصي عنه في العام 1999 من دون إبداء أسباب معلنة، شكلت للعبادي غصة استمرّ في مداراتها إلى العام 2003، معترفا بأن فوزه في الانتخابات النيابية خفف من ذلك الإقصاء المؤلم. الألم لعله زال كليّا بعد الفوز الكاسح الذي حققه في الانتخابات النيابية الأخيرة (2007)، عندما ترشح في الدائرة الثالثة التي اصطلح على تسميتها دائرة الحيتان، وبعدما أنتخب نائبا أول لرئيس مجلس النواب بعد المهندس عبد الهادي المجالي. يرأس كتلة “التجمع الديمقراطي” التي شكلها سابقا مع علي أبو الراغب وطاهر المصري وآخرين، غير أن انتقادات كثيرة وجهت لها، أقلها أنها “كتلة غير ثابتة” يخرج منها أشخاص ويدخل آخرون، ثم إنها “لم تقدم شيئا للحياة البرلمانية”. في مسيرته السياسية لم يؤسس حزبا، ولم يلجأ إلى عشيرته، ولا اعتمد على ثقلها في تسلم المناصب المختلفة، بل على العكس، إذ يروي عارفون به أن عشيرته لجأت إليه بعد أن سطع نجمه في العمل العام. هو خليط من نائب خدمات وشعبي، يحلو له ركوب الموجات الشعبية، كما يقول معارفه، ولعل ما يؤخذ عليه في هذا السياق أنه بقي شعبيا في أدائه، الذي لم ينتقل به إلى أن يصبح رقابيا تشريعياكما هي وظيفة النائب الأولى . إلا أن المآخذ لا تتوقف، ففي الوقت الذي يعد هو نفسه صديقا للصحافة والصحفيين، يتهمه آخرون بأنه وظف أولئك الصحفيين لخدمته و”تلميع صورته”، خصوصا إبان خدمته أمينا لعمان. خلال خدمته تلك تعرض إلى ما يشبه “الهزة”، عندما وقع 19 عضوا منتخبا في مجلس الأمانة، وعلى رأسهم نائبه الذي خلفه في موقعه المهندس نضال الحديد، على عريضة اتهموه فيها بالتفرد في اتخاذ القرارات، وتهميش مجلس الأمانة الذي يشكل أعلى سلطة في الأمانة، ولكنه استطاع احتواء تلك “الحركة”. عندما شكل نادر الذهبي حكومته قبل أسابيع قليلة، استبق العبادي الأداء، وقلل من “إمكانية حدوث إصلاح سياسى جوهرى” خلالها . يصف العبادي نفسه بأنه نائب يكون مواليا حين يشعر بضرورة أن يكون مواليا، ومعارضا حين يشعر بضرورة أن يكون معارضا، مصنفا نفسه ضمن الموالاة لحكومة نادر الذهبى على أساس قناعته بكفاءته ونزاهته. |
|
|||||||||||||