العدد 53 - أردني | ||||||||||||||
نور العمد رغم الطابع الجمعي لتأسيس الجمعيات، فقد بات ملاحظاً في الآونة الأخيرة انتشار عدد كبير من الجمعيات التي أنشئت بدافع شخصي، وبهدف توعية المجتمع بقضايا قد يغفل عنها المهتمون في كثير من الأحيان. وعادة ما يكون الدافع وراء تأسيس هذه الجمعيات، حوادث مأسوية أصابت أشخاصا مروا بحادثة ما، تركت جرحاً عميقاً في أنفسهم فبدأوا بعدها بالتفكير "باستثمار المأساة إيجابياً" حماية للمجتمع من حادث مشابه. وقد لعبت بذلك هذه الجمعيات دوراً فاعلاً في نشر التوعية بنشاطاتها وبرامجها المختلفة في مجالها، وفي اتخاذ قرارات وتحريك ملفات بقيت مقفلة إما سهواً أو صمتاً متعمداً فبقيت في أدارج المسؤولين لسنوات! وربما كانت مبادرة حكمت للسلامة المرورية، المثال الأنصع على تحويل حدث مأسوي إلى عمل لنشر التوعية بحوادث المرور التي تفتك بالمجتمع. فقد انبثقت هذه المبادرة عن جمعية الجود للرعاية العلمية في العام 2008، وذلك على خلفية وفاه الشاب حكمت قدوره ذي السبعة عشر ربيعاً في حادث دهس في إحدى شوارع عمان، فقررت أسرته ترجمة حزنها وألمها إلى فعل إيجابي يستفيد منه المجتمع كافة. ويحسب لهذه المبادرة، أنها ساهمت، مع خطوات أخرى، في التخفيف من حدة حوادث السير والدهس الذي يقدر عدد ضحاياها بالآلاف سنويا، وذلك من خلال عملها على محورين متوازيين، الأول: الجهات الرسمية ذات العلاقة، والآخر: العمل الاجتماعي من خلال المساهمة في تحسين البنية التحتية للحد من هذه الظاهرة. المدير العام لمبادرة حكمت للسلامة المرورية راما إسحاق تقول لـ«ے»: "كان الهدف تحويل الإحزان إلى شيء إيجابي حتى يستفيد منها المجتمع ولا يتعرض أحد للوفاة بحادث سير، فمن خلال هذه المبادرة نعمل من أجل أحياء وشوارع ومدارس أكثر أمنا من خلال صيانة الطرق، وعمل ممرات مشاة، ومطبات لتخفيف السرعة، بالإضافة إلى وضع إشارات تحدد السرعة على الطرق في المنطقة". المبادرة منذ نشأتها عملت على تحسين واقع 90 مدرسة داخل العاصمة وخارجها، من خلال التعاون مع إدارة السير وأمانة عمان الكبرى والبلديات ووزارة الأشغال العامة. جمعية أصدقاء مرضى الدم الأردني؛ أنشئت من قبل جهاد البنا بعد أن رزقت بابن مصاب بمرض التلاسيميا في العام 1976، في وقت لم يكن يتجاوز فيه عدد المصابين بهذا المرض 12 مريضا، وتشرح جهاد لـ "ے"،" بعد أن قمت بدراسة مستفيضة عن المرض الذي كرست حياتي بأكملها له ، تبلورت لدي فكرة إنشاء جمعية خاصة بمرضى التلاسيميا أطلقت عليها اسم "جمعية أصدقاء مرضى الدم الأردني"، ومن خلال هذه الجمعية قمنا بعدة نشاطات لأجل توعيه المجتمع بماهية هذا المرض". أول إنجاز ترجم لهذه الجمعية على أرض الواقع، هو إلزام وزارة الصحة بضرورة إدراج مشروع الفحص الطبي قبل الزواج للكشف عن مرض التلاسيميا، وتضيف البنا "عرض هذا المشروع على مجلس النواب في التسعينيات وتمت الموافقة عليه العام 2003، بعد أن ركن في أدراج المسؤولين لفترة طويلة، بعد إصراري الشديد على ضرورة هذا الفحص". استقالت البنا من الجمعية، وقامت بتأسيس المنتدى الأردني للثقافة الصحية متعدد الأغراض، ومن أهم أهدافه رعاية المرأة والطفولة في الأردن، ونشر الوعي الثقافي للأمراض الوراثية السارية. تقول البنا: "في هذا المنتدى ركزنا على أمراض أخرى بالإضافة إلى مرض التلاسيميا، فقمنا بإنشاء مركز في غور المزرعة والحديثة يخدم حوالي 30 ألف من سكان المنطقة، فضلا عن إنشاء برلمان لمرضى التلاسيميا من الشباب، وقام هذا المنتدى بتوظيف شباب مصابين بمرضى التلاسيميا في أمانة عمان الكبرى". ولخطورة هذا المرض قامت جهات أخرى بإنشاء جمعيات في المحافظات لتوعيتهم بالمرض. الدكتور حسن بني نصر من الجمعية مرضى التلاسيميا في عجلون، يتحدث عن تأسيس الجمعية في العام 1996 الذي جاء بمبادرة من مجموعة أهالي عانى أبناؤهم من مرض التلاسيميا، وكان هدفهم "توعية الناس" من هذا المرض "كي لا يهملوا أطفالهم المصابين، وبالتالي يعانوا مثلما عانوا هم أنفسهم". عدنان العابودي، رئيس جمعية ضحايا الألغام، تعرض لحادث سير على طريق السعودية الأردن العام 1989 أفقده أطرافه السفلية، لكن الحادث جعله ناشطا في قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحديدا فيما يتعلق بضحايا الألغام الذين فقدوا أطرافهم جراء انفجارها، ويعاونه عدد من الشبان الذين تعرضوا لانفجارات ألغام، وهم يعملون في تلك الجمعية لنشر التوعية بحقوقهم. سميرة الفاخوري، أرادت أن تجعل المسنين الذين يعيشون آخر سنوات عمرهم، يقضونها في صورة لائقة، فقامت بإنشاء جمعية ونادي أصدقاء كبار السن قبل ما يقارب 8 سنوات، بعدد أعضاء يصل إلى 65 عضوا، تقول لـ«ے»: "الجمعية أنشئت تحقيقا للرؤى الاستراتيجية الوطنية في دعم المسنين، وأنا كنت أول المبادرين في إنشاء جمعية ونادي أصدقاء كبار السن، وطالبت بوضع تأمين صحي للمسنين أسوة بالأطفال، وترجم هذا القرار على ارض الواقع، وما زلت أطالب بأن يكون لهم صندوق معونة وطني خاص بهم، ينبثق عن صندوق المعونة الوطنية الشاملة لأجل ضمان مزيد من حقوق المسنين". تقوم هذه الجمعية بنشاطات منوعة لفئة المسنين منها: ماراثون أجيال، وأيام طبية مجانية للمسننين، بالإضافة إلى محاضرات ومؤتمرات لدعم حقوق المسنين، ورحلات ترفيهية وطرود خير وحملة الشتاء. دلال العتوم، رئيسة نادي العون الإنساني، أنشأت النادي مع مجموعة سيدات أردنيات ناشطات في العمل العام، ولدى الكثير منهن المال الكافي لتجنيده للصالح العام. ولاقى تجمعهن دعما من قبل سيدات مسؤولات لهن دور كبير في العمل الاجتماعي العام. هذه المبادرات لا تعد ترفاً فردياً، إذ يقوم بها في الغالب أشخاص ميسورون وذوو مستويات ثقافية رفيعة، وهي تحمل توجهات ذات صبغة إنسانية لمواساة أشخاص مروا بأحداث أليمة، وتخفيف معاناتههم، ما يؤكد أهميتها وضرورتها بوصفها احدى دعائم المجتمع المدني. |
|
|||||||||||||