العدد 53 - أردني
 

عدي الريماوي

تنتشر في الأردن 1800 جمعية، تتعدد مجالاتها من علمية وبيئية وصحية وثقافية، وتهدف، كما يرد في أدبياتها، إلى بناء مجتمع واعٍ بالمشاكل والتحديات التي تواجهه، فتكثر جمعيات تهتم بمرض معين مثل: جمعية «مكافحة السرطان الأردنية»، و«أصدقاء مرضى الكلى»، أو تنشط في مجال معين في العلم مثل «الجمعية الفلكية الأردنية». بالإضافة إلى الروابط الثقافية التي تجمع مثقفين، وتعمل على مناقشة قضاياهم ومحاولة حل مشاكلهم، وتسعى إلى تطوير قدرات المبدعين الشبان، وتمكينهم من تقديم مشاركة فعالة في المجتمع.

يتحدث باتر وردم، الخبير في الشؤون البيئية، عن انتشار الجمعيات التي تختص بالبيئة في الأردن، ويحددها ب 11 جمعية تتخصص بهذا المجال، «بدأ انتشار هذه الجمعيات في أواخر التسعينيات، وكان همها في البداية التوعية البيئية، لكن مفهوم البيئة جديد بالنسبة للمجتمع. تلعب هذه الجمعيات دوراً محورياً في قضية البيئة من خلال المحاضرات والمنشورات».

على أن وردم يلحظ على هذه الجمعيات، حالة من عدم التخصص، «فلا يوجد تقسيم واضح للأدوار، وهناك منافسة بين هذه الجمعيات بدلاً من التكامل بينها، و ما يطرح من جانب الجهات التمويلية يتم العمل عليه. هناك جهد جيد بالتوعية لكن لم يتحول بعد لإنشاء تكتلات كقوى ضغط» . يذكر خبير البيئة قصة جرت قبل نحو سنتين، حين انشغلت هذه الجمعيات في قضية منتجع أقيم في دبين، وكان سيعرض مساحات هائلة من الأراضي التي تزرع بالأشجار الحرجية النادرة للخطر. دفعت هذه الجمعيات وزارة البيئة لإعداد دراسة متأنية للوقوف على تفاصيل هذا المشروع. «رغم ذلك ، فإن دور التنظيم فيها لم يصل لمستوى فعال، ولعدم وجود تمويل محلي فإنها تعتمد على البرامج التي تأتيها من الممول الأجنبي».

من الجمعيات التي تنشط في تنظيم فعاليات دورية في المجال العلمي، الجمعية الفلكية الأردنية التي تأسست في العام 1987، تقوم بعقد محاضرات أسبوعية في مركز هيا الثقافي تتناول مواضيع تتعلق بالفلك والجيولوجيا، وتقيم مخيمات كشفية للوقوف على الأحداث الفلكية مثل ظهور بعض المذنبات أو الكسوف والخسوف، إضافة إلى إقامة نواد فلكية في مدارس مختلفة. يتطرق حنا صابات، مدير الجمعية الفلكية، للتمويل الذي تتلقاه الجمعية «مصدره الأساسي من مؤسسات وطنية مختلفة، مثل وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، كما تتلقى الجمعية دعماً سنوياً ثابتاً من وزارة التربية والتعليم، للعمل على تطوير نشاطاتها وصيانة مقتنياتها. وهناك تعاون مع وزارة الأوقاف حول تحديد بدايات الأشهر الهجرية، مثل رمضان وعيد الفطر، فنحن نزود الوزارة بالحسابات الفلكية اللازمة لتحديد موعد ظهور الهلال».

عن تأثير الجمعية على المجتمع يرى صابات أن الأردن «أحرز تقدما على الدول العربية في هذا المجال، ويشير للوعي الذي بات ملاحظاً لدى زيارات أعضاء الجمعية للمدارس، «نسير على الطريق الصحيح، لكننا نحتاج مساعدة وسائل الإعلام لتغطية نشاطاتنا، والوصول إلى عدد أكبر من الناس، لنبذ المفاهيم الخاطئة المرتبطة بالفلك مثل التنجيم وغيره».

حنان الكسواني، تعمل في أكثر من جمعية صحية،تذكر أن «نسبة كبيرة من الجمعيات لا تقوم بدور توعوي، معظمها يحصل على تمويل خارجي، كثير منها لا يظهر سوى في اليوم العالمي للغرض الذي أنشئت لأجله، كي تثبت لمموليها وجودها، إضافة إلى ضعف الرقابة على مثل هذه الجمعيات». تدعو الكسواني إلى دمج بعض الجمعيات للتركيز على مصلحة المريض، لا لخدمة أهداف شخصية لـ«أصحاب الجمعية»، وتعزو فشل هذه الجمعيات إلى قلة منتسبيها، ومحدودية التغطية الإعلامية. «الجمعيات التي تعمل بجد تلاقي دعماً من منظمات أجنبية ، وهناك جمعيات تحرص على ظهورها فقط لنيل التمويل، بدلاً من العمل على توعية المجتمع».

هناك الكثير من الجمعيات المسجلة منذ أمد طويل، وتفتقر إلى تأثير حقيقي على المجتمع، «جمعية مكافحة التدخين» نشأت في العام 1981، ولم تنجح في نشر وعي بخطورة التدخين.أعداد المدخنين في الأردن في ازدياد مستمر، ونسب التدخين فيه هي من الأعلى في العالم، وقد بلغت نحو 55 في المئة من السكان، وفق إحصائيات هذه الجمعية، التي فشلت في الوقت ذاته، في بث وعي حقيقي لدى االشبان والمراهقين لتمكينهم من النجاة من آفة التدخين، وهؤلاء يمثلون الفئة الأكبر من المدخنين في الأردن.

يقول زيد الكايد، مدير الجمعية، إن الوعي يختلف عن السلوكيات، « دورنا ينحصر في الإرشاد والنصيحة والتثقيف، المواطن يعلم بمضار التدخين، لكنه يدخن رغم ذلك». وعن استصدار القوانين التي تمنع التدخين خلال القيادة أو في الأماكن العامة، يقول الكايد «الأهمية تكمن في تطبيق هذا القانون، فما زال التزام الناس ضعيفاً في هذا المجال».

معظم التقديرات تخلص الى أن عدداً محدوداً من الجمعيات ينشط في مجاله، وأن كثيراً منها يفتقد إلى الفعاليات والنشاطات، فتبقى جمعيات على ورق، دون تأثير فعلي على المجتمع. بعضها يعاني الندرة في إقامة فعاليات تناقش القضايا التي أنشئت من أجلها الجمعية، لذلك تفشل في تحقيق وعي لدى المواطنين بأهمية القضايا التي تتبناها.

دورها الاجتماعي: العدد الأقل يتدارك نقص فاعلية الأكبر
 
27-Nov-2008
 
العدد 53