العدد 53 - أردني | ||||||||||||||
نور العمد وعدي الريماوي يحاول المجتمع "العماني" طرح نفسه على أنه مجتمع مدني، إلا أنه، في واقع الأمر، على الضد من ذلك، إذ يقف تنوع أصول أفراده جغرافياً وعشائرياً أمام هذه "مدينيته" إن جاز التعبير، ويعد هذا التنوع تحديا آخر يضعف اندماج أفراده رغم رغبة الجميع في ذلك، فالعماني، وعلى الرغم من محاولته طرح نفسه ابنا لمدينه وفردا مستقلا، فما زالت لديه رغبه كامنة في نفسه تربطه بالمكان والعائلة التي تحدر منها. وتخضع الروابط العائلية والجغرافية لقانون الجمعيات والهيئات الاجتماعية، فأي رابطة عائلية يتم إنشاؤها تخضع لهذا القانون، ومعظم هذه الروابط تشكل صياغة حديثة لمؤسسة تقليدية، هي مؤسسة العشيرة او العائلة، التي تهدف لإعادة تنظيم علاقات تجمع سكاني لاحد البلدات او القرى في مواقع انتشاره. قامت هذه الروابط العائلية والجغرافية، ما بين عام 1967 وعام 1992 وتشكل معظمها ما بين أواسط السبعينيات وأواسط الثمانينيات، بالإضافة إلا أنها تعتبر امتدادا لرحلة الفلسطينيين ومقاومة التشتت لدى أهالي فلسطين الذين لجأوا إلى الأردن بعد حربي 1948 و1967. وأمثال هذه الروابط العائلية والجغرافية كثر، ديوان آل هلسة، ديوان النبر، ديوان المصري، ديوان العمد. وبحسب معلومات وزارة الداخلية، يصل عدد الروابط العائلية 78 رابطة، و19 جمعية عائلية، وجمعيها مرخص ويعمل وفق قانون الجمعيات والهئيات الاجتماعية رقم 33 لسنة 1966. وتتشابة هذه الروابط في أهدافها ومنطلقاتها، ولكنها تختلف في مدى انتظامها وفاعليتها وتطبيق الآليات الديمقراطية في عملها بحسب إمكانات أعضائها الثقافية والمادية وخبراتهم العلمية. ديوان آل العمد، جاء وفقا لرؤى شبابية للم شمل العائلة وتوثيق الروابط الاجتماعية فيما بينها، البداية كانت مع عشيره النوابلسة التي تضم مجموعة كبيرة من العائلات النابلسية التي جاءت من نابلس وتوطنت في مدينة السلط،، والتي اختار شباب في عائلة العمد بعد تفككها، إنشاء ديوان مستقل لعائلتهم تحت اسم ديوان آل العمد، وفقا لطارق العمد أحد مؤسسي الديوان. وعشيرة النوابلسة،عندما أنشئت كانت تعتبر شكلا من أشكال التكتل في إطار فكرة واحدة، ألا وهي أن كل العائلات النابلسية قادمة من مكان واحد وتجمعها ثقافة واحده، على حد قول طارق. "بعد ذلك بدأت تظهر ولادات جديدة بسبب تغيير الأعضاء ووفاة بعضهم، فبعد تفكير تم إنشاء ديوان آل العمد والذي يتخذ من السلط مقرا له. ويجمع هذا الديوان كافة عوائل آل العمد، سواء السلطية أو النابلسية او الزرقاوية أو القدسية، ويقوم بنشاطات مختلفة ويستخدم مقر الديوان سواء للأفراح والإحزان، وتوفير المساعدات للمحتاجين من أفراد عائلة العمد، على ما أوضح طارق العمد. ديوان عشيرة الصقور، أحد الداووين الفلسطينية والذي يتخذ من مدينة إربد مقرا له، قام بعض شبابه بتأسيس رابطة خاصة بهم لمساعدة من يرغب بالزواج والمناسبات مقابل مبالغ مالية رمزية شهرية من كل فرد من أفراد العائلة، وفق الشاب محمد الصقور أحد مؤسسي الرابطة. ديوان ال المصري، أنشئ لتعريف الجيل الجديد من العائلة على بعضهم البعض، حيث يقوم الديوان بعمل حفلات رمضانية وجلسات حوارية نقاشية حول مواضيع مختلفة، وفقا لرئيس الديوان لؤي المصري. وإذا اختلفت الدواوين في أصول مؤسسيها فإنها تجمعها الأهداف التي أنشئت من أجلها من ربط الأجيال الجديدة بماضيهم العائلي والجغرافي، كما تجمعها أيضاً أنها جميعاً تمول من قبل اشتراكات شهرية لأعضاء الرابطة من أفراد العائلة التي انضمت إليها وأنشئت باسمها، وتعد هذه المبالغ موازنة عامة للرابطة توزع على نشاطات واهتمامات وحاجات هؤلاء ألأفراد بالتساوي من خلال الاقتراع أحياناً، أو بدور تسلسلي بحسب جدول زمني أو حاجات أخرى طارئة تجتمع اللجان المختصة في الرابطة لمناقشتها والتصويت عليها. ولكن هنالك جمعيات وروابط تأسست على أساس المنبت المديني أو القروي مثل "جمعية خليل الرحمن"، "جمعية نابلس الخيرية"، "جمعية عيبال الخيرية"، "جمعية عين كارم الخيرية"، التي تضم أهالي القرية أو المدينة. تتمحور أهمية هذه الروابط، في جمع من ينتمون لهذه القرية في مكان واحد، للتداول في القضايا المتعلقة بهم، ومن أهم أولوياتها مساعدة المحتاجين من أعضاء الرابطة. فبعد وقوع النكبة وهجرة الكثير من العائلات الفلسطينية إلى الأردن وسوريا ولبنان، بدأ الأردن يشهد تشكيل التجمعات والروابط الخيرية، التي تجمع أهالي القرية أو البلدة الواحدة، في جمعيات يطلق عليها اسم هذه القرية أو تلك. ومن هذه الجمعيات: جمعية صفد الخيرية، جمعية الفالوجة الخيرية، جمعية الرملة جمعية لفتا وغيرها. كان المقصد الأساسي منها جمع شمل العائلات المشتتة اللاجئة، ليتمكنوا من جمع كلمتهم ومساعدة بعضهم بعضاً لمواجهة المحنة. وتقوم هذه الجمعيات بنشاطات اجتماعية مختلفة، السعيدة منها كالجاهات والأعراس، أو تلك المتعلقة بإقامة بيوت العزاء، أو تنظيم "جمعيات" لمساعدة أحد أفراد الرابطة المحتاجين. على أن نشاط هذه الجمعيات يتسع أحياناً لدى بعضها ليشمل إقامة معارض لصور قديمة وحديثة عن القرية، أو مواد تراثية وفلكلورية لتذكير الأجيال الجديدة بأصولهم مثل "جمعية عين كارم" التي تقوم بتنظيم مثل هذه الفعاليات من وقت لآخر، في أماكن مختلفة من العاصمة عمان، كمجمع النقابات وبعض المدارس. وتبرز جمعية خليل الرحمن التي أنشئت في العام 1963، بين الجمعيات الفاعلة في الأردن، وقد أنشأت مدارس في الصويفية وجبل التاج، وافتتحت عيادات ومراكز صحية في جبل النزهة، وتضم في صفوفها 1500 عضو من أبناء مدينة الخليل. يتحدث ماهر المصلح المدير الإداري للجمعية، عن النشاطات التي تقوم بها الجمعية، بهدف جمع أبناء المدينة والعمل على حل مشاكلهم، "تم إنشاء قاعة اجتماعات وإقامة حفلات أعراس فيها وبيوت عزاء، وتشكل إيرادات المدارس والاشتراكات العضوية رافد أساسياً لهذه الجمعية، إضافة إلى التبرعات التي تصل من وجوه الخير". وعن التعاون مع الجمعيات الأخرى في الأردن، "كل جمعية تستقل بذاتها، وتقيم فعالياتها بنفسها، نحن نرحب بأي نوع من التعاون مع تلك الجمعيات، لتثقيف الجيل الجديد بالقضية الفلسطينية". وإن كان الأردنيون من أصول فلسطينية يسعون من خلال تكوين جمعيات لهم المحافظة على مدنهم وقراهم السليبة في الذاكرة، فإن عمان بدأت تشهد تأسيس جمعيات وروابط تعود إلى مدن أردنية، مثل ديوان أبناء محافظة الكرك، اتخذ مقرا له في دابوق أحد أحياء عمان الراقية، لكن الرابط العشائري هو الذي يجمعهم، وهو من أنشط الروابط العائلية الشرق أردنية وأكثرها من حيث أعداد أفراده وملاءتهم المالية ووزنهم الاقتصادي والسياسي في العاصمة، ويظهر بوضوح الدور السياسي للروابط العائلية في هذا الديوان، حيث يشهد كغيره من الروابط بلا استثناء حراكاً حثيثاً موسمياً في أوقات الانتخابات النيابية لإفراز ودعم مرشحين محتملين لهم، وكذلك في الأحداث السياسية المهمة الأخرى. |
|
|||||||||||||