العدد 53 - أردني | ||||||||||||||
لعل المنتدى الثقافي الذي أسس له السياسي السوري فخري الباردوي، صاحب نشيد "بلاد العرب أوطاني"، في نهاية العشرينيات في شارع فيصل في عمان من أبرز المنتديات الثقافية التي عرفها عهد الإمارة. آنذاك أنشأ البارودي محل حلويات ومقهى سرعان ما تحول إلى ملقى للمثقفين والأدباء نظرا للصفة الاعتبارية للرجل. كان الطابع السياسي يغلب على المنتديات الثقافية، فمثلا في العام 1933، قام فوزي الملقي بدور مهم في تأسيس "عصبة الشباب الأردني"، وذلك عندما عمل مدرسا في مدينة الكرك. شاركه في التأسيس مثقفون من محافظات الشمال والجنوب مثل فضل الدلقموني وغالب القسوس وسليمان النابلسي وعبد الحليم عباس وأديب عباسي وصلاح طوقان. وإن كانت العصبة ثقافية المحتوى فإن معظم عملها كان ذا طابع سياسي؛ فكان من جملة أهدافها: نشر الثقافة وتوحيدها قدر المستطاع، والعمل على إزالة العوائق والنعرات الطائفية في البلاد. في مقال نشرته صحيفة اللواء في نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي، يؤرخ لمسيرة الملقي، جاء أن العصبة أصدرت عدة بيانات سياسية أهمها البيان الخاص باجتماع بعض زعماء شرقي الأردن مع الوكالة اليهودية في القدس. البيان الذي كتبه الملقي اعتبر أن "من يتعامل مع اليهود يشكلون سماسرة تنبذهم بلادهم" ودعا إلى «ضرورة الانتباه لهذا الخطر وإجراء مقاطعة لكل من يخرج عن مصلحة الوطن". بعد ذلك بعشرة أعوام، ظهر أول ناد أدبي في الإمارة؛ ناصر الدين الأسد أسس "نادي الندوة الأدبية" عام 1943 في شارع طلال. وضم مثقفين شبانا، وخريجي جامعات دمشق وبيروت والقاهرة. في عهد الاستقلال وفي الخمسينيات تحديدا، كان النشاط الثقافي «محموما»، ليس في العاصمة فحسب وإنما في بقية مدن المملكة شمالا وجنوبا. يذكر الكاتب زياد أبو غنيمة كيف أنه لم يكن يمر شهر من دون أن تُقام مسرحية أو معرض أو يُعرض فيلم في مدينة إربد التي نشط فيها نادي السينما والمسرح والموسيقى آنذاك. ويزيد أن مدرسة العروبة هناك أقامت معارض فنية على مستوى رفيع شارك فيها فنانون كبار مثل محمد اللحام وفنانات مثل عفاف حجازي. في تلك الفترة ظهرت مجلة القلم الجديد التي أصدرت عددها الأول في سبتمبر أيلول 1952. من أشهر من كتبوا فيها عيسى الناعوري، شجاع الأسد، محمد أديب العامري، فدوى طوقان، عبدالحليم عباس، ناصر الدين الأسد، محمد هاشم رشيد، عصام حماد، ثريا ملحس وخليل السالم. في 1961، ظهرت مجلة الأفق الجديد التي رأس هيئة تحريرها جمعة حماد. ولم يلبث أن تولى أمين شنار رئاسة تحريرها. من أبرز الأسماء التي كتبت فيها فاروق جرار، أحمد العناني، محمود الشريف، حكمت العتيلي، سليم صويص، يوسف العظم، محمد أبو شلباية، لطفي ملحس، ومصطفى زيد الكيلاني، ولكن مأثرة هذه المجلة كانت إفساح المجال أمام جيل جديد من الكتاب والشعراء الذين مهدوا لقيام نهضة أدبية في السبعينيات والثمانينيات في الأردن وفلسطين مثل: عبد الرحيم عمر وأمين شنار وخليل السواحري ومحمود شقير محمد القيسي ومحمد شاهين ويحي يخلف وعز الدين المناصرة وفخري قعوار، وقد بادر بعض هؤلاء فيما بعد إلى تشكيل رابطة الكتاب الأردنيين. تأسست الرابطة في العام 1974. وقد غلبت على بداياتها الصبغة الحزبية الصرفية. يقول أبو غنيمة إن الرابطة كانت خليطا من التيارات الحزبية الأردنية خاصة اليسارية والفصائلية الفلسطينية. ضم الرعيل الأول فيها: سالم النحاس، فخري قعوار، عبدالرحيم عمر، إبراهيم محمد جابر. وهكذا ظلت الرابطة حاضنة لنشاط قوى المعارضة اليسارية والقومية خاصة في ظل حالة الأحكام العرفية وحظر الأحزاب السياسية. حتى العام 1989 الذي شهد انفراجا سياسيا سمح بعودة الحياة البرلمانية وتأسيس الأحزاب السياسية، لم تظهر سوى بضع هيئات ثقافية. أما التسعينيات، فقد شهدت طفرة في الهيئات الثقافية. في نهاية 2005، بلغ عددها 242 منها 94 في عمان. تتبع هذه الهيئات لوزارة الثقافة. وتتنوع في مسمياتها؛ رابطة، نادي، جمعية، منتدى، ملتقى، هيئة، فرقة، أسرة، مركز، مجمع، مجلس، اتحاد، مؤسسة، معهد. ويمكن تصنفيها إلى هيئات تُعنى بالثقافة والفنون؛ الموسيقى والمسرح والسينما، هيئات مهنية وهوايات، ثقافة إسلامية ومسيحية، تربية وأطفال ومدارس، هيئات أجنبية أو مشتركة، علوم إنسانية أو تطبيقية، هيئات نسائية، فنون جميلة، وشؤون سياسية. من أبرز هذه الهيئات، إلى جانب رابطة الكتاب الأردنيين: اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين، اتحاد الناشرين الأردنيين، نادي أسرة القلم الثقافي، منتدى الفكر العربي، جمعية المحافظة على القرآن الكريم، جمعية المكتبات الأردنية، رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، منتدى السلط الثقافي، منتدى كفرنجة الثقافي، أسرة أدباء المستقبل، بيت الأنباط: الهيئة العربية للثقافة والتواصل الحضاري، الهيئة الإنجيلية الثقافية، جمعية الشؤون الدولية، الهيئة الأردنية للثقافة الديمقراطية، فرقة وادي الأخضر للفنون، الجمعية الفلكية الأردنية، رابطة اللاعبين الأردنيين الدوليين الثقافية، رابطة شؤون المرأة والأسرة، الرابطة الأردنية اللبنانية للثقافة والفكر. |
|
|||||||||||||