العدد 53 - اعلامي | ||||||||||||||
سوسن زايدة يمكن اعتبار قرار محكمة بداية عمان بعدم مسؤولية رئيس تحرير صحيفة «الهلال» سابقا، ناصر قمش، عن جريمة القدح والذم والتشهير خطوة في صالح حرية التعبير والإعلام، ولكن لا يمكن اعتباره «سابقة قضائية». فالسابقة القضائية، كما يوضح محام متقاعد رفض ذكر اسمه، «هي الصادرة عن أعلى محكمة، أي محكمة التمييز. أما هذا الحكم فصادر عن محكمة بداية، وهي محكمة من الدرجة الأولى». كما يمكن، في قضايا أخرى مشابهة، الاستناد إلى القضية التي أقامها المحامي رياض النوايسة على الصحفي ناصر قمش، على خلفية نشر «الهلال» لمقال تعرض لخطبة كان النوايسة ألقاها في مجمع النقابات المهنية. «فكل قضية تعامل على حدة وفقا للوقائع الخاصة بها»، يقول المحامي المتقاعد. لكن أهمية هذه القضية لم تأت من تبرئة الصحفي بقدر ما كانت في مجموعة محددات لنقد الشخصية العامة، تضمنها قراره الذي أصدره القاضي نذير شحادة المتخصص بالنظر في قضايا المطبوعات والنشر. «الإبداع يكون في التخصص،» يقول المحامي المتقاعد. «فالقاضي المتخصص يتاح له مزيد من الإطلاع على القانون والشروحات والسوابق القضائية وكتب أساتذة الجامعات والفقهاء في القانون، ومن هنا تزداد ثروة وملكة القاضي، وعندها يكون قادرا على معالجة القضية بشكل أفضل من قاض غير متخصص». والاختيار يكون بحسب تقدير المجلس القضائي، يقول المحامي. «فالمجلس القضائي هو الذي يختار قاضيا ما للنظر في قضايا العمل مثلا، وآخر في قضايا المطبوعات والنشر، وهكذا». المحددات التي ضمنها القاضي شحادة قراره، وازنت بين حرية الإعلام وحقوق الأفراد. فهو يرى أن للصحافة دورا في «مراقبة القائمين بالعمل العام على نحو يحول دون انحرافهم، ويقود إلى تحقيق مصلحة المجتمع.» ويشير إلى المادة الثالثة من قانون المطبوعات والنشر التي تنص على أن «الصحافة والطباعة حرتان، وحرية الرأي مكفولة لكل أردني، وله أن يعرب عن رأيه بحرية القول والكتابة والتصوير والرسوم وغيرها من وسائل التعبير والإعلام». لكن القاضي شحادة يقول أيضا في قراره إن «هذه الحرية ليست مطلقة، وإنما يرد عليها، مثل سائر الحقوق والحريات، بعض القيود التي تكفل الالتزام بالمقومات الأساسية للمجتمع من ناحية، وعدم المساس بحقوق الأفراد من ناحية أخرى». ويشدد القرار على أن «حق النقد يعد من أدوار الصحافة، ويتطلب لقيامه توافر خمسة شروط، إذ يجب أن يرد النقد على واقعة ثابتة ومعلومة للجمهور، وأن يستند على الواقعة الثابتة وينحصر فيها، وأن تكون الواقعة ذات أهمية اجتماعية، وان يستعمل الناقد عبارات ملائمة في الحكم أو التعليق على الواقعة، وأن يكون الناقد حسن النية». وبذلك اعتبرت المحكمة الواقعة التي انصب عليها مقال قمش، تتفق وشروط النقد التي أقرت، وأن الهدف من نشر هذه المادة لا يتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية، أو نشر خبر غير حقيقي من أجل الإساءة إلى شخص المشتكي. وبينت أن صاحب المقال استعمل النقد «تحقيقا لمصلحة عامة ودون أن يتعرض لحرية احد أو شخصه، أو ذكر أي أمر متصل بحياة خاصة لأحد، أو إسناد مادة شائنة معينة لشخص من اسند إليه المقال، أو عبارات تمس بشرفه أو كرامته، تخرج عن نطاق النقد البناء، وبالتالي فإن ما ورد في المادة الصحافية لا يشكل جرما يستوجب عقابا». ومن المفارق أنه في اليوم التالي لقرار محكمة بداية عمان في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، أصدر نذير شحادة، القاضي نفسه الذي أصدر قرار براءة رئيس تحرير الهلال، ناصر قمش، قرارا مماثلا برأ فيه سمير الحياري، رئيس تحرير وكالة عمون الإخبارية الإلكترونية، في قضية ذم وتشهير كان قد رفعها ضده أحمد سلامة، الناشر السابق لصحيفة «الهلال» المتوقفة عن الصدور، وذلك إثر نشر موقع عمون مقالا يحمل عنوان "إفلاس الناشر الهلالي". |
|
|||||||||||||