العدد 53 - حريات
 

دلال سلامة

تضمن تقرير مسح السكان والصحة الأسرية الذي أعدته دائرة الإحصاءات العامة ونُشرت تفاصيله أخيراً، أرقاماً مذهلة تتعلق بالعنف ضد المرأة، ذلك أن 21 في المئة، من النساء الأردنيات المتزوجات يتعرضن لأحد أشكال العنف الجسدي.

التقرير أعدّ بالتعاون مع وزارة الصحة والجامعة الأردنية ومؤسسة ماكرو الدولية، بتمويل من وكالة الولايات المتحدة للإنماء الدولي، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة.

كشف التقرير أن زهاء رُبع الأردنيات المتزوجات تعرضن للعنف من الزوج. وذكر أن 90 بالمئة من النساء أبدين موافقتهن على استخدام الرجل العنف ضد زوجته، وقلن إنه في حالات معينة فإن من حق الرجل أن يضرب زوجته.

66 في المئة من النساء قلن إن من حق الرجل استخدام العنف إذا أهانته الزوجة، و55 في المئة إذا عصت أمره، و35 في المئة إذا خرجت دون أن تخبره، و16 في المئة إذا هي جادلته، و8 في المئة رأين أن من حقه ضربها إذا هي أحرقت الطعام.

رغم أن هذه الأرقام تبدو صادمة، إلا أن ذياب بداينة، أستاذ علم الاجتماع، وأحد الناشطين في مجال دراسات العنف، يقول إن العنف الممارَس حقيقةً ضد المرأة هو أعلى بكثير من الأرقام التي أعلنها المسح.

بداينة الذي أجرى في العام 2006 دراسة عن العنف ضد المرأة، وجد أن 90 في المئة من النساء تعرضن للعنف بأحد أشكاله، أما اللواتي تعرضن للعنف الجسدي الشديد، أي العنف المفضي إلى كسور أو جروح، فقد بلغت نسبتهن 55 في المئة.

يعزو بداينة نتائج المسح الأخير إلى طريقة بناء الاستبانة: "في بناء الاستبانات هناك ما يسمى (أسئلة الرهبة الاجتماعية)، أي تلك التي تمس معتقدات دينية أو أعراف وتقاليد اجتماعية راسخة، لا يجرؤ الفرد على تقديم إجابة صادقة عنها".

ويضيف: "أمور مثل عصيان الزوج ومجادلته وإهانته تمس ثوابت اجتماعية ودينية، ولن نتوقع أن النساء هنا سيقدمن إجابة صادقة عما يعتقدنه فعلا". وهو الأمر الذي يفسر نسبة الـ90 في المئة من النساء اللواتي رأين أنه يمكن أن يكون هناك مبرر لضرب الزوجة.

تكمن المفارقة في أن التقرير صدر في الفترة نفسها التي عقدت فيها اللجنة الوطنية لحماية المرأة من العنف، مؤتمراً مناهضاً للعنف ضد المرأة. وتثير الأرقام التي تعلنها المسوح المختلفة، علامة استفهام حول فعالية الجهود المبذولة من المؤسسات الناشطة في مجال مناهضة العنف ضد المرأة.

نادية بشناق، مديرة مركز التوعية والإرشاد الأسري، أبدت دهشتها من نتائج المسح، لكنها أكدت أن أرقام مثل هذه لا تعكس خللاً في الجهود المبذولة لمحاربة العنف ضد المرأة بقدر ما تعكس قصوراً في التشريعات والقوانين التي يمكنها أن تدعم جهود المؤسسات المختلفة وتتكامل معها.

"القانون الذي صدر العام الفائت للحماية من العنف الأسري، قانون قاصر، فهو مثلا لم ينص على إخراج الزوج العنيف من المنزل، مما يضع الزوجة أمام خيارين: إما مغادرة المنزل مع الأطفال إلى منزل أهلها، الذين غالبا ما يرفضون رعاية أبنائها ويجبرونها على التخلي عنهم لأبيهم، أو أن تقبل العنف، لأنه لا مكان تتوجه إليه".

بشناق تشير إلى ثغرة أخرى في القانون، هي عدم إخضاع "الجاني" لدورات توعية وتأهيل، كما هو معمول به في البلدان الأخرى، وتلفت في الوقت نفسه إلى صعوبة المهمة الملقاة على عاتق المناهضين للعنف ضد المرأة. "المطلوب هو تغييرٌ في ثقافة وقيم اجتماعية راسخة"، تقول بشناق التي يتفق معها بداينة، موضحاً أنه في إحدى الدراسات التي أعدّها، تعرضت 15 سيدة من أفراد العينة إلى الضرب من أزواجهن لأنهن قمن بتعبئة استبانات الدراسة دون موافقتهم.

بداينة يرى أننا ننتمي إلى ثقافة تعزز العنف وتتبناه. "تلك هي الوسيلة الأساسية للتربية والتأديب لدينا، يمارسها الآباء مع الأبناء، والمعلمون مع التلاميذ، فإذا أخذنا في الحسبان أن الزواج في ثقافتنا ليس علاقة شراكة بين ندّين، بل هي علاقة يلعب فيها الزوج دور المؤدب والمربي، فإن هذا يفسر ممارسة العنف ضد الزوجات".\

**

أرقام صحيفتين

أوردت صحيفتان يوميتان أرقاماً خاطئة حول نتائج مسح السكان والصحة الأسرية. جاء في تغطية كل من الصحيفتين لندوة دائرة الإحصاءات العامة للإعلان عن نتائج المسح، أن نسبة الأردنيات اللواتي يتعرضن للعنف هو 20 في المئة، ونسبة اللواتي يجدن العنف مبرَّراً 19 في المئة، في حين أن التقرير الذي حصلت "ے" على نسخة منه من المصدر، يفيد بأن 21 في المئة يتعرضن للعنف، و90 في المئة يجدنه مبرَّراً.

90 في المئة يوافقن على استخدام العنف ضد الزوجات: أرقام صادمة في مسح السكان والصحة الأسرية
 
27-Nov-2008
 
العدد 53