العدد 53 - كاتب / قارئ | ||||||||||||||
يأخذ كثير من المثقفين والباحثين على زغلول النجار مسعاه للتقريب بين العلم والدين، ويرون أنه كثيراً ما يحقق تزاوجاً بالغصب، وليس بالتراضي، بين حقائق علمية يزعم أنها وردت في القرآن، فيما يحظى الرجل بجماهيرية كبيرة، وتجري استضافته في المنتديات العلمية وعلى الفضائيات، مثلما يحظى بتأييد من باحثين آخرين. الحديث عن النجار هنا ليس من باب تقييمه، وإنما لمناقشة دعوته الأخيرة لتحليل الحجر الأسود، لإثبات أنه من أحجار الجنة وليس من أحجار الأرض، وفق المتوارث دينياً، رغبة منه في إفحام علماء الغرب حسب قوله. وهي الدعوة التي أحدثت جدلاً واسعاً، وانقسم الناس إزاءها ما بين مؤيد ومعارض، والمعارضون أكثر من المؤيدين. كان غريباً بالنسبة لي أن دعوة تحليل الحجر الأسود احتلت هذا الحجم من التراشق الكلامي، فيما مر خبر يعنى أيضاً بإثبات "غيب" آخر مرور الكرام. قبل فترة تناقلت وسائل الإعلام خبراً عن تخطيط مجموعة من العلماء السعوديين لإجراء تجربة علمية تثبت أن القمر شُقّ في عهد الرسول، وأن ما رآه المشركون، من انشطار القمر شطرين، وهي حادثة مؤكدة في القرآن والسنّة، قد حدث فعلاً، ولم يكن مجرد تخيل بصري. الغريب أن أحداً لم يحتجّ على التجربة، ولم يُثَر شيءٌ من الجدل، لكن تحليل الحجر الأسود أثار ما أثاره من جدل ما زال مستعراً. بعض الآراء ذهبت إلى أن الحجر الأسود حجر عادي، له مكانة دينية سامية. وبعضها رأى أن التحليل سيثبت أنه حجر نيزكي. وبعضها رأى أنه حجر من الجنة، وبالتالي فإن مكوناته لن تكون مشابهة بحال للأحجار الأرضية وللحجارة النيزكية. وليس من فصل في هذه الآراء إلا بإخضاع الحجر للبحث العلمي. تجربة شق القمر وتحليل الحجر الأسود ضروريتان، ليس فقط من أجل إفحام علماء الغرب، وإنما من اجل المعرفة، فضلاً عن تعزيز الإيمان من قبيل "ولكن ليطمئن قلبي". من المهم المضي قدماً في هذا الاتجاه ما دمنا ارتضينا هذه الطريق لتأكيد انسجام الآيات القرآنية والأحاديث النبوية مع العلم. وهو موقف يعارض فيه علماء المسلمين والنجار موقف الفيلسوف سان سيمون الذي قال حين رأى تعارض المكتشفات العلمية مع الدين: "ليست المسألة أن يموت الدين ليعيش العلم، ولا أن يموت العلم ليعيش الدين، إنما المسألة كيف يتعايشان معاً". عزت سلطان |
|
|||||||||||||