العدد 52 - أردني | ||||||||||||||
سوسن زايدة يكتظ مكتب العمالة الفلبينية في الخارج التابع للسفارة الفلبينية في عمان، بأكثر من مئة عاملة منزلية ممن تركن عملهن لدى عائلات أردنية مشتكيات من سوء المعاملة. يزيد العدد عند استقبال لاجئات جدد ويقل عند تسفير السابقات ممن أمضين شهورا عدة في المكتب. في شباط/فبراير الماضي ارتفع عدد الفلبينيات الفارات من سوء المعاملة إلى نحو 250 عاملة، ما اضطر الحكومة الفلبينية إلى اتخاذ قرار بوقف مؤقت لتسفير العاملات المنزليات إلى الأردن ما زال سارياً. لكن انتقادات الفلبينيين لحكومتهم تعالت بعد الرفع الجزئي للحظر الذي لا ينطبق على العاملات العائدات إلى عائلات مضيفة أحسنت التعامل معهن، دون أن تقدم الحكومة الأردنية ضمانات كافية لحماية العاملات الفلبينيات من انتهاكات يتعرضن لها خلال عملهن في الأردن، وفقاً لمجلة بولاتلات الفلبينية. الحظر لم يكن الحل المناسب للمشكلة، وفقا للسفير الفلبيني في الأردن جوليوس توريز «من الأفضل أن يدخلن بطرق شرعية وبإقامات عمل فنعلم بوجودهن ونحميهن وفقا لقوانين العمل، بدل أن يدخلن إلى الأردن بتأشيرة سياحية دون علمنا ويفقدن حقوقهن». من أصل 20 - 25 ألف عاملة منزلية فلبينية في الأردن هناك ما بين 3500 و5000 عاملة يعملن في الأردن بطرق غير قانونية، معظم هؤلاء دخلن بتأشيرة سياحية تم تحويلها حال وصولهن إلى الأردن إلى تأشيرة عمل. «ما بين ثلاث وعشر فلبينيات يصلن إلى مطار عمان كل يوم. لو أنهن أتين بطرق شرعية وبعلمنا لتمكنا من حمايتهن وتوفير الأمن لهن،» يقول السفير. ليس للأردن سفارة في الفلبين وليست هناك أي جهة أخرى يمكنها منح إذن بدخول الأردن. وزارة الداخلية هي الجهة الوحيدة المخولة بذلك. وتتولى مكاتب استقدام العاملات المنزليات مهمة الحصول من وزارة الداخلية على أذون دخول الفلبينيات بعد تلقي طلباتهن من مكاتب تسفير العاملات في الفلبين. ما بين مكتب التسفير في الفلبين ومكتب الاستقدام في الأردن والعائلة المضيفة، وقوانين وسياسات العمل في كل من البلدين، يضيع جزء من حقوق العاملات. الحكومة الفلبينية أقرت مبلغ 400 دولار حدا أدنى لأجر العاملة المنزلية الشهري، لكن العاملة توقع عقد عمل مع مكتب التسفير بأجر شهري 200 دولار، إضافة إلى وعود بظروف عمل إنسانية. ويحدث أنه عندما تصل العاملة مكتب الاستقدام في الأردن فإنها توقع عقداً آخر بأجر شهري 150 دولاراً. «هذه حالات اتجار بالبشر،» يقول السفير الفلبيني، «وكالات تسفير العمال تستهدف المناطق الفقيرة النائية لاستقطاب العمال والعاملات الذين يجهلون حقوقهم والقوانين والسياسات الحكومية التي تحميهم.» ويؤكد السفير أن الوكيل يستغل جهل الناس هناك بحقوقهم فيعدهم بأجور وظروف عمل لا يجدها العامل بعد السفر، مشيرا إلى أنهم في بعض الحالات يزورون جوازات سفرهن وأعمارهن إذا كانوا تحت السن القانونية للعمل في المنازل، وهو 23 سنة. «في إحدى الحالات اكتشفنا فتاة في الرابعة عشرة من عمرها، أحضرت للعمل في الأردن بعد أن زور وكيل العمل في الفلبين جواز سفرها ليظهر عمرها فوق السن القانونية». يقول السفير تواصل العاملة رحلتها من مكتب التسفير في الفلبين إلى مكتب الاستقدام في الأردن، لتنقل بعدها إلى بيت المضيف لتواجه انتهاكات تراوح بين مصادرة جواز سفرها، العمل لأكثر من 8 ساعات دون أجر إضافي أو دون يوم إجازة في الأسبوع، تأخير وحرمان من أجرة شهور، عدم توافر مكان للنوم وطعام ملائم، احتجاز داخل المنزل أو حتى في المطبخ، سوء معاملة معنوية وجسدية تصل أحيانا إلى الاغتصاب، هي بعض الممارسات التي تتعرض لها عشرات العاملات اللاتي التقتهن ے في مكتب العمالة الفلبينية في إحدى ضواحي عمان. ويلفت السفير إلى حالات يمتنع فيها صاحب مكتب استقدام العاملات، أو العائلة المضيفة، عن دفع رسوم إقامة عمل الفلبينية، فتتراكم الغرامات على العاملة التي لا يعود بإمكانها مغادرة الأردن دون دفعها. «عندها تضطر الحكومة الفلبينية لدفع الغرامات لإطلاق سراح العاملة والسماح لها بالعودة للفلبين، مع أن هذا ليس خطأنا، وكذلك ليس خطأ العاملة التي احتجز جواز سفرها ومنعت من الخروج من المنزل، فكيف سيكون بإمكانها تجديد إقامة عملها؟ علما بأنها لا تعرف قوانين وأنظمة العمل في الأردن». تقول إيميلدا،وهي إحدى الفلبينيات اللواتي لجأن إلى السفارة الفلبينية: «هناك من حاولن اللجوء إلى وزارة العمل الأردنية أو السفارة الفلبينية للاحتجاج أو مقاضاة وكالات تسفير العمال، لكن دون جدوى، فهن لا يملكن أية نسخ عن العقود الموقعة ولا يستطعن إثبات تعرضهن للاحتيال. فالوكالات عادة ما تشترط الاحتفاظ بالعقد دون تزويد العاملة بنسخة عنه». يؤكد هنري باريل أنه خلال عمله ملحقا لشؤون العمالة في السفارة الفلبينية في الأردن منذ سنتين ونصف السنة، لم يشهد إدانة أي متهم في قضية اغتصاب لعاملة فلبينية أمام المحاكم الأردنية. كثير منهن لجأن للقضاء. ويضيف: «لكن الضحايا يفضلن الوصول لتسوية خارج المحكمة بدل متابعة القضية في المحاكم لستة أو سبعة شهور. وعادة ما تكون التسوية مالية، حيث تقدر الأضرار الواقعة على الضحية، ويدفع لها الجاني من ألفين إلى 5 آلاف دينار كتعويض. وهو مبلغ قليل جدا مقارنة بالتسويات في حالات شبيهة في دول عربية أخرى». أما سبب قبول هذه التسويات فيعود، بحسب باريل، إلى صعوبة إثبات حادثة الاغتصاب أمام المحكمة. «أكثر من 90 بالمئة من ضحايا الاغتصاب يلجأن للسفارة بعد مرور مدة تختفي خلالها أثار العنف والاغتصاب. ومعظم الحالات هي اغتصاب متكرر من أحد أفراد الأسرة المضيفة، وتبقى العاملة محتجزة في المنزل، وفي أول فرصة للهرب تلجأ للسفارة، وعادة ما يتم ذلك بعد مرور أسابيع أو شهور على تعرضها للاغتصاب». مشكلة أخرى، يقول باريل، تأتي بعد التقدم بشكوى الاغتصاب. «تستجوب الضحية في مديرية حماية الأسرة، حيث تسأل بطريقة أشبه باللوم: لماذا لم تحاولي الهرب بعد تعرضك للاغتصاب للمرة الأولى؟ وهذا يعني مضاعفة مأساة الضحية. عندها تفضل العاملة-الضحية القبول بأية تسوية للعودة سريعا إلى أسرتها في الفلبين». «منذ بداية هذا العام وصلتنا 5 أو 6 حالات اغتصاب»، يقول السفير، عدا عن حالات التي لم يبلغ عنها. إضافة إلى حالتي وفاة لفتاتين إثر سقوطهما من شرفة المنزلين حيث تعملان. وفي الحالتين كان من الصعب معرفة حقيقة سبب سقوطهما، «في حالة قيل إن الفتاة سقطت بينما كانت تنظف الزجاج، والثانية قيل إنها انتحرت بسبب اكتئابها. وهناك حالات لفتيات قفزن من الشرفة وأصبن لكن بقين على قيد الحياة، وذلك لأنهن حبسن في المنزل ومنعن من الخروج فحاولن الهرب. «حاولنا اللجوء للقضاء لكن صاحب العمل المتهم باغتصاب العاملة الفلبينية يرفع قضية مضادة يتهم فيها العاملة بالاعتداء على أحد أفراد الأسرة، وبذلك تدخل الضحية السجن»، يقول السفير مستغربا. لكن وزير العمل باسم السالم يحمل السفارة الفلبينية مسؤولية مخالفة العمالة الفلبينية للقانون في كثير من الحالات، مطالبا إياها بتحمل جزء من المسؤولية مع الوزارة للحد من هذه المخالفات. «هناك تعاون من قبل العاملين في السفارة لتهريب عاملات المنازل الموجودات في مأوى السفارة»، يقول الوزير، مشيرا إلى أنه قد اتفق في اجتماع عقده في وزارة الخارجية مع مسؤولين في السفارة الفلبينية، على التوجه لعقد سلسلة من الاجتماعات للدخول أكثر في تفاصيل التجاوزات التي تنتهجها سفارات عاملات المنازل بحقهن. يؤكد السالم نيّة وزارته إنشاء مكتب خاص بها لاستقدام عاملات المنازل، يضم في عضويته شركاء من المجتمع المدني واتحاد العمال. «سيتمثل دور المكتب في عقد اتفاقيات مع مكاتب العاملات في الخارج، بالإضافة إلى تحديد الأجر المناسب لاستقدامهن. لا بد من التأكد من أن هذه العاملة دخلت بطريقة صحيحة، باتفاق مع صاحب العمل وعلى أجر مناسب، كوننا نواجه الكثير من المشاكل باستقدامهن من قبل المكاتب، حيث سنقوم بالإضافة إلى المكتب الخاص بنا، بإصدار نظام لمكاتب استقدام عاملات المنازل». ** أسواق أردنية لجمهور فلبيني محمد شما
مع ازدياد أعداد العاملين الوافدين في البلاد، وحاجة هؤلاء إلى مواد وبضائع تمكنهم من طهي وجباتهم الوطنية ومأكولاتهم الشعبية، بدأت محلات تجارية وأصحاب بقالات في مناطق مثل: وادي صقرة وجبل عمان، في استيراد بضائع ومنتجات فلبينية تباع بأسعار مرتفعة، لجمهور فلبيني يجاورهم في السكن. وتتنوع المنتجات الفلبينية ما بين معلبات ومنتجات خاصة من لحوم وأسماك إلى مرطبات ومأكولات مجففة و سكاكر، وبعضها يحمل ماركات فلبينية وبعضها الآخر صيني الصنع. يؤكد محمد، البائع في «أسواق وادي صقرة التجارية»، أن البضاعة الفلبينية «تلقى رواجا كبيرا وسرعان ما تباع في أسواقنا». أما أبو لويس، صاحب بقالة في جبل عمان، فلا يشتري تلك البضائع «لأن الفلبينيات لا يترددن على بقالتي، إضافة إلى سعر البضاعة المرتفع بالنسبة لي.» زبائن هذه البضائع جلهم من السيدات الفلبينيات اللواتي يقبلن على الشراء، وبحسب محمد فإن بعضهن «يدفعن مبالغ بدون حساب مقارنة بوضعهن». وهو يعزو ذلك إلى «شوق هذه الفئة من المستهلكين لمنتجات بلادهم.» ويرى محمد أن تكلفة المواد؛ شحنها وبيعها للبائع بسعر مرتفع، يدفع المستورد إلى البيع بأسعار مرتفعة. «ے» تحدثت مع مستورد للمنتجات الفلبينية، فضل عدم ذكر اسمه، فقال: «البداية كانت مع صديقات فلبينيات، كن يأتين إلى الأردن ويحملن بعض المنتجات الفلبينية ويبعنها للمقيمين في المملكة. بعد تعرفي عليهن، وتحديدا عن طريق أحد أصحاب مكاتب الاستقدام والاستخدام، ازددت قناعة بأهمية استثمار هذه الفئة الكبيرة من الفلبينيين، عبر استيراد منتجات خاصة بهم وبيعها لهم عن طريق المحلات وهذا ما كان.» يقول المستورد. ويضيف أنه يتعاون مع فلبينين مقيمين في عمان، ينسق معهم فيما يتعلق ب»البضاعة المراد شراؤها من الفلبين والجهات التي عليه أن يتواصل معها بالتنسيق مع فلبينيات كن يقمن في الأردن». يقول المستورد إنه في البداية واجه صعوبات في استيراد بعض السلع الفلبينية بذريعة أنها «غير مأمونة»، فهو كما قال، واجه تعقيدات من قبل دائرة الجمارك قبل تسلم البضاعة، حيث بدأ المسؤولون يحققون في ماهية المواد الغذائية غير المألوفة في الأردن وطبيعتها، «حيث كان يتم إدخال بعض المواد والتحفظ والبعض الآخر إلى حين التأكد من صلاحيته، وبعض آخر يرفض دخوله كليا وبالتنسيق مع وزارة الصحة». لا تلقى المنتجات الفلبينية رواجا في باقي الأسواق الأردنية أو البقالات الصغيرة، باستثناء إحدى الأسواق التجارية الضخمة التي تبيع، إلى جانب مواد وسلع غذائية أردنية، سلعا آسيوية مختلفة. |
|
|||||||||||||