العدد 52 - أردني | ||||||||||||||
دلال سلامة قبل أن تستعين بعاملة منزل، كانت غادة التي تعمل سكرتيرة في جامعة خاصة، وتنهي عملها يوميا في تمام الخامسة مساءً؛ تضع أطفالها الثلاثة، الذين تراوح أعمارهم بين تسع سنوات والسنة، في منزل والديها، حيث كان باص المدرسة يوصلهم إليه لحين انتهاء دوامها. ورغم محاولاتها المريرة فإنها لم تستطع حمل زوجها الذي يعمل في دائرة حكومية وينهي عمله في الثانية ظهراً أن يرعى الأطفال في غيابها: «يقول زوجي إن خلقه ضيق، ولا يستطيع التعامل مع ثلاثة أطفال في وقت واحد، وحتى بعد أن اتفقنا على أن ترعى أمي الصغير فقط، فإنه صمد أياما ثم عاد يرسلهم إلى منزل أهلي». لكن مشكلة غادة لم تكمن فقط في إيجاد مأوى للأطفال لحين عودتها من عملها، بل في أنها، عندما تعود كانت ترجع عملياً إلى عمل جديد، حيث عليها أن تعد الطعام للعائلة وتنظف المنزل وتقوم بتدريس الأولاد، ومن ثم تعد وجبة اليوم التالي. ورغم أن غادة ظلت سنوات تستعين بعاملات كن يحضرن مرة واحدة في الأسبوع للقيام بالأعمال الثقيلة، فإنها قررت أخيراً اللجوء إلى الخيار الصعب؛ الاستعانة بعاملة مقيمة: «كان صعباً علي أن أجلب شخصاً غريباً تماماً وأسلمه المنزل والأطفال، ولكن المهام الهائلة التي كان مطلوباً مني إنجازها كل يوم كانت قد بدأت تفقدني اتزاني». أما رناد، وهي موظفة في بنك، وأم لطفلين، فقد استعانت بعاملة عندما أنجبت الطفل الأول وأدركت، وقتها، أنها لن تتلقى أي مساعدة من زوجها، ذّلك أن الرجل على حد تعبيرها: «تنتهي مهمته بخروجه من مقر عمله». غادة ورناد نموذجان للنظام الذي تسير عليه حياة أغلبية ساحقة من النساء العاملات في الأردن، حيث طور المجتمع قيمة اجتماعية جعلت من عمل المرأة خارج المنزل ومساهمتها في نفقاته، إن كانت قادرة، واجبا عليها، ولم يطور في المقابل قيمة تجعل من مشاركة الرجل في أعمال المنزل واجبا عليه. بحسب منال ،التي تعمل مديرة مدرسة وتفكر جديا بإحضار عاملة رغم تواضع دخلها نسبيا، فإنه: «في ظل الظروف الطاحنة التي نعيشها، ستتهم بالتقصير أي امرأة تقرر ترك عملها والتفرغ للبيت، لكن أحدا لا يتهم بتقصير الرجل الذي يرفض مدّ يد المساعدة داخل المنزل لزوجته العاملة». وفي حين تعزو رناد ذلك إلى المفهوم السائد الذي ما زال يربط أعمال المنزل بالمرأة ويعتبر أداء الرجل لها انتقاصاً من رجولته، فإن منال التي بدأت فعلاً بالسؤال عن إجراءات استقدام عاملة والمقارنة بين عروض مكاتب الاستقدام المختلفة، ترى أن الكسل هو السبب الحقيقي: «لا أصدق أن الرجال يخجلون فعلاً من العمل داخل المنزل، وإلا لماذا لا يخجلون من أخذ نقودنا كما كان يفعل آباؤهم وأجدادهم في الماضي؟ إنها فقط ذريعة للراحة». ما تجمع عليه النساء الثلاث أن الأموال التي تنفق على عاملة مقيمة، كان يمكن استثمارها بشكل أفضل للعائلة فيما لو نهض الرجل بمسؤولياته داخل المنزل، وهي أموال كان يمكنها، في النهاية، أن تبقى في المنزل لتستثمر للعائلة. ووفق إحصائيات وزارة العمل، فإن الوزارة منحت خلال سنة ونصف السنة فقط، هي الفترة الواقعة بين أيار 2006 إلى نهاية العام 2007، نحو 16233 تصريحاً لعاملات منازل وافدات. |
|
|||||||||||||