العدد 52 - أردني
 

تتوقف الإصلاحات الجذرية المنشودة في قطاع التعليم العالي على ملخص آليات التنفيذ المقترحة وتقديرات كلف التطوير، يفترض أن يجهزها رؤساء الجامعات بعد أن قدموا للملك عبد الله الثاني لائحة بالعقبات والمحبطات، على ما يؤكد أكاديميون ومسؤولون.

يقر أحد المسؤولين إن الملك طلب من رؤساء الجامعات الحكومية العشرة بلورة آليات تنفيذ واضحة للنهوض بهذا القطاع الحيوي بعد أن تسلم منهم وثيقة أولية تؤشر إلى مواطن الخلل.

كان رؤساء الجامعات صاغوا رؤية مشتركة حيال آفاق التطوير بعد سلسلة اجتماعات فيما بينهم على مدى شهرين، وذلك استجابة لتكليف ملكي في هذا الشأن.

ركزت الوثيقة المقدمة على ثلاثة محاور: الاستقلالية والتمويل ومعايير القبول، وهي القضايا الرئيسة التي كانت محور لقاء جمعهم مع الملك عبد الله الثاني في الجامعة الأردنية مطلع أيلول/سبتمبر الماضي.

ودعا رؤساء الجامعات في وثيقتهم إلى تعديل التشريعات الحكومية التي تمنح وزارة التعليم العالي «صلاحيات مطلقة» في الجامعات في الوقت الذي تطالب فيه الجامعات بحق مجلس أمنائها بهذه الصلاحيات، ضماناً لتعزيز استقلاليتها.

وطالبوا أيضاً ببحث معايير الاعتماد العام والخاص ومنح الجامعات حرية قبول الطلبة بناء على عدد المقاعد الدراسية المتوافرة بالإضافة إلى المسارب الأخرى من مكرمة الجيش والأقل حظاً.

رئيس الجامعة الهاشمية عبد الرحيم الحنيطي قال لـ«ے» إن عملية الإصلاح «التي ينشدها القائمون على التعليم في الأردن ستستغرق وقتاً طويلاً، نظراً للحاجة إلى تغيير تشريعات والتي تحتاج إلى المرور بالقنوات التشريعية الروتينية».

وبيّن الحنيطي «أن تلك التعديلات لن تأتي بالضرورة بحسب ما يشتهي الأكاديميون». وشرح "أن أهم محاور الورقة التي قدمت للملك هو ربط القبول بمعايير الاعتماد، التي لا تراعى فيها حالياً طاقات الجامعة الاستيعابية مع عدد المقبولين ما يؤثر على نوعية التعليم".

الحنيطي لم يشترك في إعداد الورقة، لكنه أوضح أنه اطلع عليها وأقر ما جاء فيها، معتبراً أنها ورقة إصلاحية غير شاملة، «تعوزها الكثير من الآليات للتنفيذ والتطبيق لم تتوافر بها بصيغتها الحالية».

وكان الأكاديمي محمد عدنان البخيت وجّه نقداً شديداً للحالة التي آلت إليها الجامعات الأردنية، ووصفها بأنها «تلفظ أنفاسها الأخيرة».

تصريحات البخيت جاءت خلال ندوة تكريم نظمتها مؤسسة عبدالحميد شومان أواخر الشهر الماضي، نبّه فيها إلى أن «الجامعات لم تعد تراعي المستوى والسوية في قبول الطلبة، ولا تضمن مستوى التدريس المطلوب، أو الحضور المنضبط الذي لا يشعر معه الطالب بأنه في مدرسة خاصة لوالده».

وانتقد البخيت فكرة تخلي مجلس التعليم العالي عن دوره لمصلحة مجالس أمناء الجامعات، مشككا في وجود عدد كاف من الأردنيين الكفوئين والمؤهلين ليكونوا أعضاء في مجالس الأمناء لما يزيد على عشرين جامعة.

واعتبر أن «مجالس أمناء الجامعات الأردنية لا تستطيع حل هذه المشكلة»، مرجعاً ذلك إلى «عدم أهليتها بسبب تشكل بعضها على أساس رابطة الدم والقرابة، وليس على أساس الكفاءة».

عيد دحيات، رئيس جامعة مؤتة السابق، يرى من جانبه «وجوب إعادة النظر في وضع الجامعات الحالي، والسعي لوضعها على الطريق الصحيح من حيث المستوى والاستقلالية ، ليكون لكل جامعة مجلس أمناء وشخصيتها وبرامجها ورؤيتها الخاصة بها». محذراً من أن «وضع الجامعات تحت مظلة التعليم العالي يجعل منها نسخة واحدة».

ويطالب دحيات «بإعادة النظر بالتشريعات التي تحكم عمل الجامعات والتركيز على النوع وليس الكم، وكذلك التركيز على البحث العلمي الرفيع ووضع خطة عمل كاملة من قبل مجالس الأمناء في الجامعات وتنفيذها».

بانتظار وضع آليات تنفيذ وخطط تمويلية ملّحة تبقى الجامعات الرسمية في حالة جمود، تخرّج أفواجا بنمط تقليدي في عصر رقمي متحرك.

إصلاح برسم الانتظار : الكرة في ملعب الجامعات بعد تدخل الملك
 
20-Nov-2008
 
العدد 52