العدد 52 - أردني | ||||||||||||||
أن تكون «ناشطاً»، ومدافعا عن حقوق الناس، ليس رفاهية اجتماعية أو فكرية، بل هي حاجة لسيدات يقطعن مئات الأميال من أجل حفنة دولارات، لشراء بيت صغير من غرفة أو اثنتين في الوطن، أو لتأمين تقاعد لوالدة عجوز أرهقها العمل، أو حتى لتأمين مهر لعريس، كما تقتضي العادة في بعض دول جنوب شرق آسيا. ساغاريكا، سريلانكية، 32 عاماً، وجدت نفسها، من دون قصد، تمارس نشاطاً توعوياً دفاعاً عن مواطناتها. تعمل في منزل منذ كانت في التاسعة عشرة من عمرها. أمها علّمتها المهنة، وما هو أكثر. تقول ساغاريكا، وهو اسم يعني البحر بلغتها الأم، إن أول حالة دافعت عنها كانت والدتها. كان ذلك قبل 3 سنوات، بلغت الأم من العمر آنذاك 52 عاماً. أرهقها العمل ولم تعد قادرة على الاستمرار رغم أنها لم تتم سوى سنة و3 أشهر من عقدها ومدته سنتان. حاولت ساغاريكا أن تحض أمها على الاستمرار حتى نهاية العام. لكن الأم لم تتحمل الصراخ والتعب وقلة الطعام. خاطبت ساغاريكا العائلة لتخلي سبيل أمها. لكن العائلة رفضت، على الأقل حتى تأتي بديلة لها. وطال الانتظار. وهددت الأم بالانتحار. توجهت ساغاريكا بأمها إلى سفارة بلادها، وتوصلت بعد جهد مع موظفي السفارة ومع العائلة، إلى اتفاق على أن تسافر الأم بعد شهر، لكن على نفقة ساغاريكا التي اشترت التذكرة في اليوم التالي. مرت أشهر، وكادت صلاحية التذكرة أن تنتهي. عاودت ساغاريكا الاتصال بسيدة المنزل التي قالت «هذه خادمتي وأنا حرة أفعل بها ما أشاء»، وقامت بمنعها من السفر وحجزت جواز سفرها. مرة أخرى، توجهت الأم والابنة إلى السفارة، وهناك سمعت ما يفيد «اذهبي أنت وربك فقاتلا»! تستغرب ساغاريكا كيف أن السفارة لم تتدخل لحل الأزمة. توجهت إلى العائلة مرة ثالثة ورابعة حتى انتزعت جواز سفر أمها. وفي المطار، فوجئت الأم بأنها ممنوعة من السفر لأن العائلة أبلغت عنها بوصفها «عاملة هاربة»، ووضعت في الحبس يوماً كاملاً. من حسن حظ ساغاريكا أنها كانت تعمل حينذاك لدى عائلة دبلوماسية من أوروبا الشرقية. أعانها «السيد» بالاتصال بمحام أخلى سبيل الأم التي أحالت نفسها على التقاعد، وهي تعيش الآن في منزل صغير اشترته لها ابنتها. ويبدو أن صيت ساغاريكا ذاع بين قريناتها. لجأت إليها سيلفي البالغة 25 عاماً. سيلفي أمضت 6 أعوام في خدمة عائلة أردنية. في السنوات الثلاث الأولى كانت تتقاضى 50 دولاراً راتباً شهرياً، وفي الأشهر الثلاثة اللاحقة لم تتقاض أي راتب. اصطحبتها ساغاريكا إلى السفارة التي توصلت إلى توافق مع العائلة على أن تدفع لسيلفي راتب 100 دولار شهرياً بأثر رجعي، وأن توافق على تسفيرها نهاية العام. لكن أياً من ذلك لم يُنفذ. فلجأت بمساعدة ساغاريكا إلى السفارة، وهي هناك منذ حزيران/ يونيو الماضي. مرة أخرى، تستغرب ساغاريكا أن السفارة لم تسمح لها، حتى الآن بالالتقاء بسيلفي والاطمئنان عليها. وتقول إنها لم تعد تساعد أي فتاة للجوء إلى السفارة التي تضم إلى الآن 70 عاملة هاربة، فهي لا تحرك ساكناً لحل مشكلاتهن. وتتعهد ساغاريكا، إذا لم تفعل السفارة شيئاً في الأيام المقبلة، فإنها ستلجأ إلى صحافة بلادها. وبالفعل، اتصلت بأحد معارفها في كولومبو، وهو ينتظر الضوء الأخضر لنشر قصة عن تعامل السفارة مع مواطنات بلدها في الأردن. ساغاريكا تنتظر حفلة عيد الميلاد التي تقيمها مؤسسة «كاريتاس» التي تعنى بشؤون المسيحيين في العالم في 12 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، علها تلتقي بسلفي. |
|
|||||||||||||