العدد 52 - أردني | ||||||||||||||
عندما أقعد المرض أم أحمد، لم تجد بدا من الاستعانة بعاملة، فجميع بناتها تزوّجن. حرصت أم أحمد على أن تكون العاملة مسلمة ومحجبة، ما يتناسب مع قيم العائلة التي تسكن حي نزال، والتي تحرص على ألا تظهر بناتها سافرات بأي شكل. حليمة، إندونيسية في الخامسة والعشرين من عمرها، تعمل لدى أم أحمد منذ عامين. تعتبر أم أحمد حليمة "ابنتها الخامسة التي لم تلدها". تسلمت حليمة مسؤولية كل ما يتعلق بالسيدة الستينية؛ فهي تحمل مفتاح غرفة نومها، حيث تحتفظ بصيغتها ومالها، وهي مسؤولة عن المؤونة؛ عن "كل ما يدخل أو يخرج من البيت". تقول سعاد إحدى بنات أم أحمد: "لما نزور أمي ونسألها وين الشغلة الفلانية بتحكي إلنا اسألوا بنتي حليمة". تلبس كما تلبس "بنات العيلة"، وتحرص أم أحمد على أن تشتري لها جلبابا و"لبسة جديدة" في كل مناسبة وعيد. تعلمت حليمة العربية، وهي الآن تتحدث مع أم أحمد بطلاقة لافتة. "ولك" و"زنخ" هي بعض الألفاظ التي توجهها تحببا، لأحفاد أم أحمد. فحليمة لا تتوانى عن إخراج الأطفال من المطبخ أو الغرف إذا شاغبوا. وتقول أم أحمد "وليش لأ، والله بتتعب وكل واحد يروح عند إمّو." حليمة أصبحت تتقن طهي الوجبات العربية: المحشي والمقلوبة والكبسة؛ حتى إنها تتفوق على "كناين" أم أحمد في إعدادها؛ إلا أنها تحب أن تأكل الإندومي مع البيض أو السنيورة، الوجبة الإندونيسية الشهيرة. "الأكل الدسم" لا يناسبها؛ فهي تطلب دائما الحليب الخالي من الدسم. ولا تتوانى أم أحمد عن تلبية مطالبها: وتكدس لها "تشيبس دوريتوز"، والعلكة و"المصاص"، المخصص للجلسات أمام التلفزيون؛ فحليمة لا تكاد تفوّت حلقة من المسلسل التركي "لحظة وداع". قريبا جدا ستعود حليمة إلى أهلها في إندونيسيا حيث ينتظرها خطيبها على أحر من الجمر، فيما أم أحمد تتحرق على جمر آخر، فهي تردد: "مش عارفة شو بدي أسوّي بعدها، والله لأنجنّ". |
|
|||||||||||||