العدد 52 - أردني | ||||||||||||||
سراب الخفاجي
ما أن يمتد الطريق الصحراوي من جسر الجويدة شرقاً باتجاه سحاب ويتعدى منطقة، الصوامع حتى يتغير المشهد، ليس لأن هناك جغرافيا جديدة، بل ديموغرافيا جديدة. هذه البيئة الصحراوية التي ما زالت تمثل مضارب عشائر بدوية في جنوب شرق عمان، باتت تعج بجنسياتa آسيوية من العاملين في منطقة التجمعات الصناعية المؤهلة. أكثر ما يلفت النظر هو مشهد فتيات صينينات، وفلبينيات، وبنغاليات يرتدين الجينز و«التي شيرت»، وأحياناً القميص «الحفر»، أو التنورة القصيرة؛ أو مشهد جماعات مختلطة من الشبان والشابات يروحون ويجيئون ويتسامرون. فهم في نهاية الأمر يعيشون في «سكنات» قريبة أو ضمن التجمعات الصناعية. سعيد الطهراوي، الذي يقيم في المنطقة، وعمل في التجمعات فترة من الزمن، يتذكر أن الناس هناك كانوا يستهجنون تلك المشاهد؛ ويقول: «كل وحدة معها (بوي فريند)، ماشيات بالشارع بالجينز والحفر وإحنا مش متعودين، خفنا يفتحوا عيون البنات وإحنا عشاير ما عنّا هيك». أما الآن، فيبدو أن أهالي المنطقة «اعتادوا» وجود تلك الثقافات الأخرى، على أساس أنها ليست مسلمة وليست عربية، فهي «حرة» بما تفعل بنفسها. جمال الخطيب، من سكان المنطقة ويعتاش من «تشغيل» سيارته «سرفيس» بين المنطقة الصناعية وسحاب، يقول: «النظام هون صار زي الجامعة، شباب وبنات مع سوا». في المقابل، يعترف سعيد وجمال بأن وجود سكنات العمالة الوافدة في المنطقة الصناعية ساهم في تنشيطها اقتصادياً. فزادت فرص «الاستثمار» لأصحاب رأس المال المحدود من أهالي المنطقة، الذين صاروا يديرون محلات الإنترنت والاتصالات الدولية والخضار والبقالات. حتى إن البعض يستغل سيارته الشخصية كسرفيس أو تاكسي ينقل العمال من التجمعات للتبضع في سحاب أو عمان. اللافت أن بعض البنغال تحديدا يشاركون في هذه الاستثمارات الصغيرة عن طريق «ضمان» بعض المحلات، وبخاصة محلات الاتصالات الدولية. يقول: جمال «في بعض المحلات نلاقي ابن العرب بيشتغل عند البنغالي». هؤلاء أدخلوا إلى المنطقة سلعا خاصة بسكان شرق آسيا. يقول جمال "بيجيبو دخان بنغالي مثل الهيشي، ومعلبات غريبة مثل: السردين الناشف، وورق شجر بيطبخوه زي الخبيزة بس شكلو مثل ورق التين». بالفعل، تشهد المنطقة تزايداً في أعداد المطاعم التي تقدم المأكولات الشرق آسيوية التي لا يبدو أنها وجدت استحساناً من أهالي المنطقة. سعيد يقول: «ريحة الأكل بتقلب المعدة، كلو بصل وثومة، وحرّ». التواجد الدائم للجنسيات الآسيوية أثار فضول بعض شبان المنطقة. يروي سعيد أن اثنين من الشبان العرب تزوجوا صينيات وسافروا إلى الصين. آخرون تعلموا «شيئاً» من اللغات الفلبينية أو البنغالية أو حتى الصينية. جمال يتحدث الفلبينية إلى حد مريح جدا حسبما يقول. أما سعيد فتعلم كلمات صينية مثل: «نيهاو (مرحبا)، سن جي بي (مجنون)، وإيني (حبيبي)». |
|
|||||||||||||