العدد 52 - أردني
 

السّجل - خاص

«هناك رقيب يبحث عن الفلسطيني أينما ذهب للتأكد من إقامته في العمل، في البيت، في عقد الزواج وغيره هو: دائرة المتابعة والتفتيش». بهذه المقولة يلخص الصحفي وكاتب السيناريو الفلسطيني مهند صلاحات، معاناته في الأردن، وعدم نيله إقامة لمدة تزيد على شهر واحد؛ ويحمل جواز سفر صادراً عن السلطة الفلسطينية.

صلاحات، الذي تخرج من كلية الحقوق في جامعة جرش، قرر الإقامة في الأردن لعدم توافر فرص العمل في الضفة الغربية، بخاصة بعد انتفاضة 2001، فانخرط في صناعة الأفلام الوثائقية باحثاً ومعداً للبرامج في عدد من شركات الإنتاج والمؤسسات الأردنية.

«كفلسطيني أعيش في الأردن، أواجه أينما ذهبت عبارة «مطلوب موظف أردني الجنسية»، ما يضطر صلاحات وغيره للعمل على نظام المكافآت، إذ يرفض أصحاب العمل - عادة - التدخل في مسائل الإقامة أو تراخيص العمل بالنظر لحساسية أوضاع الفلسطينيين الذين يعيشون في الأردن ولا يحملون إلاّ وثائق سفر فلسطينية.

يرى صلاحات أن المشكلة تبدأ لحظة الوصول إلى الحدود الأردنية، فرغم أن القادمين جميعاً من الضفة الغربية، وربما من المدينة نفسها، يفرز حاملو الجواز الفلسطيني في ناحية وحاملو الجواز الأردني في ناحية أخرى، «هذا ليدفع ضريبة دخول والآخر يعفى باعتباره مواطناً».

بحسب صلاحات، تنتهي هذه المشكلة سريعاً بمجرد دخول الأراضي الأردنية، «فلا شيء يشعرني بالغربة». وهو يشير إلى أن معظم الذين يلتقي بهم يتفاعلون معه بشكل عفوي ومن دون عقد، لكن ذلك كله ينهار لدى دخول أول دائرة حكومية، إذ تعود دائرة الاتهام، ومسألة الإقامة التي تمنح لشهر واحد فقط، قابلة للتجديد لغير الذين يدرسون في الجامعات أو غير المتزوجين من أردنيات الذين يمنحون إقامة لمدة عام.

يختم صلاحات: «على صعيد وجداني هنالك شعور لدي، كفلسطيني، أن الترحيب بي أقل من الأجنبي بشكل عام، وأنني أنتمي لفئة ثالثة، لكن هذه في الإطار الرسمي وليس الاجتماعي اليومي».

مهند صلاحات، هو الوحيد الذي قرر أن يشير إلى اسمه صراحة، بينما رفض آخرون مجرد الخوض في الموضوع، واستجاب غيرهم لكن دون أن يذكروا أسماءهم.

(ع. م) أحد خريجي الجامعة الجدد، اختار الإقامة في عمان بحثاً عن عمل أو عن فرصة سفر للخارج، يقول: «ما يدفعني للإقامة في عمّان هو البحث عن فرصة لإكمال الدراسة في إحدى الدول الأوروبية، لكن ذلك يضطرني للعمل شهوراً ريثما أحصل على قبول الدراسة وتأشيرة السفر».

في رحلة بحثه المضنية، يواجه (ع. م) الرفض في معظم الوظائف التي يتقدّم لها، ما يدفعه لقبول العمل «بالمياومة» في بعض المشاريع التي تقوم بها الشركات التي لا تشترط الجنسية الأردنية، وهي في الغالب أعمال تتواصل لمدة زمنية محدودة جداً.

فلسطيني آخر يعمل فنياً في محل لصيانة السيارات في إحدى المحافظات، يعبر عن دهشته من اضطراره للعمل خفية بسبب مخالفته للإقامة، بينما أخوه الذي يحمل جواز سفر أردنياً لا يعاني من أي مشكلة في هذا الصدد. ويلفت إلى أن بعض أفراد عائلته المقيمة بين طولكرم والأردن يحمل جواز سفر أردنياً ورقماً وطنياً، وبعض آخر يمتلك وثيقة سفر صادرة عن السلطة الفلسطينية.

أحد المسؤولين، فضّل عدم التصريح باسمه، أشار إلى أن المخاوف الأردنية لا تمس العلاقة التاريخية بين الشعبين الأردني والفلسطيني، أنما تكمن في أن التساهل مع حملة الوثائق الفلسطينية قد تؤدي إلى ترانسفير بطيء، وهذا يفسر التشكك الرسمي تجاههم.

يفضل حملة الجوازات الفلسطينية البقاء في الأردن رغم صعوبات الإقامة، وهم يعتقدون أنهم في حال عودتهم للضفة الغربية، قد لا يسمح لهم بدخول الأردن ثانية بالنظر لحالات سابقة، لكن هذا لا يمنعهم من البقاء في البلاد بين أقاربهم وأهلهم.

بين خيبة الأمل والرجاء، تمنى جميع من استطلعت آراؤهم أن تكون شروط الإقامة أكثر مرونة في التعامل معهم، وكذلك الأمر بالنسبة لشروط التقدّم إلى الوظيفة، وبخاصة في القطاع الخاص، بالنظر إلى أن الأردن هو المتنفس الوحيد بالنسبة لهم.

مخاوف رسمية من “ترانسفير” بطيء.. فلسطينيون في الأردن:ترحيب شعبي وتشدّد رسمي
 
20-Nov-2008
 
العدد 52