العدد 52 - اقليمي | ||||||||||||||
تحسين يقين القدس ـ باستثناء الاجتياحات الإسرائيلية «المصغرة» التي تبدو كبروفات لاجتياح أكبر، فإن المشهد الفلسطيني - الإسرائيلي هادئ، في ظل حكم شبه انتقالي في فلسطين وإسرائيل؛ مما جعل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت يحجمان عن بحث قضايا الحل النهائي، مقتصرين على بحث قضايا الفلسطينيين اليومية، في مشهد تبادر فيها حكومات الاحتلال إلى تفريغ اللقاءات التفاوضية من مضامينها، والاكتفاء بتحسين الحياة على الأرض، كأمر يجذب الاهتمام الدولي، ويمنح إسرائيل دعاية سياسية، توحي أنها تمنح الفلسطينيين والرئيس أبو مازن بوادر حسن نوايا. اللقاء الذي تم أواسط الأسبوع، الذي كان يؤمل عليه وقف الاجتياح لقطاع غزة وفتح المعابر على الأقل، لم ينجح في تحقيق ذلك، ولم يستجب أولمرت لمطالب عباس بالكف عن الاجتياح بل قام بالتصعيد والتهديد. في الحصيلة فكل ما تم إنجازه هو وعد أولمرت بالإفراج عن مائتي وخمسين معتقلاً، ووقف أمر هدم ثلاثة آلاف منزل تم بناؤها في منطقة «ج» الخاضعة لسلطة الاحتلال، والسماح بعودة عدد من المبعدين الذين تم إبعادهم على إثر لجوئهم إلى كنيسة المهد في بيت لحم في اجتياح 2008، ومنح عشرين ألف رقم وطني لأولئك الموجودين في فلسطين، ممن عدوا مخالفين في الإقامة بعد انتهاء أذونات الإقامة المثبتة على تصاريحهم، وألف رقم وطني لفلسطينيين في الخارج. ورغم مطالب عباس أن يكون بين المفرج عنهم قادة أمثال: مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعزيز الدويك، رئيس المجلس التشريعي من حركة حماس، وأن يشمل الإفراج معتقلين من الفصائل كافة، إلا أن أولمرت رفض ذلك. عباس طرح مجدداً موضوع الاستيطان، وتم النقاش حول ما ذكر بأن وزير الدفاع الإسرائيلي منح موافقة لإقامة مستوطنات جديدة. أولمرت الذي كان يأمل بتحقيق اختراق تفاوضي، خلال الأشهر الثلاثة التي منحت له بعدما فشلت تسيفي في تشكيل حكومة، لم يحفل بمطلب وقف الاستيطان المتفق عليه في أنابوليس، ويمضى نحو اعتداء جديد وشن هجوم على غزة، حيث ذكرت المصادر الإسرائيلية بأن الجيش أعلن أنه أعد جميع الخطط لاجتياح غزة تلبية لمطالب أولمرت. ورغم أن وزير الدفاع باراك مهموم بانتكاسة حزبه في استطلاعات الرأي العام، وميل الكفة باتجاه الليكود، والذي لا بد أنه سيلجأ إلى خيار أولمرت باستخدام القوة دعماً لحزبه في المعركة الانتخابية، إلا أنه وفقاً لهآرتس هذا الأسبوع، فقد أبدى هو ورئيس أركانه جابي أشكنازي تحفظاتهما على اجتياح غزة، بما يشير إلى تخبط القيادات. وخلافاً لرئيسه براك، فإن ماتان فلنائي، نائب وزير الدفاع، أن يتحدث عن أن اجتياح غزة مسألة وقت، وأن الاجتياح سيكون واسع النطاق وفعالاً ويشكل ضربة قاسية لحماس. تخرق إسرائيل التهدئة، فترد فصائل بقصف سديروت وعسقلان، فيرد رئيس الوزراء بضربات متوالية تسفر عن ضحايا وأضرار متزايدة. حماس التي تتولى المحافظة على التهدئة في غزة بحكم سيطرتها على السلطة هناك، لا تبادر إلى خرق التهدئة، بل يبدو أن أولمرت يدفعها لذلك لتحقيق مصالح إسرائيلية، فما هي مصالح الإسرائيليين في تخريب التهدئة؟. يقول الكاتب طلال عوكل: الإسرائيليون يحلون مشاكلهم وأزماتهم على حساب الدم الفلسطيني، والأحزاب الإسرائيلية تزايد على بعضها بعضاً، بشأن من يظهر تطرفاً أكبر ضد الفلسطينيين. وهؤلاء مادة انتخابية، تصبح أكثر من ضرورية، قبل الانتخابات المبكرة وكحل لتراجع شعبية بعض أطراف التكتل السياسي الذي تتشكل منه الحكومة. أما رئيس الحكومة أيهود أولمرت، فإنه يحتاج لتحسين صورته وإصلاح ملفه الأخلاقي الذي أدى إلى إنهاء حياته السياسية، لذلك، فإنه يطلق تصريحات مرنة باتجاه السلام وحقوق الفلسطينيين، وأخرى في مواجهة ما يسميه «الإرهاب». حذر عوكل من تدحرج العدوان نحو عملية عسكرية واسعة تضاعف معاناة وآلام سكان القطاع، وتتغذى على التناقضات والانقسام الفلسطيني، فيما يصعب المراهنة على نجاح وساطة مصرية لتثبيت التهدئة. يتفق المحلل السياسي هاني المصري، مع هذا الرأي، ويرى أن باراك يحاول تحسين موقف حزبه في الانتخابات الإسرائيلية المبكرة، بعدما أشارت الاستطلاعات إلى أن حزب العمل سيتلقى ضربة كبيرة، فلا يمكن تفسير التصعيد الذي يهدد التهدئة بالانهيار إلا في سياق بدء المنافسة الانتخابية حيث يتنافس قادة إسرائيل على من هو الأكثر تطرفاً ضد الفلسطينيين، والأقدر على ممارسة العدوان والقتل والاستيطان، حتى لو كان ذلك على حساب مصلحة إسرائيلية، مشيراً إلى مطالبة رئيس بلدية سديروت دافيد بوسكيلا، الحكومة الإسرائيلية باتخاذ قرار فوري كي لا تتعرض سديروت للصواريخ أكان ذلك بالمفاوضات مع «حماس» أو باتخاذ خطوات عسكرية. |
|
|||||||||||||