العدد 52 - اقتصادي
 

محمود منير

منذ أن بدأت إرهاصات الأزمة المالية العالمية في آذار/ مارس الماضي في الولايات المتحدة، توالت توابع تلك الأزمة لتصيب العالم أجمع، وبخاصة الدول العربية، التي اعتقد بعضها أنه بمنأى عنها، ما اضطر حكومات عربية للإعلان عن تضررها من تلك الأزمة الدولية الخانقة، واستعداداها للتعاون في أي جهد دولي لحلها ومواجهتها.

غير أن انهيار أسواق المال في الولايات المتحدة وأوروبا، أدى إلى تأثر الأسواق العربية، ما أدى بالتالي إلى تأثر المؤسسات المالية العربية وحدوث هبوط حاد في قيم الأسهم المالية، وانخفاض قيمة العملات الوطنية العربية أمام العملات الأجنبية.

محلياً، تتراوح الحالة بين التفاؤل والحذر، إذ يتوقع محللون اقتصاديون تحول الاستثمارات الخليجية إلى الأردن في ظل الأزمة العالمية وتداعياتها، وتوقع دخول استثمارات جديدة، تتركز في مجال التطوير العقاري والسياحي والخدمي لتوافر عناصر الجذب.

يشير مدير مكتب مؤسسة تشجيع الاستثمار الأردنية في الكويت، بلال حموري، إلى أن الاستثمارات الخليجية في الأردن بلغت نحو 12 بليون دولار مع بداية العام الجاري موزعة على القطاعات كافة. تصدرت الكويت قائمة المستثمرين الخليجيين حيث بلغت الاستثمارات الكويتية نحو 6 بلايين دولار، وجاءت المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية، حيث بلغت قيمة استثماراتها في الأردن نحو 4 بلايين دولار، تلتها الإمارات ببليوني دولار، البحرين والتي استثمرت نحو 500 مليون دولار، وقطر التي تستثمر 200 مليون دولار.

رجل الأعمال هيثم الدحلة، يؤكد أن من الممكن استقطاب استثمارات خليجية إلى الأردن، أكبر من حجم الاستثمارات في الفترة الماضية، مشيراً إلى عدم وجود ما أطلق عليه في الإعلام «فقاعة عقارية»، وينفي وجود مشاريع عقارية تنفذ حالياً باستثناء مدينة أهل العزم، والأندلسية.

يرى الدحلة أن الوقت مناسب للتطور العقاري، واستقطاب المشاريع الضخمة في هذا المجال بالمملكة، في ضوء تشبع هذا القطاع في معظم الدول العربية المجاورة، وبناء مشاريع تخدم قطاع السياحة وتضمن وجوداً دائماً للسياح العرب والأجانب في مناطق مختلفة في الأردن.

لكن هذه الاستثمارات معرضة للتراجع نتيجة للأزمة العالمية، التي يتوقع أن تنحسر بعدها السيولة لدى دول الخليج نتيجة خسائرها المالية فيها أولاً وتراجع أسعار النفط ثانياً.

ذكر الخبير الاقتصادي عبد الخرابشة، يقول: «إن بيع وشراء العقار في المملكة مرتبط بالأردنيين، بخاصة المغتربون من أصحاب السيولة، الذين يحولون أموالهم الى أصول، على اعتبار أن الأراضي استثمارات تحافظ على قيمتها». وأضاف أن التأثير يحدث إذا انخفضت دخول المغتربين ما ينعكس على الحوالات المرسلة، ويؤدي إلى حدوث مشكلة سيولة في المملكة.

من جانبه، لفت الخبير الاقتصادي، حسام عايش، إلى أن تأثيرات الأزمة على مستثمري العقار في المملكة، تنقسم إلى تأثير نفسي بحكم العولمة وارتباط العالم ببعضه البعض، وآخر مالي مع وجود مشكلة في إدارة تمويل العقار والضمانات مقابل القروض العقارية.

وبيّن عايش أن الأزمة الأميركية مالية وتؤثر على مكونات اقتصاد صغير مثل الأردن، حيث ينعكس ذلك بطريقة غير مباشرة من خلال اتجاه البنوك الى زيادة حذرها بما يخص الاقتراض.

ورأى محللون إمكانية لجوء البنوك الى زيادة الفوائد على القروض العقارية، والتشدد بضمانات الحصول على القروض، وذلك من حيث جودتها وتسهيل تسييلها في حالات الطوارئ، اضافة الى التحقق من النشاط العقاري الحقيقي للقروض.

مدير عام الشركة الأردنية لإعادة تمويل الرهن العقاري، إبراهيم الظاهر، يرى أن مقارنة السوق الأميركي بالمحلي ليست واردة، في ظل التسهيلات التي تمنحها المؤسسات المصرفية الأميركية وتنافسها في منح القروض العقارية.

وكان البنك الفيدرالي الأميركي قرر تخفيض الفائدة 0.5 بالمئة، وأعلنت مجموعة من البنوك الأوروبية والعربية خفض فائدتها بنسب متفاوتة، في الوقت الذي ثبت فيه البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة كما هي.

الاستثمارات الخليجية النازحة من أميركا فرصة تستحق اغتنامها
 
20-Nov-2008
 
العدد 52