العدد 52 - استهلاكي | ||||||||||||||
رغم الإعلان عن تخفيض وصل إلى 12 بالمئة، ما زالت أسعار الألبان المحلية تشهد استقرارا في أسعارها على ارتفاع، في الوقت الذي فشلت فيه مساعٍ حكومية لتخفيض سعر الألبان الطازجة ومشتقاتها. الحكومة أعلنت بعد اجتماع مع ممثلي مصانع الألبان، عن اتفاق يقضي بتخفيض المصانع أسعار جميع منتجاتها بنسبة 12 بالمئة اعتبارا من 13 تشرين الثاني/نوفمبر. الوزارة ساقت أسباباً عدة للدعوة للتخفيض، أبرزها تراجع كلف الإنتاج، وتخفيض أسعار المشتقات النفطية لسبع مرات على التوالي. وزارة الصناعة والتجارة أعدت دراسة تكاليف الإنتاج في مصانع الألبان المنتشرة في أنحاء المملكة، جاء في نتائجها أن أرباح مصانع الألبان الصافية لا تتجاوز 4 بالمئة بحسب تصريح صحفي صدر عن شركة حمودة للصناعات الغذائية. تصريح الشركة قال إن «نسبة تخفيض الأسعار ممتازة جدا في ظل بقاء أسعار الحليب الخام والأعلاف وتكاليف الإنتاج الأخرى مرتفعة. وتأتي هذه الدراسة لتدحض ادعاءات البعض بأن نسبة الأرباح التي تحققها مصانع الألبان تتراوح بين 30 بالمئة و40 بالمئة، وهي نسب غير حقيقية». كانت دراسة قام بها الرئيس السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية إبراهيم سيف، عرضها في تشرين الأول/أكتوبر 2007، أكدت أن هامش الربح الحالي لتجار الألبان كبير جدا، ويمكن أن يتم بيع الألبان بأسعار أقل، ومع ذلك فإن تجار الألبان يتفقون على السعر المبالغ به استنادا إلى قيمة التركز العالية في السوق، حيث توجد 5-6 شركات تسيطر على 90 بالمئة من السوق الأردنية، وتتحكم بالسعر. وقال مصدر مطلع من قطاع إنتاج الألبان فضّل عدم نشر اسمه، إنه نظرا لانخفاض أسعار النفط، وتوقع انخفاض أسعار المواد البلاستيكية التي تستعمل في التعبئة، وكذلك توقع انخفاض أسعار الحليب الخام والأعلاف، قررت شركات الألبان أن «تساهم في تخفيف هذه المعاناة على الموطنين، بتخفيض أسعار المنتجات من خلال دعم السلع الاستهلاكية التي تنتجها». شركات الألبان أكدت غير مرة أن رفع الأسعار المطرد ناتج عن ارتفاع كلف الإنتاج والتعبئة، ورفع الدعم عن الأعلاف الذي رفع أسعار الحليب الطازج بنسب تجاوزت 50 بالمئة. وكعادة السوق هذه الأيام، فإن الاستجابة لتخفيض الأسعار بطيئة، حيث امتنع العديد من بائعي التجزئة عن تخفيض الأسعار. وقال بائعون إن التخفيض الأخير على أسعار الألبان ومشتقاتها لم يكن أكثر من إعادة الأسعار إلى مستوياتها السابقة التي لم يمر على رفعها سوى بضعة أسابيع. صاحب بقالة في خلدا قال إن سعر كيلو اللبن على سبيل المثال، ارتفع قبل أسابيع قليلة من ما معدله دينار واحد إلى دينار وثلاثين قرشاً، ومن ثم عادت شركات الألبان وطالبت بتنزيله إلى دينار وخمسة عشر قرشاً، وهو أمر استجاب له البائع مباشرة. لكنه أكد أن كثيراً من المواطنين طلبوا منه تخفيض السعر إلى دينار أو أقل، «وهذا يعني البيع بخسارة». وتابع: «الناس يقرأون الأخبار في الصحف، ولا يعرفون ما يجري في الواقع، وهو أن الشركات رفعت الأسعار ثم خفضتها، وهذا يعني رجوعها إلى معدلاتها قبل أسابيع قليلة». ارتفاع أسعار الألبان كان سببا مباشرا في ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلك في الشهور العشرة الأولى من العام الحالي، بنسبة 15.6 بالمئة، حيث ارتفعت مجموعة «الألبان ومنتجاتها والبيض» بنسبة 33.7 بالمئة. جمعية حماية المستهلك «استهجنت» في بيان صحفي ما آلت إليه المفاوضات التي جرت بين وزارة الصناعة والتجارة وأصحاب مصانع الألبان. وقال رئيسها محمد عبيدات إن نسبة التخفيض التي تم الاتفاق عليها بين الوزارة وأصحاب المصانع لا ترتقي إلى مستوى طموحات المستهلكين في ظل التراجع الحاد في أسعار مدخلات صناعة الألبان ومشتقاتها كافة، وبخاصة الطاقة التي تراجعت أسعارها إلى مستويات حادة. أضاف عبيدات أن شركات الألبان ومصانعها قامت برفع أسعارها بنسبة بلغت نحو 75 بالمئة منذ أكثر من عام تقريبا، متذرعةً بوقتها بالارتفاع الكبير لأسعار المحروقات، إلا أنه في ظل التراجع الكبير لأسعار المحروقات "يجب أن لا تقل نسبة التخفيض العادلة عن 30 إلى 40 في المئة على أقل تقدير". المحلل الاقتصادي حسام عايش أكد أن القطاع الخاص في المملكة لا يتمتع بـ"ثقافة التاجر"، بخاصة أنه يقبل برفع الأسعار، لكنه يتباطأ في تنزيلها، وكأن قوى السوق ومحركاته عليها أن تكون دائماً في صالحه. وأضاف: "ما حدث في موضوع الألبان هو نوع من التذاكي على المواطنين في ظل هيمنة قوى المال على قراراتنا الاقتصادية والحياتية، بخاصة أن الحكومة تقف عاجزة، أو تتعمد الوقوف عاجزة، عن التحرك لتنزيل الأسعار". |
|
|||||||||||||