العدد 52 - ثقافي | ||||||||||||||
العقيدة والإنتاج المعرفي المؤلف: صادق إنعام الخواجا الناشر: دار الشروق (عمّان)، بدعم من وزارة الثقافة سنة النشر: 2008 عدد الصفحات: 453 صفحة.
يسلّط الكتاب الضوءَ على العقيدة التي تحتكم إليها الحضارة لتنسج من خلالها إنتاجها المعرفي. ويوضح العلاقةَ بين العقيدة وصياغتها من جهة، وبين الإنتاج المعرفي من جهة أخرى، مبيّناً أهمية فهم هذه العلاقة، لرسم استراتيجيات ووضع خطط فعالة لتحقيق الغايات المرجوة في مختلف ميادين الحياة من تربية وتعليم واقتصاد وعلوم. يجيب هذا الكتاب ذو المسحة البحثية عن أسئلة حول موقف أصحاب الحضارة من عقيدتهم، ومصدر هذه العقيدة والعلاقة بين البناء الديني أو الفلسفي والإنتاج المعرفي. يقول المؤلف إن أي مجتمع مدني لا بد أن يحتكم إلى عقيدة معينة في تسيير أموره المختلفة، قد تأتي كلها أو جزء منها كشرائع مدونة أو عادات وتقاليد متوارثة. ويضيف أن العقيدة هي التي تحدد طبيعة العلاقة بين الأفراد داخل المجتمع وخارجه، كما تحدد شكل العلاقة مع الطبيعة والكون من حولهم. ويردّ على مَن يفترض أن ما كتبه العرب قديماً عن تاريخهم، وانتشارهم في جغرافيات متعددة، والأحداث التي صاحبت هذا الانتشار، وما وثّقوه حول أنسابهم، لا يتعدّى أن يكون قصصاً من نسج الخيال. ويفند هذا الزعم بعقْد مقارنة بين النظرة الغربية، ونظرة العرب لأنفسهم عبر تاريخهم ونفوذهم المعرفي، حيث ابتعدوا عن النظرة الفوقية رغم إدراكهم أنهم مصدر الإشعاع المعرفي والحضاري للآخرين. ويرى أن هذا الشعور السلبي هو ما تعاني منه أوروبا الحديثة اليوم. يقول الباحث: "الغياب الراهن للأدلة الأثرية لا يعني بقاء تصورنا في دائرة الخيال والشك، وذلك بسبب ما توفره لنا الأدبيات العربية القديمة من معلومات مهمة تدعمه". ويؤكد أن الفكر الديني ليس مجرد مرحلة تاريخية عابرة في الفكر الإنساني، إنما هو بالأساس بدائي النشأة ومستمر التأثير حتى الوقت الحاضر، لذا "لن يتسنى لنا أبداً فهم الحاضر الفكري الغني للإنسان إذا أبقينا على هذا المصدر البدائي والمحرّض الدائم في دائرة الظل، أو تابعنا النظر إليه بمفهوم عصر التنوير الأوروبي بوصفه لغزاً أو فوضى فكرية مرتبطة بطفولة الجنس البشري". ويرى أن الإنسان العربي الذي تجاوز هذه العلاقة ولم يمحّص بمدلولاتها يعاني اليوم من الضياع، فهو إما يحاول الجمع بين أكثر من عقيدة تتجاذبه، وبالتالي يكون إنتاجه المعرفي متضارباً ومتنافراً، أو يكتفي بالاستناد إلى مخزونه المعرفي ظنّاً منه بأنه جزء لا يتجزأ من عقيدته، مما يعيق قدرته في تجاوز هذا المخزون، فيظل أسيراً له غير قادر على التجديد والابتكار. فيما يحتاج الإنتاج والبناء المعرفي الحق، كما يؤكد الباحث، إلى الاجتهاد المستمر والتجديد الذي لا ينضب والمستقى أساساً من العقيدة. يقوم منهج الكتاب على البحث والاستقصاء والحجة والبرهان عبر شواهد من مصارد ومراجع متعددة، وفهارس للصور، وعبر تقسيم بحثي متسلسل منذ العصر الحجري القديم الأدنى، مروراً بالعصر الحجري القديم الأوسط، ثم القديم الأعلى وصولاً إلى بداية الصراع على صياغة العقيدة وعصر المماليك الأولى. |
|
|||||||||||||