العدد 51 - أردني
 

حسين أبو رمّان

أحال مجلس النواب قانون البورصات العالمية المؤقت إلى لجنته القانونية، وكلفها بمتابعة قضية البورصات، وتحديد ما إذا كانت هناك مسؤولية في هذه القضية. المجلس أقر الطلب من الحكومة الرد على طلبات النواب، وبخاصة اقتراح أن تضمن الحكومة 10 آلاف دينار كحد أقصى للمتضرر، على أن ترصد لذلك 50 مليون دينار، لتعاد هذه المبالغ عندما يتم تحصيلها من الشركات. مناقشات جلسة الخامس من تشرين الثاني الجاري شارك فيها 58 نائباً، واستكملت يوم التاسع منه الأحد الماضي، بعد تعليق الجلسة لافتقادها النصاب القانوني، وهو 56 نائباً.

جاءت النتائج تتويجاً لمقترحات من أبرزها اقتراح توفيق كريشان (معان) الذي حظي بدعم واسع من زملائه بتشكيل لجنة خاصة لمتابعة قضية البورصات،. فيما ركز بعض المتحدثين على مسؤولية هيئة الأوراق المالية والبنك المركزي، فقد حمّل عدد كبير منهم الحكومات المتعاقبة، المسؤولية عما جرى،،أو طالبوا بتحديد المسؤولين ومحاسبتهم، فقد شدد القسم الأكبر من المداخلات على ضرورة الإسراع بتمكين المواطنين من استعادة أموالهم بما في ذلك من خلال تسويات مع الشركات المعنية إن أمكن.

وجاء أول المقترحات لضمان حقوق المتضررين بمبالغ محددة في مداخلة سليمان غنيمات (البلقاء) الذي دعا " الحكومة أن تضمن حقوق المواطنين المتضررين، وبخاصة الذين لا تتجاوز أموالهم العشرة آلاف دينار".

أما المقترح الذي تبناه المجلس بشأن تعويض المتضررين، فقد ورد في مداخلة عبد الرؤوف الروابدة (إربد) الذي اعتبر أن حديث بعض المسؤولين عن استغفال المواطنين هو محاولة للنجاة من المسؤولية، متسائلاً كيف يمكن استغفال الناس "ست سنوات تحت سمع وبصر الحكومات"، واستند في مقترحه إلى أن رئيس الوزراء نادر الذهبي أعلن "ضمان جميع الودائع في جميع البنوك"، وأن مؤسسة ضمان الودائع تضمن 10 آلاف دينار من كل وديعة، وطالب بضمان 10 آلاف دينار كحد أقصى لتعويضات التعامل مع البورصات "لكل فقير وقع أسيراً لهذه العملية".

وفي اتجاه معاكس لمقترحات التعويض، ركز راجي حداد (إربد) على أن "الطمع والربح الفاحش هو الذي دفع المواطنين إلى التعامل مع البورصة وليس الحكومة"،.وذكر أنه عندما كان يحذر مواطناً من أن تحقيق ربح بنسبة 25 بالمئة غير معقول، كان يرد عليه "شو أنت حاسدنا؟". في الاتجاه نفسه، وبقدر من القسوة، قال خلف الرقاد (العاصمة) في مداخلته "لم نسمع أصوات الشاكين عندما كانوا يربحون، وعندما أفلسوا ارتفع أنينهم وشكواهم".

نواب عديدون طالبوا بالإسراع في حل المشكلة وإعادة الأموال إلى أصحابها، تحاشياً لانفجار آثارها الاجتماعية. وركز آخرون على أن القضية ستشكل كارثة على السلم الاجتماعي، وأن أكثر الضحابا هم من الفقراء أو محدودي الدخل.

سليمان السعد (جرش) تبنى نظرة سوداوية متوقعاً "أن تؤدي هذه النكبة إلى تفكك المجتمع الأردني من طلاق وفقر وانحراف أخلاقي بل وجنون"، مؤكداً أن عدد القضايا التي رفعت "بلغ 120 ألف قضية حتى يوم 17 أيلول/سبتمبر الماضي، وبلغ عدد من رهنوا رواتبهم 12 ألف مواطن".

فيما لفت محمد الزريقات (جرش) الانتباه إلى لجوء متضررين في محافظته للعنف تجاه من أودعوا لديهم الأموال، مثل اختطاف طفلة أحدهم، وهجوم بجرافة على آخر، وإطلاق النار على ثالث.

النواب اختلفوا على تشخيص طبيعة المشكلة. وبينما تحدثت معظم المداخلات عن استغفال المواطنين والنصب عليهم، لكن هناك تباينات في الرؤية انعكست على نمط الاستخلاصات.

فقد تحدث مجحم الخريشة عن "شركات النصب والاحتيال"، ووصفها توفيق كريشان (معان) بـ"البورصة السوداء"، واعتبرها حمزة منصور (العاصمة) "جريمة اقتصادية كبرى"، وتحدث خالد البكار (إربد) عن"مصاصي الدماء". فيما وصف نواب آخرون القضية بعبارات محايدة.

كلمات النواب لم تخل من اتهامات، كتلك التي وجهها صلاح الزعبي (إربد)، لنواب لم يسمّهم "أستغرب لأولئك المتباكين على أموال الناس والفقراء وهم الذين روّجوا لمكاتب البورصات،وتم تحت رعايتهم افتتاح الشركات وجاءوا إلى هذه القبة لكي يدافعوا عن حقوق هؤلاء الفقراء".

التقديرات المختلفة للمشكلة. قادت فلك الجمعاني (مادبا) للقول إنه "ما كان للحكومة أن تتدخل بالشكل الذي تدخلت فيه، لا سيما أنه "كانت هناك شركات ما زالت تدفع الحقوق لعملائها". وتساءل شرف الهياجنة (إربد) "لمصلحة من يتم حظر هذه الشركات بما تملك من رأس المال والأرباح، في الوقت الذي شكلت فيه هذه الأرباح بالنسبة لكثيرين دخلاً إضافياً".

كما حاول نواب توضيح الفروقات بين مكاتب التداول. فقد تحدث رسمي الملاح (إربد)، عن فئة كانت لا تتاجر أو تتعامل بالأسواق الدولية، لكنها "تدفع أرباحاً من رأس المال"، وفئة أخرى ارتبطت مع مكاتب وشركات خارج الأردن ومنها "بنك جنيفا الدولي الوهمي" وخسرت معظم ما أودعه المواطنون لديها.

حتى في موضوع الوسطاء، تباينت رؤى. فقد أعرب محمد الحاج (الزرقاء) عن اعتقاده بأن فئة الوسطاء "لا ذنب لهم بل هم ضحايا"، بينما اعتبر عبد الرحمن الحناقطة (الطفيلة) بأن المندوبين شركاء مع المكاتب في النصب على المواطنين وطالب بمحاكمتهم.

تصدر مناقشات قانون البورصات العالمية المؤقت حينما إحيل إلى مجلس النواب يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر الماضي عدد من أقطاب المجلس النيابي الذين طالبوا برد القانون، فأرجىء البت في الأمر إلى حين عقد جلسة مناقشة عامة حول ما سمي "انهيار البورصة وضياع حقوق المواطنين".

جلسة يوم الخامس من تشرين الثاني/أكتوبر الجاري، جاءت أجواؤها مختلفة. ساهم في ذلك، البيان الذي قدمه رئيس الوزراء وبيان وزير العدل في بداية تلك الجلسة.

معظم المتداخلين الذين تناولوا موضوع القانون، رحبّوا به هذه المرة. من بين هؤلاء كتلة الإخاء الوطني، وخليل عطية (العاصمة) الذي طالب بإعطائه صفة الاستعجال، ومحمد القضاة (عجلون) الذي قال "لولا القانون المؤقت الذي صدر لما بقي لدى الأردنيين قطعة أرض أو قطعة ذهب أو سيارة أو بيت يملكونه".

عدد آخر من المداخلات اعتبر أن القانون جاء متأخراً، لكن مداخلات قليلة عارضته بقوة، من منطلق أنه قانون جباية جاء "لمصلحة متنفذين سيؤسسون شركات بورصة لاحقاً" بحسب شرف الهياجنة (إربد).

فيما وصف محمود الخرابشة (البلقاء)، القانون بأن " جوهره فساد وإطاره الخارجي مخادع"، مضيفاً بأن روح المشروع "أقرب للجباية من التنظيم". أما محمد عقل (البلقاء) فقد اعتبر أن القانون "صمم للتصفية وليس للتنظيم".

جلسة نيابية ساخنة تبحث قضية البورصات: افتراق حول تحديد المسؤولية والتقاء على دعم المتضررين
 
13-Nov-2008
 
العدد 51