العدد 51 - زووم
 

خالد أبو الخير

حمّامات عمّان، مثل كثير من أماكنها الحميمة، ذهب عنها بهاؤها، وزبائن من مختلف الطبقات مرّوا خفافاً، بأناقة لافتة، واختفوا في اندلاق السنين.

أشهرُها وأقدمُها حمّام النصر الواقع في شارع الملك طلال، دخلة سينما الحمراء، أُنشئ قبل تسعين عاما ونيف. يليه في القِدَم حمّام الهنا الجديد، الملقى على أكتاف سقف السيل، مذكّراً بالمسلسل الشهير *.

في الماضي، كانت الحمّامات تعمل في فترتين، صباحية للنساء، ومسائية للرجال. تعيّن إدارةُ الحمّام كادراً متخصصا لخدمة النساء، وكم عروساً بدأت احتفالها بالزفاف، محفوفةً بالزغاريد والأغاني وروائح الصابون من أروقة حمّام من تلك الحمّامات.

تأخذ عملية الاستحمام وقتاً طويلاً، تبدأ بارتداء الملابس الخاصة بالحمّام، واستلام الصابونة والليفة والمنشفة (هناك زبائن يحضرونها معهم من الخارج). يقصد الزبون بعدها غرفة «التكييس»، وينتقل إلى بركة ماء.. ثم يستلقي على ظهره بغرض الاسترخاء في دائرة خُصصت لهذه الغاية، وقد تسبق ذلك جلسة مساج.

ثمة ركن قصي خُصص لجلوس المستحمّين وتناول المشروبات والمأكولات وتدخين الأرجيلة وتبادل الأحاديث.

بالمجمل، كانت الحمّامات مكاناً يلتقي فيه الناس من مختلف مشاربهم وطبقاتهم، يخوضون بالماء والصابون والكلام، حتى يصعب تمييز المرء بينهم، من هو الشامي ومن هو المغربي، من هو السياسي ومن هو التاجر أو العامل البسيط.

اليوم.. يقتصر زبائن حمّامات عمّان القديمة على قلّةٍ من الغرباء والعابرين والباعة، وثلة من متصيّدين على خطى فيلم شهير أيضا هو «حمّام الملاطيلي» **.

* «حمّام الهنا»: مسلسل شهير لدريد لحام ونهاد قلعي وأبو صياح، أنتج في الستينيات.

** «حمّام الملاطيلي»: فيلم لصلاح أبو سيف، يحكي بجرأة عن علاقات جنسية غير سوية تدور في أروقة الحمّام. أنتج في السبعينيات.

حمّامات عمَّان: إرث التاريخ وهزال الحاضر
 
13-Nov-2008
 
العدد 51