العدد 51 - ثقافي
 

السّجل – خاص

شكّل ملتقى السرد العربي الأول، الذي عُقد أخيرا في عمّان، فرصة أولى للتأسيس على التوسع في الاهتمام بهذا الفن، إلى جانب تعميق التعاون المثمر بين رابطة الكتاب الأردنيين ووزارة الثقافة.

أخذ ذلك حيزَ الصدارة في توصيات المشاركين في الملتقى، إلى جانب دعوتهم لتوسيع المشاركة العربية تدريجيا لتشمل تجارب متنوعة من بيئات وأقطار متعددة، والتخطيط مستقبلا ليصبح الملتقى دولياً يدعى إليه أدباء عالميون معروفون.

الملتقى تضمن مشاركات محلية وعربية؛ 46 ناقدا وكاتبا من أعضاء الرابطة، و20 مشاركا من الجزائر وسورية والعراق وفلسطين ومصر.

بيد أن الملتقى، عانى مثل فعاليات ومؤتمرات ثقافية أخرى، من اقتصار الحضور، على مدى أيامه الثلاثة، بجلساته ودوائره المستديرة، على ضيوف الملتقى، وقليل من الصحفيين، فيما بدا حضور طلبة الجامعات معدوما.

وكانت أبرز محاور الملتقى المحور: «السرد والتراث: دراسات حول مفهوم السرد معرفيا وأنطولوجيا»، و«السرد عند العرب: تقنياته ومجالاته ومصادره»، و«الموروث السردي وتأثيره في السرديات العربية الحديثة».

المشاركون ناقشوا التحديات التي تواجهها الأنواع السردية الراهنة، ورأوا أنها متولدة من الواقع العربي نفسه وقضاياه الوطنية الملحّة، مشددين على أهمية أن تواصل الكتابة السردية وقوفها المبدئي مع مقتضيات الحرية، حرية الكتابة والكاتب، ومع المقاومة العادلة لقوى الاحتلال والهيمنة.

بعض توصيات الملتقى جاءت، بمطالب تقليدية، مثل نشر أعمال الملتقى وأوراقه ومناقشاته، لأهمية ذلك في تكريس الملتقى وفي تعميم الفائدة من انعقاده.

أوصى المشاركون أيضاًً بدعوة الجامعات العربية للتوسع في الاهتمام بالسرد العربي بإفراد مساقات متخصصة في الدراسات السردية، وتشجيع الباحثين وطلبة الدراسات العليا على الاهتمام بهذا المجال، مع ضرورة الانفتاح الأكاديمي على التجارب الجديدة في السرد العربي الراهن.

تأسيس ملتقى إلكتروني باسم ملتقى السرد العربي، كان توصيةً لافتة في الملتقى، لجهة مواكبة الثورة التكنولوجية وتكوين بيئة حوارية تفاعلية بين الكتاب والنقاد العرب، وتطوير قاعدة معلومات إلكترونية في هذا المجال.

الملتقى ضم جلسة خاصة تحدث فيها المصري بهاء طاهر عن تجربته الإبداعية وعن روايته «واحة الغروب» التي فازت بجائزة البوكر العربية في دورتها الأولى (2008)، وأتيح للجمهور محاورة الكاتب ومناقشته في قضايا السرد عموماً.

ضيف الملتقى كان الفلسطيني محمود شقير، الذي عُقدت ندوة نقدية عاينت تجربته مع القصة القصيرة، والقصة القصيرة جداً، بوصفها تشكل مرجعية في السرد القصصي في فلسطين والأردن؛ إذ يعد أحد الذين أسسوا مسار القصة القصيرة، وواصلوا الكتابة فيها على مدار أكثر من أربعة عقود من الزمن.

شقير قدم شهادة إبداعية بعنوان «أنا والكتابة القصصية ومحاولات التجديد»، بيّن فيها أنه أصبح كاتباً للقصة القصيرة جرّاء عوامل عدة متضافرة، بينها تفتُّح وعيه على مجتمع فلسطيني دمرته النكبة وأوقفت فرصَ استكماله لحداثة كانت تتشكل فيه.

الدورة الأولى حملت اسم الروائي الأردني الراحل غالب هلسا، وهو اختيار جاء وفق المنظمين، للقيمة الإنسانية والنضالية التي يحملها إبداعه، إضافة إلى دوره في مجال نقد الإبداع القصصي.

المشاركون استرجعوا في الملتقى المجموعات التي كتبها هلسا ودلالاتها في الخطاب النقدي وما حملته من إشارات وتأملات وأفكار نقدية، ظهرت بوضوح في رواياته السبع: «الضحك» و«الخماسين» و«البكاء على الأطلال»، و«ثلاثة وجوه لبغداد»، و«السؤال» و«سلطانة» و«الروائيون».

أشار باحثون إلى الاتجاهات التي برزت في روايات هلسا التي عبّر عنها في كثير من القضايا، حيث كان حداثياً وأفصح عن العالم الروائي الذي بناه، وكشف كثيراً من أسراره. وأكد نقّاد تناولوا تجربته أهمية مدونته السردية كظاهرة إنسانية عالمية تلتصق بوجدان الإنسان في كل زمان ومكان، وتسهم في رسم اتجاهات وتكريس قيم جمالية وفنية.

ووفقاً لرابطة الكتاب، سوف تحمل كل دورة من دورات الملتقى في المستقبل اسم أحد أعلام السرد في الأردن، ويتم الاحتفاء به بتخصيص محاور حول إبداعه ضمن أعمال الملتقى.

التوصية الأخيرة للملتقى هي عقد الدورة الثانية بعنوان: «ملتقى السرد العربي الثاني - دورة مؤنس الرزاز».

ملتقى السرد العربي الأول: وفاء لغالب هلسا واحتفاء بمحمود شقير
 
13-Nov-2008
 
العدد 51