العدد 51 - احتباس حراري | ||||||||||||||
اجتمع زهاء 100 خبير من خمس قارات مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الجاري لابتكار وسيلة تتيح إعادة توجيه الموارد الخاصة بتمويل الحدّ من انبعاثات العوادم الكربونية، نحو التنمية الزراعية والنُهوض بحياة الملايين من صِغار المزارعين في العالم، إضافة إلى زيادة دُخولهم. كل عام تتوافر مليارات الدولارات بموجب بروتوكول "كيوتو" لآليات التنمية النظيفة، لتمويل المبادرات التي تساعد على تقليص الكميات المنبعثة من غازات الاحتباس الحراري في الأجواء. الزراعة لم تحظَ إلى الآن إلا بنزرٍ يسير من تلك الموارد، رغم أن القطاع يمتلك إمكانياتٍ حقيقية ملموسة وكامنة للحدّ من التلوُّث بغازات الاحتباس الحراري، بوصف الزراعة مصدراً رئيسياً لإطلاق الغازات، يُساهم بنحو 30 بالمئة من كميات الغازات المنطلقة في الأجواء، في حال شملَ ذلك الإنتاجَ الحيواني المكثّف وتغيير استخدامات الأراضي. الاجتماعات التي عقدت في مدينة "ويست لافاييت" بولاية "إنديانا" الأميركية، بحثت في كيفية استفادة الزراعة من سوقٍ بلغ مردودها 12 مليار يورو في العام 2007. وقد تطوّرت هذه السوق بفضل آليّة التنمية النظيفة (CDM) في إطار بروتوكول "كيوتو"، التي تتيح للبلدان الصناعية إمكانية الإيفاء بالتزاماتها للحدّ من إطلاق غازات الاحتباس الحراري عبر الاستثمار في مشروعاتٍ خارج حدود بلدانها، تستهدف تقليص كميات غازات العوادم المنبَعثة في أجواء الكرة الأرضية. يقول الخبير تيودور فريدريش، أحد كبار مسؤولي تكثيف الإنتاج المستدام (SPI)، لدى الأمم المتحدة أن "هذه فرصة رابحة كليّاً وجزئياً.. فرصةٌ لإبطاء تغيّر المناخ، ومساعدة المزارعين الفقراء لتحسين أوضاعهم المعيشية، وتحسين التربة، وزيادة الإنتاجية في آنٍ واحد". غير أن آليّة التنمية النظيفة تفرض على هذه المشروعات الزراعية أن تقدم أدلةً علمية تُثبت قدرتها على الحدّ من إطلاق غازات الاحتباس الحراري مقارنةً بالزراعة التقليدية، إذا كانت ترغب في الحصول على تمويل. كذلك يتعيّن ابتكار سُبلٍ كفيلة بمراقبة النتائج على نحوٍ موثوق، وتحديد أسعار مقابل عمليات احتجاز الكربون، مجزية لصغار المزارعين. تلك واحدة من القضايا المطروحة على بساط البحث في الاجتماع المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، ومركز معلومات التكنولوجيا الصونية (CTIC)، بدعمٍ من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلّقة بتغيُّر المناخ. ولأن حراثة الأرض بالأساليب الزراعية التقليدية قد تؤدي إلى إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون المختزن في التربة إلى الأجواء، فإن هذا الأسلوب يُفاقم غازات الاحتباس الحراري وبالتالي تغيّر المناخ. في حين أن نُظم تكثيف الإنتاج المُستدام مثل نظام "الزراعة الصونية" غير المعتمدة على حراثة التربة، تعتمد على ترسُّب البذرة إلى داخل التربة مباشرةً بفعل الغطاء الخضري فوقها مما يشكّل أسلوباً طبيعياً "مترفقاً بالمناخ". وبإمكان أسلوب "الزراعة الصونية" إزاحة كميات لا يُستهان بها من ثاني أكسيد الكربون من الأجواء وتخزينها في جوف التربة. وفي هذا الصدد يقول فريدريش إن "الأساليب الزراعية التي تتفادى فلاحة التربة بالحراثة، إذا ما طُبِّقت في عموم الأراضي الزراعية البالغة رقعتها نحو 5 مليارات هكتار في العالم، تتيح الفرصة نظرياً لاحتجاز كميةٍ تصل إلى 3 مليارات طن من الكربون المتواجد في الأجواء بصفة سنوية ولمدة 30 عاماً". وأضاف أن ذلك "هو المعدل السنوي لتزايُد غاز ثاني أكسيد الكربون في الأجواء جرّاء الأنشطة البشرية". من جهةٍ أخرى، فإن التُربة عالية المحتوى من الكربون أفضل قواماً وأعلى قدرةً على اختزان الماء، مما ينطوي أيضاً على تحمُّلٍ أعلى لدرجات الحرارة المرتفعة وعدم انتظام الهطول المطري، على النحو المتوقَّع من جرّاء تغيُّر المناخ. كما أنها أعلى إنتاجية. يؤكد الخبير أن "اللجوء إلى تمويلات آلية التنمية النظيفة لتعزيز الزراعة الصونيّة والنُظم الأخرى الهادفة إلى تكثيف الإنتاج المستدام لدى البلدان النامية، بإمكانه أن يشكّل دعامةً لعملية التنمية بأسرها". ويضيف أن "ذلك يعزز أيضاً الأمن الغذائي العالمي، ويساعد المجتمع الدولي بمجمله، والشعوب المهدَّدة على نحوٍ خاص، في التغلٍّب على تهديدات تغيُّر المناخ". |
|
|||||||||||||