العدد 50 - أردني | ||||||||||||||
نهاد الجريري خمسة عشر ألف شقة فقط، مجموع الشقق المتوقع إنجازها مع نهاية العام الجاري 2008، في بلد تزيد حاجته السنوية من الشقق على 45 ألف شقة. وعلى الرغم من الارتباط الوثيق بين أسعار الشقق وأسعار الأراضي، فإن ضآلة عدد الشقق المنجزة خلال العام الجاري ليست مرتبطة بأسعار الأراضي التي انخفضت من ثلاثة آلاف دينار للدونم الواحد في منطقة الحمام الشرقي، جنوبي عمان، إلى 1250 دينارا للدونم، من دون أن تجد من يشتريه، بحسب أصحاب مكاتب عقارية. هذان المثالان يعكسان حالة الركود التي تعاني منها سوق العقار المحلية، وهي حالة لا ترتبط ارتباطا مباشرا بالأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم اليوم، فقد بدأت الأزمة المحلية في هذا القطاع قبل انفجار الأزمة العالمية. بل إن هناك من يعتقد أن الأزمة العالمية قد تكون مدخلا إلى زيادة في النشاط العقاري في المملكة، شرط أن تحسن الأطراف المعنية التصرف حيالها. زهير العمري، رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان، يقول إن الارتفاع الحاد في النفط، ومعه الارتفاع في كلف الإنتاج التي شهدها الأردن والعالم في الفترة الأخيرة، تسبب في تدني قدرة المواطن على الشراء وأجبر قطاعات البناء على الحد من نشاطها وعملها. وهو يذكر بأنه في العام 2005، بنيت 22 ألف شقة، وهو رقم انخفض إلى 20 ألفا في 2006، ومنه إلى 18 ألفا في 2007، ليقف هذا العام عند 15 ألف شقة. العمري يزيد أن بعض المستثمرين في الإسكانات غيّروا نشاطاتهم التجارية كليا. أما فيما يتعلق بقطاع الأراضي، فالقصة نفسها تقريبا. فؤاد الخياط، صاحب مؤسسة الخياط العقارية، يقول إن حركة البيع اليوم "واقفة، مفيش طلب". ويزيد أن البيع لم يكن بالمستوى المطلوب منذ مطلع العام، ذلك أن الأسعار وصلت في العامين الأخيرين إلى مستويات عالية، "لقد بلغت القمة فكان لا بد من التصحيح". لذلك، بدأ البيع يتراجع من حيث الحجم والسعر. حتى إن معاملات بيع الأراضي التي رصدتها دائرة الأراضي والمساحة للأشهر العشرة الأخيرة أظهرت تراجعا نسبته 11 بالمئة عن المعاملات المنجزة في الفترة نفسها من العام الماضي 2007 (من 120،340 معاملة إلى 107،881 معاملة). لكن الخياط يشير إلى جانب مهم يتعلق بأثر الأزمة الاقتصادية "النفسي" على حركة التداول والبيع. ويرى أن الجمهور يميل إلى "الإمساك" بما لديه من سيولة بانتظار أن يشتري بسعر أفضل؛ إذ إن بعض الأراضي في جنوب عمان، وهو مجال عمل الخياط، أصبحت تباع بخسارة. يقول: "العديد من تجار الأراضي "علقوا" بالأراضي التي اشتروها، فأصبحوا غير قادرين على بيعها بالأسعار التي تحقق لهم هامشا مرضيا من الربح، ما اضطرهم في معظم الأحيان إلى بيعها، بخسارة، حتى يصرّف بقية أعماله". في جانب آخر يعتقد الخياط أن أزمة المتاجرة في البورصات الأجنبية التي حدثت أخيرا "سحبت" جزءاً كبيراً من السيولة. إذ تقدر الخسارة من الأزمة بحوالي نصف بليون دينار، بحسب أرقام غير رسمية، الأمر الذي أثر على قدرة المواطن على الإنفاق. لكن ثمة توجها يقول إن قطاع العقار في الأردن قد يخرج مستفيدا من الأزمة العالمية. العمري يرى أن كثيرا من الأردنيين العاملين في الخارج، سواء في الخليج أو غيره من الدول، باتوا اليوم أكثر اهتماما بالاستثمار في الأردن وفي قطاع العقار تحديدا. ويقول إن هذا القطاع أثبت على مدى العقود الماضية أنه الأكثر ربحية، ذلك أن "السكن في الأردن ليس رفاهية، بل هو حاجة، بالنظر إلى الزيادة الطبيعية للسكان". الخياط يتفق مع هذا الطرح، ويرى أن بنوك الخليج التي باتت متأثرة بالأزمة لم تعد قادرة على منح القروض للمشاريع القائمة لإتمامها. وينقل ما يُتداول في القطاعات المصرفية بأن أردنيين وخليجيين باتوا أكثر ثقة بالبنوك الأردنية، الأمر الذي سيشجع على إحياء قطاع العقار، والاستثمار فيه، وتشغيل رأس المال. هيثم الدحلة، عضو مجلس إدارة شركة تعمير الأردنية القابضة، يذهب أبعد من ذلك، ويشدد على ضرورة أن يستغل الأردن هذه المرحلة ليخرج رابحا، وذلك من خلال «سياسة تسويقية شاملة»، حتى يزيد من حجم الطلب الخليجي تحديدا على التملك والاستثمار في الأردن «إذا أراد الأردن أن يحقق طموحه في أن يكون مركز الإقليم» كما يقول. ويزيد الدحلة «يخطئ من يعتقد أن العقار هو مجرد بناء، بل هو تطوير بنى تحتية». ويشرح أنه حتى يتم أي نشاط استثماري أو حيوي، لا بد من بناء إسكانات أو أسواق أو منتجعات أو مستشفيات. هذه النشاطات في مجملها، بحسب الدحلة، تشجع على الاستثمار الخليجي من ناحية، كما أنها تزيد من استقطاب السياحة التي أدخلت إلى الخزينة في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري نحو بليون و99 مليون دينار أردني، مقابل 949 مليونا للفترة نفسها من العام الماضي. الدحلة يدعو في الوقت نفسه، إلى منح «حوافز» للاستثمار الخليجي، من خلال تطوير القوانين العقارية وجعلها أكثر وضوحا، بالإضافة إلى تعديل في سعر الفائدة بما يجعل الاستثمار مجديا. |
|
|||||||||||||