العدد 50 - استهلاكي | ||||||||||||||
ساهمت حالة من التوتر حول كساد عالمي متوقَّع في إيقاف عجلة ارتفاع أسعار النفط، بل دفعت هذه الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ عام. لكن هذا لم ينطبق بالضرورة على أسعار غالون الزيت، وكيلو الأرز، وحتى الأحذية والملابس وكلفة الرحلة اليومية إلى العمل. سجالٌ واسع في الأردن يدور حول ضرورة انخفاض أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى بسرعة، بعد أن ظل ارتفاع كلف المشتقات البترولية مبرراً لتسجيل قفزات متتالية في أسعارها أدى إلى ارتفاع التضخم في المملكة إلى منزلتين عشريتين، ليسجل أخيرا نحو 14 بالمئة. وبينما يقفز المستهلكون فرحا عند كل انخفاض يسجله سعر النفط العالمي، تزداد الضغوط الحكومية والشعبية على التجار، بخاصة تجار المواد التموينية، لخفض أسعارهم بنسب تصل إلى النصف. فضلا عن انخفاض أسعار النفط العالمية، بدأت مجموعة من المواد الأساسية بتسجيل انخفاضات سعرية في السوق العالمية، ومن أبرزها السكر والقمح. ارتفاع أسعار المواد التموينية في البورصات العالمية كان سببا آخر يسوقه التجار لتبرير الارتفاعات المتتالية على الأسعار محليا، والتي شهدت ارتفاع سعر لتر زيت الذرة مثلا من ما معدله دينار ونصف الدينار إلى نحو ثلاثة دنانير. يطلق اقتصاديون على حالة رفع الأسعار ثم رفض تخفيضها رغم أن سبب ارتفاعها قد تلاشى تعبير "الأسعار صعبة المراس" (sticky prices). انخفاض الأسعار ساعد الشركات والتجار على تعويض جزء من خسائرها نتيجة ضعف الطلب، لكن ذلك لا يعني بالضرورة تخفيضا على فاتورة المستهلك. نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق انبرى للدفاع عن التجار في الأسابيع القليلة الماضية. وساق أسباباً عدة لعدم خفض الأسعار مباشرة، أولها أن التجار اشتروا مخزونا قد يكفي المملكة لثلاثة أشهر "على الأسعار العالية". النقيب يؤكد أن مؤشر الأسعار سينخفض فور انتهاء هذا المخزون الذي "بفضله حافظت المملكة على أمنها الغذائي". الحاج توفيق يؤكد أيضا أن انخفاض الأسعار لم يطل جميع المواد الأساسية. بحسب مؤشر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الفاو، فإن السكر مثلا ما زال يشهد انخفاضا حادا في سعره العالمي، حيث أدى الانتعاش في إنتاج السكر في البلدان التقليدية المستوردة له إلى انخفاض أسعاره في العام 2007، عندما بلغ متوسط مؤشر المنظمة لأسعار السكر 137.5، بانخفاض قدره 7 بالمئة عما كان عليه في كانون الأول/ ديسمبر2006 ، ولكن بارتفاع بلغ 6 بالمئة عما كان عليه في تشرين الثاني/نوفمبر 2007. في المقابل، ما زالت أسعار الزيوت مرتفعة نظرا للتوسع المطّرد في الطلب على الزيوت والدهون النباتية، لاستخدامها كأغذية أو سلع مغذية للوقود الحيوي، إضافة إلى التباطؤ في نمو الإنتاج، ما أدى إلى انكماش تدريجي في الإمدادات العالمية، وكانت النتيجة ارتفاعا كبيرا في الأسعار. وفي كانون الأول / ديسمبر 2007، بلغ مؤشر المنظمة لأسعار الزيوت/الدهون 226، مقارنة بمؤشر قدره 136 في كانون الأول / ديسمبر 2006؛ وبلغ متوسط المؤشر السنوي 174 للعام 2007، وهو ما يزيد كثيرا على متوسط المؤشر السنوي للعام 2006، الذي بلغ 117. يقول الحاج توفيق إن الأسعار في الأردن لم تقفز بالسرعة نفسها التي قفزت فيها الأسعار العالمية، وبخاصة مع انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين وانخفاض مبيعات التجار بنسبة قدّرها الحاج توفيق بين 50 و60 بالمئة، حتى في الأشهر التي تشهد تعاظم الطلب مثل شهر رمضان. المحلل الاقتصادي كريس لافاكيس قال إن هناك تجارا لم يقوموا برفع الأسعار، "خشية هروب المستهلكين إلى أحضان المنافسين أو إلى بدائل ذات أسعار أقل". لافاكيس الذي يعمل في موقع economy.com يرى أن السبب الوحيد الذي قد يدفع التجار والشركات إلى تخفيض الأسعار هو هبوط حاد في الطلب، ويؤكد أن الأزمة العالمية رغم خطورتها فإنها لن تؤدي إلى انكماش (deflation) واسع في الطلب على المواد الغذائية الأساسية. المحلل الاقتصادي لارس بيرنر، المدرّس في جامعة كاليفورنيا، يؤكد أن تسعير المنتجات لا يرتبط بالضرورة بكلفتها، بل بسعرها لدى التجار والشركات المنافسة. هذا يعني أن المستهلكين، بحسب بيرنر، عالقون بين أسعار مرتفعة على صعيد، وتجار وشركات متنافسة على صعيد آخر. لذا فلن يبقى للمستهلكين، كما يرى بيرنر في تصريحات لمجلة "نيوزويك" سوى الأمل في أن تدفع المنافسة وانخفاض الطلب، التجارَ والشركات إلى إعادة النظر بأسعارها. |
|
|||||||||||||