العدد 50 - كاتب / قارئ | ||||||||||||||
لا يجوز التعويل كثيراً على موقف رئيس الجمهورية العراقية، زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، جلال طالباني، الرافض بقاء قوات أميركية بكردستان، دون موافقة الحكومة المركزية، وهو الموقف الذي يضعه على النقيض من رئيس إقليم كردستان وزعيم الحزب الكردي الآخر القوي (الوطني الكردستاني) مسعود برزاني، الذي رحب بقواعد أميركية في الإقليم إذا رفضت بغداد توقيع الاتفاقية الأمنية مع واشنطن. موقف برزاني ينطلق من سياسة نهّازة للفرص في محاولة لدفع واشنطن والمجتمع الدولي للاعتراف بدولة كردية ترفضها كل الدول التي يتوزع الأكراد عليها: العراق وإيران وتركيا وسورية. ولا شك أن طالباني يشاطره الموقف نفسه، إنما يفتقر القدرةَ للتعبير عنه كونه رئيسَ العراق. لكن ذلك لا يعني بالقطع أن الموقف قد يتطور إلى مواجهة ولو سياسية بينهما، فقد ولى زمنها، بخاصة بعد أن أخذت في الثمانينيات والتسيعينيات طابع المواجهة العسكرية بين الحزبين القويين في كردستان. لكن المواجهة خفّت حدتها كثيرا، وربما انتهت، إثر تقاسم الطرفين للكعكة بُعيد سقوط نظام صدام. جوهر القضية أنه يجب ألاّ يغيب عن البال أن كلا الطرفين طالباني وبرزاني، يسعيان جهدهما لاستغلال الفرصة التاريخية التي لاحت، لوضع ملامح المستقبل للأكراد وفق رؤيتهما التي لا يقرهما عليها جميع ممثلي هذا الشعب، فضلاً عن موقف مكونات الشعب العراقي الأخرى من عرب وتركمان، الذين لا يرون في تلك الرؤية إلا تجاوزاً على حقوقهم التاريخية، وعلى العراق الواحد. برزاني تصرف بالضبط كرئيس دولة حين سمح لنفسه بالتجاوز على الحكومة المركزية في بغداد وعرض إنشاء قواعد أميركية في كردستان، وهي ليست المرة الأولى التي يعلن تجاوزه هذا، في محاولة لجسّ النبض تجاه مشروعه، الذي هو مشروع طالباني أيضاً. فمثلاً تمسك الطرفان بوجود البيشمركة التي لا تعدو أن تكون ميليشيا، خارجة عن سيطرة الحكومة العراقية. وسيطرتهما على نفط كردستان وإبرام عقود مع شركات دولية لاستغلاله، وتمسكهما معاً بتطبيق المادة 140 من الدستور التي صيغت في لحظة ضعف وهيمنة للحاكم الأميركي للعراق بول بريمر والقاضية بتقرير مصير مدينة كركوك، وطبعا إلحاقها بكردستان، فضلاً عما تقوم به الميليشيا الكردية من محاولة تفريغ كركوك من سكانها العرب والتركمان، وتشريد للمسيحيين من الموصل. هذه الأمور تجعل من نقاط الالتقاء بين الطرفين أكثر بكثير من نقاط الاختلاف، على أساس أن مستقبل الحزبين يمكن أن يحسم بصراع مستقبلي، بعد تحقيق الأهداف التي رسماها معاً. وبالتالي، فإن موقف طالباني من إقامة قواعد أميركية في كردستان هو للاستهلاك الإعلامي، ويلائم صورة من يريد أن يظهر بصورة الرئيس. لكن ما يقوم به حزبه على الأرض غير ذلك تماما. علاء نوري |
|
|||||||||||||