العدد 8 - اقتصادي | ||||||||||||||
من بين الاختلالات التي يلاحظها قارئ ومحلل مشروع موازنة الأردن لسنة 2008 ظهور عجز كبير فيها يعكس الفرق بين نفقاتها وعناصر إيراداتها المختلفة، عجز بعد احتساب الايراد من المساعدات وعجز أكبر بعد استبعادها. رقم العجزين ارتفع إلى (724)، (1164) مليون دينار وبنسبة (5.6٪)، (9.1٪) من الناتج المحلي الإجمالي، وبما يتجاوز أرقام ونسب العجزين المعاد تقديرهما عن سنة 2007 البالغين (616)، (962) مليون دينار، وبنسبة (5.4٪)، (8.5٪) وأيضاً بأكثر من عجوزات سنوات سابقة. وبدون الدخول في بيان وتحليل تفصيلي لكافة تقديرات أرقام إيرادات الموازنة ونفقاتها التي أدت إلى العجز المزمن، فإنه من الأهمية توضيح أن هذا العجز يتحقق في أجواء السياسات المالية المدرجة في برامج «التصحيح الاقتصادي!!»، والتوسع غير المسبوق في الارتكاز إلى الرسوم وضريبة المبيعات ثقيلة العبء على العاملين وأصحاب الدخل المحدود المتدني والتي قفز تقديرها في 2008 إلى (1748) مليون دينار مقابل (1417) في سنة 2007، وبارتفاع (331) مليوناً، وبنسبة زيادة عالية (23٪) فيما تصاعدت حصيلة الخزينة إلى (61٪) من جميع الإيرادات الضريبية مقابل (19٪) في 2007. تضخم العجز نجم أيضاً عن تراجع ملموس في قيمة المساعدات الموعودة في سنة 2007 من (574) إلى 346 مليون دينار فعلية وبنسبة تراجع 40٪ وهو فرق كبير يعكس عشوائية أو عدم الدقة في بعض تقديرات الموازنة، ويلاحظ الهبوط الحاد في المساعدة السعودية ومن (398) مقدرة في 2007 إلى 213 معاد تقديرها والى 100 مليون دينار فقط مقدرة في السنة القادمة. المبالغة في تقديرات العديد من أرقام وعناصر النفقات في موازنة 2008، بخاصة في بعض بنود «النفقات الرأسمالية»، مسؤولة بدورها عن تفاقم رقم العجز الذي يمكن أن يرتفع أكثر مع اشتداد حالة التباطؤ الذي تزايد ظهور مؤشراته مؤخراً في الكثير من قطاعات الاقتصاد الأردني السلعية والخدمية. بيانات وأرقام الموازنة الجديدة تؤكد التوجه الحكومي إلى تغطية العجز من خلال اللجوء إلى عقود قروض داخلية جديدة، وبأكثر مما يتطلبه العجز المتوقع، فموازنة التمويل تتضمن ديناً داخلياً جديداً كبيراً بقيمة 2044 مليون دينار ليقفز رصيده إلى 5181 في 2008 مقابل 3137 في 2007، ومقابل 2316 مليون دينار في نهاية 2005، مما يعني أن رصيد الدين الداخلي سيبقى أعلى من مستوياته الحالية حتى لو تم إطفاء ديون سابقة بقيمة 1117 مليوناً، و 284 مليوناً لسداد أقساط قروض خارجية. وفيما تأرجح الرقم الإجمالي للمديونية الخارجية حول 5 مليارات دينار خلال السنوات الأخيرة، وبما يتجاوز رقمها في 1989 البالغ 4904 ملايين، ورغم ما كان يتم سداده منها سنوياً، فإن ر قم المديونية الداخلية استمر في الارتفاع، ومن 1054 مليوناً في 1999 إلى 3137 في 2007 وأكثر من ذلك في 2008. وفي موازاة وتواصل ارتفاعه قفزت الفائدة السنوية المدفوعة عنه من 47 مليون دينار في 1999 إلى 133 مليوناً في 2006، لتصل الى 188 مليوناً في 2007. ومن هنا، فإن إشكالية المديونية العامة تتجه إلى الاشتداد والتعقيد بالمعيار الكبير، وليس مقبولاً استمرار محاولات التخفيف أو التبسيط من مخاطرها بترداد مقولة «انخفاض نسبتها إلى الناتج المحلي المتزايد في ارتفاعه سنة بعد أخرى»، كما انه ليس نهجاً مالياً صحيحاً التأكيدات الحكومية بالامتناع عن عقد ديون خارجية جديدة واستبدال ذلك بديون داخلية، إذ أن الدين الداخلي لا يقل خطورة وثقلاً في عبء خدمته عن الدين الخارجي، إن لم يفقه في مخاطره وسلبياته. |
|
|||||||||||||