العدد 49 - أردني
 

دلال سلامة

تقول الأسطورة إن الإلهة أثينا إلهة الخصوبة والزراعة والحرب والحرف اليدوية، قد أهدت البشر شجرة الزيتون لتكون رمزا للسلام والحكمة والأبدية.

ربما كان ارتباط شجرة الزيتون بفكرة الأبدية هو ما منحها هذه القداسة التي لا تجمع عليها الديانات السماوية فقط، ولكنها تمد جذورها في قلب الحضارات القديمة أيضاً.

ورغم أن التاريخ لم يعرف أنه كانت لشجرة الزيتون أهمية خاصة لدى قدماء المصريين، فإن الباحث الأثري الفرنسي ماسبيرو اكتشف قريبا من مدينة طيبة مقابر فيها باقات من أوراق الزيتون، كما أن واحدة من المومياوات كانت ترتدي تاجاً مصنوعاً من أوراق الزيتون.

اليونان أيضاً قدسوها واتخذوها شجرة لمنيرفا، إلهة الحكمة لديهم، ولم يكونوا يسمحون لبلدة أن تقطع أكثر من شجرتي زيتون في العام.

أما الرومان فكانت لديهم عادة المسح بالزيت، خصوصاً للضيوف في الأعياد والاحتفالات، ولم يكونوا يسمحون بحرقها إلا إذا كان ذلك تكريماً لأحد آلهتهم.

وكان العبرانيون يستعملونه، بحسب نصوص التوراة، لمسح الملوك ورؤساء الكهنة، وكانوا يمسحون به الآنية المقدسة.

وفي سفر التكوين، فإن يعقوب عندما أراد أن يبني بيتاً للرب، صبّ الزيت على رأسه على سبيل التبرك: "وبكر يعقوب في الصباح وأخذ الحجر الذي وضعه تحت رأسه وأقامه عموداً وصب زيتاً على رأسه، ودعا ذلك المكان بيت إيل".

وفي سفر الخروج فإن الزيت كان من بين التقدمات المقدسة التي طلبها الرب من بني إسرائيل على لسان موسى، فقد طلب "الذهب والفضة وزيتاً للإنارة." وفي سفر الخروج أيضاً كان الأمر كذلك "أنت تأمر بني إسرائيل أن يقدموا إليك زيت الزيتون مرضوضاً نقيّاً للضوء لإصعاد السرج دائماً".

وكان اليهود في الأعياد والأفراح يمسحون به كل البدن، وأحياناً الرأس أو القدمين فقط، وكان ترك المسح يعتبر علامة من علامات الحزن.

في المسيحية، يعتبر المسح بالزيت دليلاً على حلول الروح القدس، ويستخدم في طقوس المعمودية ولمسح المرضى، يقول يعقوب الرسول في رسالته: "أمريض أحد منكم فليدع شيوخ الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب".

وفي إنجيل مرقص: "ودهنوا بزيت مرضى كثيرين فشفوهم". كما أن الزيت يلعب دوراً كبيراً في حياة المسيحيين أثناء الصيام، الذي يبتعدون فيه عن المنتجات ذات الأصل الحيواني، فيكون هو عماد وجبات يتناولونها في هذا الموسم، وهي وجبات تتكون أساساً من نباتات تنتجها الأرض في فصل الربيع الذي يوافق موسم الصيام مثل: الخبيزة والعلت وغيرها.

وكما هو الحال في الأديان الأخرى فإن الإسلام، اعتبر الزيتونة شجرة مباركة، وفي القرآن أقسم الله بها، كما في قوله: "والتين والزيتون وطور سنين".

كما أنه وردت عن الرسول أحاديث عدة، حثت على استخدام زيت الزيتون، ومنها قوله: "كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة".

**

زيت توسكاني

ليلى سليم

أفضل زيت زيتون في العالم موجود في مقاطعة توسكاني في إيطاليا، ويلقب بـ«ملك زيت الزيتون». ويصل ثمن عبوة زنتها 500 مليمتر من بعض أنواعه إلى 60 دولارا أميركيا، أي ما يعادل 43 دينارا أردنيا.

هذا الزيت الذي يعتبر من أجود الزيوت في العالم بسبب نكهته فائقة الجودة، ورائحته النفاذة العطرة ما زال بعض من المصانع هناك يستخدم الطريقة التقليدية في عصره، أي باستخدام حجر الغرانيت .

عمليات القطاف تتم بدقة، فعندما تصل الثمار إلى حجم معين تنصب الشباك تحت الأشجار، ويقطف باليد، ثم يعصر على البارد في غضون ساعات قليلة، ثم تتم عملية التعبئة في عبوات زجاج معتمة في غضون 24 ساعة. وكل ذلك يمنح الزيت نكهته الكثيفة الناعمة ولونه المضيء.

الطريف أن عملية القطاف لا تشمل كل الثمار على الشجرة، بل يُترك جزء منها ليكتمل نضجها، وعندما يتم قطافها في ما بعد فإنها تُنتج زيتا بالجودة نفسها، ولكن لونه يكون معتما أكثر ونكهته أكثر حدّة ونفاذاً، ويقوم بعض المصنّعين هناك بدمج النوعين معاً للحصول على نوع ثالث بطعم جديد.

الزيتونة: قدّسها اليونان والرومان وذكرتها الكتب السماوية
 
30-Oct-2008
 
العدد 49