العدد 49 - أردني
 

عدي الريماوي

بدءاً من المناطق المرتفعة وحتى منطقة وادي الأردن والمناطق الصحراوية، تغطي حوالي 17 مليون شجرة زيتون أكثر من مليون دونم من الأراضي الزراعية. تتوزع هذه الحقول من إربد وجرش وعجلون في الشمال، إلى البلقاء والزرقاء، مروراً بالعاصمة عمان ووصولاً إلى الطفيلة في الجنوب. وتتزايد أعداد الأراضي المزروعة بالزيتون كل عام، لاهتمام الناس بزراعتها ولدعمها الكثير من القطاعات الحيوية. ويزرع الزيتون في فلسطين في مناطق نابلس وجنين التي تضم أشجاراً زرعت منذ مئات السنين، وينتشر في محافظات الضفة الغربية كون أراضيها جبلية وعرة لا تصلح لزراعة منتجات أفضل من الزيتون، وتحمل هذه الشجرة معاني الأصالة والتمسك بالأرض لأهالي الأراضي المحتلة.

تحتل مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون حوالي 72 بالمئة من الأراضي المزروعة بالأردن بالأشجار المثمرة، وتمثل 34 بالمئة من كامل المساحة المزروعة في الأردن. وتتوزع أشجار الزيتون على أقاليم المملكة، فيضم إقليم الشمال 48 بالمئة من مساحة هذه الأراضي، ويليه إقليم الوسط بـ44 بالمئة، وتزرع كميات قليلة في إقليم الجنوب لا تتجاوز نسبتها 8 بالمئة من الأراضي. وتبلغ مساحات الأراضي المزروعة بالزيتون 1.28 مليون دونم بحسب إحصاءات العام 2007، تنتج حوالي 145 ألف طن من الزيتون، يصل إنتاج الزيت منها إلى 20 ألف طن، وتضم محافظة إربد مساحات كبيرة منها تصل أعدادها إلى 295 ألف دونم، كما تضم محافظة البلقاء حوالي 250 ألف دونم، وتتوزع باقي أكبر هذه المساحات على محافظات عمان والزرقاء. ويزرع في البلقاء أكثر من 236 ألف دونم من أشجار الزيتون، تنتج 21 ألف طن من الثمار، يحول منها 4 آلاف طن إلى زيت الزيتون، في حين يعتبر لواء بني كنانة في الشمال من أكبر الألوية التي تزرع الزيتون، ويضم 92 ألف دونم، تنتج 6 آلاف طن من الزيتون، يحول نحو ألف منها إلى زيت الزيتون.

يقول جمال البطش، مدير وحدة الزيتون في وزارة الزراعة، إن الزيتون بات يزرع الآن في أغلب محافظات المملكة، لما له من أهمية كبيرة على مختلف الأصعدة، فهو ذو أهمية اقتصادية متميزة في دعم القطاع الزراعي في الأردن، وهو مرتبط بحياة وعادات المجتمع الأردني، وذو أهمية كبيرة على المستوى البيئي. "تعمل الوزارة على تشجيع زراعة هذه الشجرة، وتعميم زراعتها على جميع محافظات المملكة، للنهوض بالقطاع الزراعي في الأردن". ويؤكد بأن الشجرة تحتاج إلى ظروف ملائمة لضمان الإنتاج الجيد منها، فالزيتون عندما يزرع في محافظات الشمال مثل إربد، فإنه يعتبر مجدياً اقتصادياً، أكثر منه عندما يزرع في أماكن ترتفع فيها درجة الحرارة مثل الأغوار والكرك.

يذكر شراري الشخانبة، وزير الزراعة الأسبق، أن قطاع الزيتون في الأردن نما نمواً ممتازاً وانتشرت زراعته في المملكة من شمالها إلى جنوبها،دون أن ترافقه عملية صحيحة للإرشاد الزراعي والبحث العلمي لتنظيم هذا القطاع، "رغم أنه حقق النتائج المطلوبة من تحقيق الاكتفاء الذاتي، إلا أن الكثير من الأخطاء وقعت في زراعة الشجرة في أماكن غير ملائمة لها، تكون فيها التربة عميقة وتحتاج لكميات كبيرة من الري، ما يؤدي إلى زيادة الكلفة على المزارعين" كما يقول الشخانبة الذي يؤكد على ضرورة سن قوانين وتشريعات ملزمة، لتنظيم هذا القطاع الحيوي حتى تتم الاستفادة من جميع ميزاته "لقد تأخرنا كثيراً في استصدار قانون لاستغلال الأراضي، فلا تكفي عمليات التوعية التي تطلقها وزارة الزراعة ومراكز الإرشاد، فلا بد من تعليمات ومخططات واضحة لتوزيع زراعة هذه الأشجار".

مع الإقبال المتزايد على زراعة هذه الشجرة، والعوائد الكبيرة التي تتحقق من زراعتها، أصبحت شجرة الزيتون تزرع في مناطق لا تعتبر مثالية لها، فهناك في منطقة الأغوار حوالي 5 آلاف دونم تزرع بالزيتون، لا يتجاوز إنتاجها 650 طناً، لعدم ملائمة مناخ تلك المناطق لزراعة هذه الشجرة، إضافة إلى العقبة التي تضم أيضاً 6 آلاف دونم تنتج حوالي ألف طن من الزيتون في كل عام.

عن الشروط والبيئة المناسبة لزراعة الزيتون، يقول عبد الله الزبن، صاحب مزارع للزيتون، "المناطق المرتفعة ما بين 600 - 800 متر فوق سطح البحر، والأراضي التي تصلها كمية أمطار من 500-700 ملم، تعتبر الأفضل لزراعة الزيتون، ويجب مراعاة شروط أخرى مثل الرياح الخماسينية، ويفضل اختيار وقت للتشجير حتى تتأخر عنها هذه الرياح". ويؤكد بأن كمية الأمطار هي أهم العوامل لنجاح زراعة الزيتون، وأنه كلما زاد يزيد إنتاج هذه الشجرة. "يجب على المزارع تقييم الأرض قبل زراعتها، والالتزام بالقوانين الزراعية للحصول على أفضل النتائج، وهذا نفتقده في الأردن .أغلب المزارع عشوائية وتفتقر للتنظيم، لهذا لا تكون النتائج مرضية للمزارع". ويشير الزين إلى أن هناك الكثير من العادات الخاطئة التي يتبعها الناس في قطف الزيتون، مثل تأخير قطفه، وهو ما يؤدي إلى قلة جودته.

في فلسطين هناك أكثر من 850 ألف دونم من الأراضي مزروعة بالزيتون. تضم محافظتي نابلس وجنين أكثر من 170 ألف دونم في كل منها، في حين تحتل محافظات رام الله وطولكرم مساحات واسعة من هذه الأراضي تزيد على 100 ألف دونم، ومعظم هذه المساحات تتمركز في الضفة الغربية، في حين يضم قطاع غزة حوالي 20 ألف دونم فقط مزروعة بالزيتون. وتنتج هذه المساحات حوالي 160 ألف طن من الزيتون، يكون ناتج الزيت منها حوالي 30 ألف طن. وفي كل عام يعاني الفلسطينيون في موسم قطاف الزيتون، وما يشاهد الآن على شاشات التلفاز، من مشاهد "حرب قطف الزيتون" التي يعيشها المزارع الفلسطيني هذه الأيام مع المستوطنين، وهناك الكثير من الإصابات التي تقع يومياً بين صفوف قاطفي الزيتون، نتيجة الاعتداءات المستمرة التي يتعرضون لها من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال.

بهذا تحتل شجرة الزيتون مكانة كبيرة على الخريطة الزراعية في الأردن، لما تمثله من دعم لمختلف القطاعات في كل بلد، وبعدما استطاع الأردن من خلال المساحات الكبيرة التي تزرع بالزيتون على أراضيه، التقدم على سلم الدول المصدرة للزيت والزيتون. لكن القطاع ما زال بحاجة للتطوير والتحسين، للوصول إلى المنافسة مع دول حققت نجاحا كبيرا في هذا المجال مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا.

**

أصناف الزيتون في الأردن

يتميز قطاع الزيتون في الأردن بعدد كبير من أصناف الزيتون التي تتباين في صفاتها واستعمالاتها،. تبلغ الأصناف الشائعة منها زهاء عشرين صنفاً، تضم إلى جانب الأصناف البلدية، أصنافاً تعتبر دخيلة وأصولها من دول أخرى، كما تذكر نشرات وزارة الزراعة، ومن أبرز هذه الأنواع:

1 - النبالي البلدي: من أشهر الأصناف المحلية، ويتميز بثمرة بيضاوية مستطيلة منبسطة في أحد جانبيها ومنتفخة في الجانب الآخر، ومتوسط وزنها 4 غم. يمكن استعمال هذا الصنف لأغراض التخليل عند القطف المبكر، وتصل نسبة الزيت فيه إلى 24 بالمئة ضمن الزراعات البعلية.

2 - الرصيعي: ويطلق على بعض سلالاته نبالي محسن، وهو من الأصناف ثنائية الغرض، ذو ثمرة مستديرة كروية يصل متوسط وزنها إلى 4.5 غم تقريباً، يصلح لأغراض الكبيس الأخضر إذا ما قطف مبكراً والأسود في وقت لاحق، وتصل نسبة الزيت في ثماره إلى 16 بالمئة.

3 - نصوحي جبع: حجم الثمرة كبير وطويل، ويتميز بأنه ذو لب غزير وقشرة رفيعة جداً، ويعتبر من الأصناف المناسبة للتخليل الأخضر والأسود (لأغراض الكبيس). وقد سميت هذه الثمرة على اسم المؤرخ الفلسطيني، نصوح الطاهر، و جبع قرية تقع قرب جنين .

4 - الصوري: ذو ثمرة بيضاوية مستديرة وقصيرة، ومتوسط وزن الثمرة 2.5 غم وقد يصل وزنها إلى 3.5 غم. اللب غزير رقيق القشرة، وهو صالح للكبس الأسود، ويحتوي على نسبة زيت تصل إلى 25 بالمئة، وينتشر هذا النوع بكثرة في فلسطين.

**

من الأصناف ذات الأصول الخارجية من الزيتون في الأردن، التي تعتبر "دخيلة" :

1 - جروسادي (إسباني الأصل): ذو ثمرة متوسطة إلى كبيرة الحجم يصل وزنها إلى 7 غم، يصلح بشكل رئيس لأغراض الكبيس، ويصل متوسط نسبة الزيت فيه إلى 18 بالمئة، تصلح أشجار هذا الصنف للزراعة في المناطق البعلية ذات المعدلات العالية من الأمطار.

2 - كوراتينا (إيطالي الأصل): ذو ثمرة صغيرة إلى متوسطة الحجم يصل وزنها إلى 4 غم، يستعمل بشكل رئيس لأغراض الزيت، وتصل نسبته إلى 20 بالمئة، ولا ينصح باستعماله لأغراض التخليل. يصلح للزراعة في المناطق المروية أو البعلية عالية الأمطار، ويعرف هذا الصنف بغزارة إنتاجه.

3 - تلمساني (جزائري الأصل): ذو ثمرة صغيرة إلى متوسطة الحجم، يصلح للتخليل الأخضر والأسود بدرجة متوسطة، ومتوسط نسبة الزيت فيه 16 بالمئة.

4 - باروني ( تونسي الأصل): ثمرة كمثرية مقلوبة الشكل كبيرة الحجم قد يصل وزنها إلى 7 غم. ثمار هذا الصنف ذات لون أحمر نبيذي عند النضج، يصلح للتخليل الأخضر ومتوسط نسبة الزيت في ثماره 18 بالمئة.

توسع متزايد في زراعة الزيتون شمل أماكن غير ملائمة
 
30-Oct-2008
 
العدد 49