العدد 49 - أردني
 

سراب الخفاجي

ثمة ثلاث طرق للغش في الزيت، الأولى، أن يُخلط زيت الزيتون البكر أو الممتاز بكميات من زيت زيتون أقل جودة مثل الزيت العادي أو زيت الجفت وهو صنف غير صالح للاستهلاك البشري ويقتصر استعماله على الأغراض الصناعية.

طريقة ثانية للغش، تتم بإضافة مادة الكلوروفيل إلى زيت نباتي رخيص، ما يعطيه لونا أخضر جذابا، وبعضهم يزيد بإضافة منكهات تعطي طعم ورائحة الزيت. هذه المنكهات، تباع لدى العطار باسم "أسانس زيت الزيتون". والثالثة تتم بخلط زيت الزيتون بزيوت نباتية رخيصة مثل عباد الشمس أو الصويا أو السمسم. أبو سميح، من كبار مزارعي الزيتون في منطقة جرش، يقول إن ذلك يتم بإضافة ما نسبته 15-20 بالمئة من زيت الصويا مثلا، لكل تنكة زيت، فإذا اعتبرنا أن كيلو الزيت يباع بسعر 4.5 دينار، فيما يبلغ سعر كيلو الصويا 1.25 دينار، وإذا احتوت كل تنكة زيت (سعتها 16 كيلو) على 4 كيلو غرامات من الصويا، فسيكون ربح التاجر من الغش حوالي 13 دينارا في كل تنكة.

الغش في الزيت ظاهرة عالمية، ففي الآونة الأخيرة، هزت إيطاليا فضيحة غش تصدرتها عصابات تعرف بمافيا الزيت. كان هؤلاء يغشون الزيت ويسوقونه في أوروبا وأميركا على أنه زيت بكر ممتاز. قبل شهرين، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية مقالا جاء فيه أن 40 بالمئة فقط من الزيت البكر الممتاز المباع في أميركا أصيل فعلا. وأضاف المقال أن "صناعة" الغش في الزيت تدر ربحا يعادل الربح من الكوكائين، ولكن من دون المخاطر المتعلقة بالصنف الأخير.

من هنا، يبدو جليا أنه من الصعب جدا كشف الغش في زيت الزيتون. إذ لا يستطيع الشخص العادي غير المجرب أن يميّز الزيت المغشوش من الزيت الأصيل ما لم يكن ذواقه على درجة عالية من الخبرة، وإلا فلا بد من اللجوء إلى المختبر. مع هذا، يقول البعض إن الناس قديما كانوا يأتون بقارورة زيت محكمة الإغلاق مملوءة إلى النصف، فيخضونها خضا عنيفا حتى تتشكل فقاقيع الهواء على سطح السائل. فإن كان نقيا، اختفت الفقاعات بسرعة، وإن كان مغشوشا فإن الفقاقيع تبقى طافية على السطح. ويقول آخرون إن في الإمكان تمييز الغث من الثمين من خلال تعريض الزيت للحرارة (القلي)، إذ تختلف رائحة الزيت النقي عن رائحة الزيت المغشوش.

**

زيت وزعتر في إيران

في إيران، يباع الزيت ضمن مواصفات عجيبة. فلا يكفي أن تخبر البائع أنك تريد شراء زيت زيتون، بل عليك أن تحدد إن كنت تريده برائحة زيت الزيتون أم بدونه، وإن كنت تريده بطعم رائحة زيت الزيتون أم بدونه. وغالباً ما يفاجأ الباعة هناك إذا طلبت زيت زيتون بطعم ورائحة زيت الزيتون! ولبعض العرب من بلاد الشام الموجودين في إيران للدراسة أو العمل، لا تبدو رحلة البحث عن زيت الزيتون (بطعمه ورائحته) مضنية مقارنة برحلة البحث عن الزعتر؛ التوأم الروحي للزيت. بالرغم من أن الزعتر ينمو هناك في الطبيعة، إلا أنه غير معروف بشكله الجاف المدقوق مع السماق والسمسم وحبات الحمص "القضامة". فلم يكن ثمة شيء يعوّض عن الزعتر الأردني، أو الزعتر الحلبي. فكان الزعتر الهدية المثالية خاصة لأطفال بعض العراقيين الذين وقعوا على الفور في غرام المناقيش الزيت والزعتر.

تجارة مربحة للمافيا: الخبراء فقط يمكنهم كشف الزيت المغشوش
 
30-Oct-2008
 
العدد 49