العدد 49 - أردني | ||||||||||||||
محمود منير «الحرب العنصرية الشرسة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على شجرة الزيتون، ستؤدي إلى انتفاضة شعبية فلسطينية في مواجهة هذا القهر.» هذا ما توقعه مصطفى البرغوثي، النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني وأمين عام المبادرة الوطنية، الذي يرى أن «الهدف من حروب حقول الزيتون هو تركيع الفلسطينيين وشل إرادتهم من خلال القضاء على المصدر الرئيسي لرزقهم.» وهو يضع هذه «الحروب» كما يسميها، في إطار الهجمات التي يشنها المستوطنون على حقول الزيتون أثناء قيام الفلسطينيين بجنيه، بهدف إخلاء ما تبقى من أرض فلسطين من أهلها. حجم العنف الذي يمارس ضد الفلاحين الفلسطينيين استدعى، لأول مرة، تصريحات إسرائيلية تندد بممارسات المستوطنين، إذ قال أيهود باراك لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «أدين هؤلاء الرعاع الذين يعيقون قطاف الزيتون الذي يشكل قطاعا مهما في الاقتصاد الفلسطيني»، وكان وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيريتس قد صرح قبل شهر أن كل من يضايق المزارعين الفلسطينيين خلال موسم قطاف الزيتون سيتعرض لعقوبات قاسية. نواف الزرو، الباحث في الشؤون الإسرائيلية، تحدث لـ «السجّل» عما أسماه «أدلجة الإرهاب الصهيوني ضد شجرة الزيتون الفلسطينية»، مشيراً إلى إحدى فتاوى الحاخام عوباديا يوسف، الزعيم الروحي لحركة شاس الأصولية، التي جاء فيها: «لولانا – أي اليهود- لما نزل المطر، ولولانا لما نَبَتَ الزرع، ولا يُعْقَلُ أن يأتينا المطر، ويأخذ الأشرار –الفلسطينيون- ثمار الزيتون، ويصنعون منه الزيت». وكانت مواجهات عنيفة اندلعت بين الفلاحين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في موسم الزيتون الذي بدأ أوائل الشهر الجاري، وكان آخرها في مناطق العمل الجارية لإقامة الجدار في قرية نعلين غربي رام الله قرب مستوطنة حلاميش بمحاذاة الجدار الفاصل، وازدادت ضراوة أثناء محاولة قطف ثمار الزيتون، واستخدمت قوات الاحتلال لأول مرة، إضافة إلى العيارات النارية، قنابل غازية سامة جديدة، ما أصاب عشرات الفلسطينيين بالاختناق. رئيس بلدية نعلين أيمن نافع أشار إلى أن «أراضي القرية انكمشت منذ احتلال 1948، فقد كانت مساحتها قبل النكبة تزيد على 58 ألف دونم، وباتت مع مجيء الاحتلال في 1967 عشرة آلاف دونم قضم منها الجدار الفاصل حتى الآن، ثلاثة آلاف دونم مزروعة بأشجار الزيتون». ويعاني المزارعون في أكثر من 75 قرية فلسطينية من صعوبة الوصول إلى حقول زيتونهم لقطافها بسبب المستوطنين، تتوزع هذه القرى على النحو التالي، محافظة نابلس: بيت فوريك، بيت دجن، سالم، دير الحطب، عورتا، يانون الفوقا، عقربة، بورين، عراق بورين، عصيرة القبلية، الساوية، خربون، جالود، قصرة، الناقورة، عينبوس، حوارة، كفر قليل، تل، وقرى محافظة طولكرم: فرعون، بيت ليد، رامين، كفر اللبد، سوفة، كفر صور، الرأس، الزاوية، أما قرى قلقيلية فهي: جين صافوط، كفر لاقف، عزون، حبلة، رأس عطية، رأس طير، جيوس، كفر قدوم. وتضم قرى سلفيت: مسحة، حارس، كفل حارس، سلفيت، اسكاكا، كفر ياسيف، دير استيا، كفر الديك، برقين، وقرى رام الله هي: اللبن الشرقية والغربية، ترمسعيا، رنتيس، المزرعة، مزارع النوباني، رأس كركر، أبو اشخيدم، بيت إكسا، بيت دقو، المديه، قطنة، حزاب اللحم، ينما تضم قرى بيت لحم: نحالين، حوسان، بتير، تقوح، كيسان، وقرى الخليل: جبع، صوريف، صافا، دير رازح، كرمة، يطا، أم الخير، الشيّوخ، سعير، بني نعيم. وزارة الزراعة الفلسطينية حذّرت من خطورة الانعكاسات الكارثية الناجمة عن استمرار الاعتداءات التي يشنها المستوطنون بتواطؤ مع قوات الاحتلال ضد المواطنين وأراضيهم المزروعة زيتونا، وأكدت «أن مواصلة هذه الاعتداءات من شأنه التسبب في فقدان ما نسبته 30 بالمئة من إنتاج زيت الزيتون لموسم القطاف الحالي، المتوقع أن يبلغ إنتاجه لهذا العام نحو 28 ألف طن من الزيت، إن لم يتعرض لاعتداءات المستوطنين.» وبحسب نواف الزرو فإن الحصيلة النهائية لمجزرة الزيتون بسقوط 45 شهيداً من المزارعين الفلسطينيين على يد المستوطنين منذ بداية انتفاضة الأقصى العام 2000 وحتى الآن، وأن «شجرة فلسطينية مثمرة تقتلع كل دقيقة في الأراضي الفلسطينية»، ليصل عدد أشجار الزيتون المقتلعة والمدمرة إلى أكثر من 1.355290 شجرة فلسطينية، ونحو 200 ألف شجرة نخيل، بينما تم تجريف 76867 دونما من الأراضي الخصبة، إضافة إلى تجريف 31263 من شبكات الري وتدمير 902662 مترا من خطوط المياه، كما جرى الاستيلاء على 125 ألف شجرة مقتلعة بينها 36 ألف شجرة زيتون وإعادة زراعتها داخل الخط الأخضر، الطرق الالتفافية وجدار الفصل العنصري والتوسعات الاستيطانية عزلت عشرات آلاف الأشجار عن أصحابها وأصبحت بلا عناية ولا تجد من يقطفها، وفق تقرير صدر مؤخراَ عن وزارة الزراعة الفلسطينية. من جهته أشار محمد رمضان الآغا، وزير الزراعة في الحكومة المقالة بغزة، إلى أن توقعات الإنتاج من زيت الزيتون لعام 2008، تبلغ في الضفة 103700 طن من الزيتون، و19 ألف طن من زيت الزيتون، وأن حجم استهلاك مواطني الضفة من الزيت يبلغ 15 ألف طن، أي أن هناك فائضا يقدر بنحو ستة آلاف طن من زيت الزيتون مشكلاً تراجعاً ملحوظاً بالنسبة لإحصائيات السنوات الماضية، أما في قطاع غزة فبين أن من المتوقع أن يبلغ الإنتاج 12300 طن من الزيتون، و1450 طناً من زيت الزيتون، فيما حجم استهلاك مواطني قطاع غزة من الزيتون يبلغ 5200 طن، ومن زيت الزيتون 3100 طن، أي أن هنالك عجزا مقداره 1650 طناً من زيت الزيتون. واستناداً للمعطيات المتوافرة لدى مركز إحصاءات وزارة الزراعة الفلسطينية، فقد تم اقتلاع وتدمير قرابة مليون ونصف مليون شجرة زيتون فلسطينية، منذ الانتفاضة الأخيرة، وبخاصة أثناء عملية فتح الطرق الالتفافية، وعمليات بناء الجدار وتوسعة الطرق والمستوطنات والمعسكرات الإسرائيلية. وكانت إسرائيل قد اختارت زهرة «قرن الغزال» الفلسطينية وشجرة الزيتون لتمثيلها في حديقة الورود التي افتتحت في أولمبياد بكين هذا العام. أوري أفنيري، أحد أهم أقطاب «معسكر السلام» الإسرائيلي، الذي يقول «إن الحرب الحقيقية في الضفة إنما تدور رحاها على امتداد أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وأسلحتها تتكون من: الخرائط والقرارات والأوامر العسكرية والبلدوزرات، وهي حرب مصيرية على الأرض يتعلق بها مصير ملايين الإسرائيليين والفلسطينيين، فإما الحياة وإما الموت». ويعرض الزرو لمقال نشره «يهودا ليطاني»، الصحفي الإسرائيلي في صحيفة معاريف جاء فيها أن «الجرافة أصبحت أداة حرب للجيش الإسرائيلي، أداة تشبه الدبابة وترمي إلى الدمار وليس إلى البناء»، وعزز ذلك الكاتب «عوفر شيلح» في مقال آخر شدّد فيه على ضرورة أن: «تواصل صديقتنا الجرافة تصميم الواقع في الضفة الغربية». ولم يقتصر الأمر على تدمير لشجرة الزيتون، بل طال ذاكرة هذه الشجرة، ففي25 أيار 2006، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي متحف البد الأثري في مدينة بيت لحم، وحطمت البوابة الرئيسية للمتحف، وعبثت بمحتوياته، ما أسفر عن تحطم عدد من الجرار والقوارير الفخارية الأثرية (التي كان يحفظ فيها الزيتون قديماً) وبعض اللوازم المكتبية، وهذا الاقتحام، هو الثاني لهذا الموقع الأثري بعد أن كان قد اقتحم أثناء اجتياح بيت لحم وحصار كنيسة المهد في نيسان 2002. ويضم المتحف الذي افتتح في العام 1999 من قبل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية في مبنى (بد جقمان الأثري)، قطعا أثرية وأثنوغرافية تتعلق بموسم الزيتون بدءا من عملية القطف وانتهاء بعملية عصر الزيتون لاستخراج الزيت، كما يضم أدوات تتعلق بالصناعات المرتبطة بشجرة الزيتون ومنتجاتها. |
|
|||||||||||||