العدد 49 - أردني
 

لعبت مصابن نابس دوراً سياسياً واجتماعياً بارزاً منذ تأسيسها في أواخر القرن التاسع عشر، وهو ما تؤكده الوثائق الفلسطينية. إذ إن كبار الزعماء والتجار والعلماء في المدينة، وكذلك بعض أعضاء مجلس المبعوثان العثماني وأعضاء في المجالس البلدية، كانوا يمتلكون المصابن. وتشير الوثائق العثمانية إلى وجود قاعة خاصة في كل صبّانة للاجتماع بين صاحب المصبنة والوجهاء والأثرياء وكبار موظفي الدولة، فيما كان يعرف باسم "الديوانية"، حيث يتبادلون الحديث والآراء ويتشاورون في الأمور العامة.

ويوثق أكرم زعيتر في وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية أن أهم قرار سياسي في فترة الانتداب البريطاني اتخذ في ديوانية "صبّانة الشكعة". فبعد أن اعتدى اليهود على فلسطينيي يافا في 17-4-1936، تحركت نابلس لنصرة يافا، وعقد اجتماع تمهيدي بتاريخ 19-4-1936 في تلك المصبنة، ووضعت في هذا الاجتماع أسس ومبادئ التحرك الثوري الذي انطلق العام 1936، وتم الاتفاق على أمور، أهمها إعلان إنشاء اللجنة القومية للإشراف على سير الحركة الوطنية، وأن يتم إعلان الإضراب العام في نابلس، وأن تدعى سائر مدن فلسطين إلى الإضراب.

**

حاطوم تستحضر الصابون رمزاً للهوية الفلسطينية

الفنانة ذات الأصل الفلسطيني منى حاطوم جسّدت سيرة الصابون النابلسي المصنوع من زيت الزيتون في عمل تركيبي بعنوان "فعل الحاضر" قدّمته في معرضها الذي أقيم على صالة "أناديل" في مدينة القدس العام 1996.

حاطوم استحضرت الصابون رمزاً يعبّر عن الهوية الفلسطينية في عمل من 2200 قطعة من الصابون النابلسي جرى ترتيبها على شكل مربع رُسمت عليه خريطة اتفاقية أوسلو وحدود المناطق الفلسطينية، بواسطة خرز زجاجي أحمر اللون غُرز في الصابون، إشارة للخريطة التي قسّمت المكان إلى عدد لا متناهٍ من المناطق الصغيرة غير المتصلة بعضها ببعض، فيما الخرز كان أشبه بمرض حلّ بالصابون.

تعلل حاطوم استخدامها للصابون: "أردت خلق عملٍ قابلٍ للزوال، وكان شعوري تجاهه شعوراً إيجابياً لأنني كنت أفكر بأن هذه الحدود السخيفة ستزول يوماً ما، وبعض الناس الذين جاءوا إلى المعرض استجابوا للعمل بالطريقة نفسها". وتضيف: " كان الناس يدخلون إلى المعرض، ينظرون إلى الصابون يشمّونه ويتعرفون عليه، ثم يبدأ الواحد منهم بالتحدث عن جدته أو جده وكيف كان الناس يستعملون الصابون في القرية. كان هناك تفاعل مع العمل على مختلف المستويات دون الاكتراث لمسألة إن كان هذا فناً أم لا، أو التساؤل عن الثقافة التي يمثلها. لقد كانت تجربة خيالية".

الفنانة ذات الجنسية البريطانبة تلفت إلى أن هناك لازمة تتكرر باستمرار في أعمالها، هي فقدان الثقة في استقرارية ما يحيطنا، وثبوت الأنظمة التي يُفترض أنها موجودة لتدعمنا. وتوضح: "القطع الفنية التي أخلقها تُذكّرنا بواقع الأشياء، إنها لا تحاول القول إن هذه الأشياء يجب أن تتغير وتعود إلى منفعتها أو الأمان والاستقرار الأوَّلي التي كانت عليه، إنها تحاول أن تدفعك للتفكير بهذه الأمور وتذكيرك بأن ثمة أموراً خفية تكمن خلف مظاهر الأشياء".

الثورة الفلسطينية 1936 انطلقت من مصابن نابلس
 
30-Oct-2008
 
العدد 49