العدد 49 - أردني | ||||||||||||||
خالد أبو الخير توماس جيفرسون، أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة والواضع الرئيسي للدستور الأميركي، وقع في غرام شجرة الزيتون عندما خدم سفيرا لبلاده في فرنسا. كان ذلك تحديدا في العام 1787 في عيد ميلاده الرابع والأربعين. جيفرسون الذي أصبح لاحقا ثالث رئيس للولايات المتحدة بعد الاستقلال، اختار، في عيد ميلاده، أن يرتحل على بغل في جنوب فرنسا باتجاه الشرق ليصل إلى إيطاليا. وكان هدفه أن يطلع على التجربة الإيطالية في زراعة حقول الأرز حتى يفيد منها أبناء شعبه. لكن شجرة الزيتون فتنته، فقال عنها إنها "هبة الطبيعة الأكثر إسعادا للإنسان" فطوال الطريق، شاهدها في كل أحوالها مزهرة ومثمرة. وفي كل مرة كان يدون معلومات عن حجم الشجرة وطرق زراعتها واستخلاص الزيت منها. أكثر ما لفت انتباهه فيها أنها كانت تعيل قرى بأكملها، فرأى آلاف القرويين يعتاشون منها، وأعجبه مذاق زيتها الذي "كان يحيل أبسط الأطباق من الخضراوات إلى وجبات غنية". وهنا تشكلت لديه رؤية بأن "يزرع كل عبد أميركي شجرة زيتون تقضي على عادة تناول الأرز المضرة بالصحة، والتي تزرع الحياة في يد والموت في يد أخرى". نظام الرق ظل سائداً في الولايات المتحدة منذ العام 1607 حتى 1865 عندما صدر التعديل الثالث عشر للدستور، الذي ألغى العبودية رسمياً. بأي حال، تحول شغف جيفرسون بالزيتون إلى "واجب وطني"، إذ عقد العزم على القيام بهذا الواجب في ولاية كارولاينا الجنوبية، التي تقع في جنوب شرق الولايات المتحدة على ساحل الأطلسي. أول حزمة من غراس الزيتون وصلت إلى ميناء تشارلستون في الولاية العام 1791. في العام 1804، وكان وقتها رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، تلقى أنباء بأن جنوب كارولاينا فشلت في زراعة الزيتون، فألقى باللائمة على "عدم مبالاة" أهل الولاية تجاه الشجرة. لكن الواقع أن الرطوبة العالية في بعض المناطق وموجات الصقيع العشوائية في مناطق أخرى من الولاية هي المسؤولة عن فشل زراعة الزيتون، التي لاقت نجاحا باهرا في ولاية كاليفورنيا على الساحل الغربي المقابل، والتي تتمتع بمناخ شبه متوسطي. وظل الأمل يحدو جيفرسون في أن يتمكن ببعض العقد التي نجت من "مستعمرة الزيتون" من تأسيس مزرعة منتجة. لكنه لم يتمكن من تحقيق حلمه. أما الزيتونة فظلت ملازمة إياه. فكان يحرص كل عام على استيراد 4 أو 5 غالونات من الزيت البكر الفرنسي ماركة Axis، فكان بمثابة "ضرورة من ضروريات الحياة" للرجل، شأنه شأن الكتب والنبيذ. |
|
|||||||||||||