العدد 49 - أردني | ||||||||||||||
تحسين يقين القدس - تنتظر الأوساط السياسية الإسرائيلية استجابة رئيس الدولة شيمعون بيرس لتوصية وزيرة الخارجية تسيفي ليفني بتبكير الانتخابات العامة في إسرائيل، بعد أن فشلت بعد حوالي شهر من مشاوراتها بتشكيل حكومة تطمئن لها في تنفيذ رؤيتها السياسية، إذ لم تنجح رئيسة حزب كاديما إلا بتجميع ائتلاف يشكل نصف أعضاء الكنيست، مما يعني تشكيل حكومة أقلية، لم تتحمس لها فضربت صفحا عنها. بيرس القادم أخيرا من لقاء قمة جمعه مع الرئيس المصري حسني مبارك، الذي استمع بدوره لبيرس حول مبادرة الأخير في إعادة فحص دولة إسرائيل للمبادرة العربية، وبمفاوضة العرب كافة في سياق البحث عن حل للقضية الفلسطينية، لن يجد أمامه خياراً إلا الاستجابة لتوصية ليفني، حيث يصعب تكليف منافسها على رئاسة كاديما شاؤول موفاز، لأن ذلك يناقض العرف الإسرائيلي، إضافة إلى أنه خلال مشاورات ليفني مع مستشاريها وطاقم كاديما كان وزير المواصلات وخصمها داخل كديما، موفاز، حاضراً وقد أثنى على الذهاب لانتخابات مبكرة. استحقاق الانتخابات لا يقل صعوبة عن مهمة تشكيل حكومة،كونها ستنافس من خلال حزبها في انتخابات لا تبدو سهلة. سوف تجد نفسها في مواجهة كل من إيهود باراك، وبنيامين نتنياهو رئيس حزب الليكود الذي يرى حزب كاديما مجرد حزب متمرد على الليكود، بل يجده حزبا يقود إسرائيل إلى تنازلات للفلسطينيين، لا يجدها نتنياهو ضرورية، بقدر ما يراها إرضاء للإدارة الأميركية. في هذه الأجواء، تتجه الدولة العبرية نحو انتخابات عامة ستجري إما في 27 كانون الثاني أو 17 شباط المقبلين. كما لا يمكن تكليف إيهود باراك، ليس لعدم كونه عضو كنيست فقط، بل لأنه هو الآخر غير قادر على القيام بمهمة تشكيل حكومة، فإذا كان باراك غير قادر على تشكيل حكومة مع ليفني، فكيف بحزبه منفرداً!!. تعرضت ليفني حتى قبل فوزها بقيادة كاديما بعد استقالة إيهود أولمرت لسلسلة من الانتقادات لشخصها، والتي شككت بقدرتها في القيادة لأسباب ذاتية، وأسباب لها علاقة بصراع كاديما مع الأحزاب، ونزاعه بالذات مع حزب شاس الذي كان ضمن تشكيل ائتلاف الحكومة المستقيلة، ومع مناورات حزب العمل. لعب حزب شاس دوراً حاسماً في إفشال مهمة ليفني بتشكيل حكومة أكثرية، لأسباب اقتصادية وسياسية، وهو ما تنبىء به تصريحاتها، فكان قرارها وقف المفاوضات الائتلافية نابعاً من أنه «ثمة حدود للابتزاز»، على حد تعبيرها في إشارة إلى المطالب التي طرحها حزب شاس،الذي أعلن في نهاية الأسبوع المنصرم رسميا أنه لن ينضم لحكومة قد تشكلها ليفني. «مصلحة الدولة» على رأس سلم أولويات ليفني كما قالت، لذلك سارعت في حسم موقفها عندما تعيّن عليها اتخاذ قرار بين استمرار الابتزاز وتقديم موعد الانتخابات، حيث فضّلت الانتخابات». بحسب ليفني فإن مطالب شاس، بما يتعلق بحجم زيادة مخصصات الأولاد وعدم إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين حول مستقبل القدس الشرقية، «تجاوزت كل الحدود» وأنه «ليس منطقيا الحضور إلى المفاوضات، والقول مسبقا أنه لا يمكننا الحديث حول موضوع معين. شاس يتحين الفرص بعد إعلان شاس، الجمعة 24 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، رفضه الانضمام إلى حكومة برئاسة ليفني حاول طاقم المفاوضات عن كديما، إجراء مفاوضات ائتلافية مع حزب المتقاعدين وحزب «ديغل هتوراة»، الذي يشكل جزءا من كتلة «يهدوت هتوراة» التي تمثل المتدينين اليهود المتشددين بهدف تشكيل حكومة ضيقة تتمتع بتأييد 63 عضو كنيست. سلم رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، تساحي هنغبي، المقرب من ليفني، اقتراحا إلى «ديغل هتوراة» يشمل زيادة مخصصات الأولاد وتمويلا للمعاهد الدينية التابعة له. لكن الحزب الديني رفض الاقتراح،خصوصاً أن انضمامه لحكومة ليفني سيؤدي إلى انقسام كتلة «يهدوت هتوراة»، ما يعني أن حزب شاس يتوقع أن يحوز أصواتاً أكثر، مما يجعله في موقف تفاوضي أقوى في حالة مشاركته في تشكيل حكومة ائتلافية. الكاتب ناحوم برنياع، يرى أن القرار الذي اتخذته ليفني لإعادة التفويض الى الرئيس والدعوة للانتخابات، أعاد لها بعضا من المبادرة،" يمكنها أن تخرج الى الحملة الانتحابية وهي مسلحة بذخيرة أخلاقية: "كلهم مبتزون، كلهم يفكرون بمصلحتهم الخاصة، أنا وحدي الوطنية. أعطيتهم ما يمكنني، الكثير من المال، الكثير من الاحترام. لكنهم أرادوا أكثر". عودة إلى استطلاعات الرأي! وسائل إعلام إسرائيلية أفادت بأن استطلاعات رأي أجراها حزب كديما، ولم تنشر، تدل على احتمالات تفوقهاعلى رؤساء أحزاب أخرى خصوصا رئيس الليكود، نتنياهو. لذلك فهي غير خائفة من منافسيها. لكن على خلاف استطلاع كاديما، يقدر محللون إسرائيليون أن الرابح الأكبر من قرار وقف المفاوضات الائتلافية والتوجه لانتخابات مبكرة هو نتنياهو، الذي تُظهر استطلاعات الرأي أنه يتمتع بشعبية كبيرة،وأن معسكر أحزاب اليمين سيكون الأقوى في الانتخابات العامة المقبلة. في هذه الأثناء يعود رئيس الحكومة المستقيل، أيهود أولمرت، إلى صدارة الواجهة السياسية في إسرائيل، وسيبقى رئيس حكومة تصريف أعمال حتى تشكيل حكومة جديدة بعد ثلاثة أو أربعة أشهر. وسيواصل أولمرت خلال هذه الفترة محاولاته تحقيق إنجاز سياسي، مثل «اتفاق رف» مع الفلسطينيين أو اتفاق مبدئي مع سورية، قبل خروجه من الحلبة السياسية ليواجه محاكمة جنائية حول شبهات تورطه بأعمال فساد، لكن اولمرت سيواجَه بمعارضة قوية إذا أبرم اتفاقاً ما، كون حكومته ضعيفة ولا ينبغي لها اتخاذ قرارات مصيرية. ويلاحظ البعض أن تبكير موعد الانتخابات يعني بقاء اولمرت في أداء مهامه كرئيس وزراء، وفي وضع أفضل. وهو رغم إلغاء لقائه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيستأنف المحادثات معه، وسيفحص إمكانية عقد مؤتمر سلام إقليمي، وقد يقصد واشنطن في كانون الأول المقبل ويلتقي الرئيس الأميركي المنتخب، وهو ما يؤكد ما ذهب إليه محللون إسرائيليون عشية فوز ليفني برئاسة كاديما وتكليفها بتشكيل حكومة، حين ذكروا أن اولمرت سيستغل تأخر التشكيل، أو فشل تشكيلها لإنجاز اختراق تفاوضي مع الفلسطينيين. توقعات ووعود! يرى الكاتب الإسرائيلي ناحوم برنياع بأن «الانتخابات كفيلة بتوليد حكومة وحدة اقتصادية، تستند الى الأحزاب العلمانية الثلاثة، في رأس مثل هذه الحكومة ستقف ليفني أو نتنياهو، أما العمل فسيأتي في الخلف. مثل هذه الحكومة ستجد صعوبة في أداء دورها في الساحة السياسية، لكنها ستصد بسهولة مطالب الأصوليين بمزيد من الميزانيات. حزب شاس الذي يتوقع أن يحوز أصواتاً أكثر، بعدما أظهر للرأي العام المتدين وللطبقات الفقيرة حرصه على مصالحها،مما يجعله في موقف تفاوضي أقوى في حالة مشاركته في تشكيل حكومة ائتلافية. ويبدو أن الأجندة الاقتصادية هي التي ستكون حاسمة هذه المرة في انتخابات الكنيست. ينسجم ذلك مع ما يحدث في العالم اليوم من مشاكل مالية طالت في جزئها الأكبر الولايات المتحدة كأكبر مانح لإسرائيل، أما القضية الفلسطينية والتفاوض مع الفلسطينيين فلا يبدو أنه يشكل كبير اختلاف بين الدعايات الانتخابية، خصوصا أن الانتقال للانتخابات المبكرة لم تكن المفاوضات مع الفلسطينيين من دواعيه، حيث ينجرف غالبية الإسرائيليين في مد يميني، رغم ما يعلنه بيبي نتنياهو عن تميزه صباح مساء. |
|
|||||||||||||