العدد 8 - اقليمي | ||||||||||||||
كان الانتصار الذي حققه جاكوب زوما على ثابو مبيكي، في التنافس على زعامة المؤتمر الوطني الإفريقي وهو التنظيم السياسي الذي قاد جنوب إفريقيا إلى استقلالها قبل أن يحكمها، مفاجئا حتى لأنصار زوما نفسه، ناهيك عن صدمة مبيكي الذي كان واثقا من الفوز، هو الذي كان الحصان الرابح للمؤتمر الوطني قبل بروز زوما. الانتصار الساحق الذي حققه زوما لم يأت من فراغ، فقد كان تعبيرا عن تغيرات عميقة في مجتمع جنوب إفريقيا وفي مستويات التمثيل السياسي في بلد يملك أقوى اقتصاد في القارة الإفريقية، وذلك بغض النظر عن حقيقة أن زوما متهم بالفساد والاغتصاب، فهو أيضا كان من أبرز قادة المؤتمر الوطني الإفريقي، الذين كانوا رفاق السجن مع نلسون مانديلا لمدة عشر سنوات، وهذا يفسر إشادة مانديلا به ومباركته فوزه. ومن أبرز الدلالات السياسية لفوز زوما، أنه حقق فوزه الكاسح مدعوما من جانب النقابات القوية التي تضم نحو مليوني عامل، والحزب الشيوعي في جنوب إفريقيا، وهو أقوى التنظيمات السياسية في البلاد، والذي يطالب بتأميم شركة سولاس عملاق الطاقة والمناجم، والحصول على حصة لجنوب إفريقيا في شركة ميتال ستيل، أكبر منتج للفولاذ في البلاد. ووفقا لصحيفة “صندي تايمز” اللندنية التي اعتبرت فوز زوما بداية الطريق نحو نموذج زيمبابوي، فإن هذا الفوز يمثل صعود طبقة سياسية جديدة أكثر راديكالية، يعبر عنها زوما الذي ينتمي إلى قبائل الزولو ذات النفوذ الكبير في جنوب إفريقيا، حيث يتحدر من طبقة فقيرة وحيث لا تزال تعيش زوجاته الثلاث في مسقط رأسه في أرض الزولو. وعليه فإنه لم يحصل على درجة عالية من التعليم التي حصل عليها مبيكي مثلا، والذي تخرج من جامعة ساسكس البريطانية. وبحسب الصحيفة نفسها فإن الطبقات الفقيرة لم يكن لها نصيب من الازدهار الاقتصادي المستمر في البلاد. وتظهر بيانات صادرة عن معهد جنوب إفريقيا للعلاقات العرقية أن عدم المساواة الاجتماعية قد تعمقت في البلاد، بحيث زاد عدد المواطنين الذين يعيشون على دخل مقداره دولار في اليوم الواحد عن الضعف خلال الفترة من 1996 و2005، وهي أرقام وصمها مبيكي بالكذب. غداة فوزه، وجه زوما حديثا عاطفيا للشعب أعلن فيه أنه راغب حقا في مساعدة المرأة الريفية، وأكثر الفئات فقرا في البلاد، ما يعطي تسلمه لقيادة المؤتمر الوطني الإفريقي طابعا أكثر راديكالية مما هو في الواقع. فكثير من السياسيين، ومنهم القس ديزموند توتو، يرون أن المشكلة ليست في مجيء زوما، بل في أن الخيارات انحصرت في اثنين هما زوما ومبيكي، والسبب هو وجود مبيكي على رأس القيادة السياسة في البلاد، الذي سيبقى رئيسا للبلاد حتى شهر أيار 2009، ووجود زوما في قيادة المؤتمر الوطني الإفريقي، ستنشأعنه ازدواجية طالما رغب السياسيون في جنوب إفريقيا في تجنبها، وهذه واحدة من عدد كبير من المشاكل من المقدر أن تواجهها جنوب إفريقيا خلال العام 2008. ص. ح |
|
|||||||||||||